توقيت القاهرة المحلي 13:57:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تماس الخطوط المتوازية: السعودية وإيران وتركيا

  مصر اليوم -

تماس الخطوط المتوازية السعودية وإيران وتركيا

بقلم: أمل عبد العزيز الهزاني

من الذي يملك مقابس النور والظلام في منطقة الشرق الأوسط، ويمتد تأثيره لكل البلدان العربية؟ هذا سؤال مهم ونحن نعيش في منطقة لاهبة، مشحونة بأخبار يومية مليئة بالمآسي الإنسانية. الفراغ السياسي الذي كان في المنطقة قبل 2011 امتلأ بثلاثة أقطاب بعد ثورات أفرزت وفرزت قوى شرق أوسطية تتصدر المشهد اليوم. ولا يمكن أن تشكل هذه القوى مثلثاً، لأنها في الحقيقة لا تتقاطع، بل تسير بالتوازي مثل خطوط القطار، ولكل منهم محطاته وركابه، هذه الأقطاب هي: السعودية، إيران، وتركيا.
يهيأ لي أن رجب طيب إردوغان، رئيس تركيا، ينشر على طاولته كل ليلة خريطة المنطقة العربية، ويختار الأرض التي تبدو له رخوة وسهلة الاختراق، ويجيّش مستشاريه لتحريك الوسائل من فوق الطاولة، ومن تحتها لتمرير وتبرير غزوه، ثم يلتحف الخريطة وينام ليحلم بالنهاية السعيدة، وعلى رأسه تاج الخلافة. هو مؤمن بأن الأوان آن، والفرصة لن تتكرر. وقد تجرأ فبدأ بمصر، وظن أنها في جيبه بعد ثورة يناير (كانون الثاني) التي يحتفل بذكراها المصريون المتفائلون هذه الأيام بأنها كانت حتمية للوصول إلى مصر اليوم، ويتذكرها الغاضبون بندم وحسرة، كما قال عنها أحد أشهر أيقوناتها الشاب وائل غنيم: «كنا غلطانين». إردوغان كان يظن أنه امتلك مصر بعد الثورة، وبعد أن زارها لينصح أصدقاءه، جماعة «الإخوان المسلمين»، بأن يحذوا حذوه في سياسة حكمهم. ولم تستمر أفراحه سوى عام واحد، ومن يومها بدأت تتكشف شخصية الرجل الذي كان قدوة في الإسلام المعتدل والقوة الاقتصادية والانفتاح، وكان ينتظره كرسي في الاتحاد الأوربي، بأنه تاجر طماع، عاجز عن كبح شهيته وإخفاء أطماعه في البلدان العربية. وقد حلم بسوريا فتحول حلمه إلى كابوس، ولم يعد يريد منها إلا السلامة من أعدائه الأكراد في الشمال. وأراد ليبيا، وعزز لجماعة «الإخوان المسلمين» وجودهم على شكل عصابات، فخرج له من القمقم شخصية مهيبة هو المشير خليفة حفتر، وقاد جيشاً وطنياً أجهض كل مخططاته. ولا يزال يمنّي نفسه بليبيا النفط وليبيا البوابة الغربية لمصر، حتى صدمته ممانعة أوروبا ومن ثم تونس والجزائر.
القطب الثاني إيران، صاحبة أكبر مشروع استعماري في المنطقة، وهو الثورة الخمينية. التهمت العراق ولبنان وسوريا، وعينها على اليمن. وإذ نشهد اليوم هذا الحراك الشعبي الكبير ضدها في العراق ولبنان، مع تهاوي اقتصادها بسبب العقوبات الأميركية، فإنها تقاوم أيضاً سقوط نظامها في الداخل، لأنه وصل في منحنى النمو إلى الأسفل، وبات ضعيفاً منقسماً على نفسه للمرة الأولى منذ الثورة في القرن الماضي. ومع أن تركيا وإيران تبدوان على وئام، والتبادل التجاري بين البلدين كان قبل العقوبات يصل إلى 40 مليار دولار سنوياً، ولا تزال العلاقة حميمية، كما يعلن الجانبان، إلا أن سر هذا التقارب المزيف هو محاولة إضعاف الطرف السعودي، القطب الثالث، التي تقف في مواجهة معلنة، وشبه معلنة أمام الطرفين.
تاريخياً، العداء بين الصفويين والعثمانيين معروف، لكن الخلاف بينهما على المستقبل أكبر، لأن الطرفين يتنافسان على الهيمنة على المنطقة العربية. تكتيكياً، هذا الاتحاد بينهما مرده وحدة الهدف ضد المملكة. لماذا؟ ليس للأسباب القديمة التي نعرفها فقط؛ أي أطماع التوسع والسيطرة، بل واستجد خوفهم من كلمة قالها ولي العهد السعودي، قبل أكثر من عام، بأن منطقة الشرق الأوسط ستكون أوروباً الجديدة.
هذه العبارة مبهجة للإنسان الطبيعي، لأنها تعني الحياة الكريمة، والرفاهية، والتمدن، لكنها في الوقت نفسه تهديد صريح لمنافع المتطفلين. تركيا وإيران لا تريدان شرق أوسط متطوراً، لأن التطور عدو للجهل الذي يتكئون عليه لشراء ذمم المواطنين ضد أوطانهم، وتهدد الفوضى التي يستقوون من خلالها. السعودية لا تنوي غزو أي بلد لتطويره، لكنها تدعو الجميع ليشاركوها قفزاتها، يحلم الأمير محمد بشرق أوسط جديد، مزدهر ومتنور، مدفوعاً بتفاؤله بالسعودية الجديدة، وجهود مصر وازدهار الإمارات، وطموح الكويت والأردن. لأول مرة يحصل الشرق الأوسط على حلم جميل، كل النوايا ضده كانت شريرة وانتهازية. هذا يجيب عن سؤال مذيعة قناة «سي إن بي سي»، هادلي غامبل، عندما طرحت سؤالاً على وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير في معرض حوارات منتدى دافوس الأخير: لماذا يختلقون الاتهامات ضد السعودية وقيادتها؟ هل بسبب وضعها الجديد، وكونها الدولة المضيفة لقمة العشرين؟ الوزير الدبلوماسي أجاب: إننا نشهد إصلاحات كبيرة اقتصادية واجتماعية، ندعم المرأة والشباب، ونستقبل رواد الأعمال من الخارج، ما يدل على ثقة الناس في الداخل والخارج، وهذا دفع البعض لمحاولات الإساءة لصورة المملكة.
في الملخص نقول إن الأقطاب الثلاثة الأكثر تأثيراً في الشرق الأوسط مكشوفة سياسياً واقتصادياً وثقافياً، وبضاعتها معروضة، إما الارتزاق بالخيانة، والعمالة لأعداء الوطن لخلق الفوضى وتمكين الغزاة، أو النحو باتجاه المستقبل الواعد المستقر والانشغال به.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تماس الخطوط المتوازية السعودية وإيران وتركيا تماس الخطوط المتوازية السعودية وإيران وتركيا



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:52 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ميس حمدان تصرح الظهور كضيفة شرف لا ينتقص من مكانتي الفنية
  مصر اليوم - ميس حمدان تصرح الظهور كضيفة شرف لا ينتقص من مكانتي الفنية

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 13:37 2020 الأحد ,24 أيار / مايو

الفيفا يهدد الرجاء المغربي بعقوبة قاسية

GMT 12:48 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 19 مايو
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon