توقيت القاهرة المحلي 11:15:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الثلث المعطل» خطر جديد يواجه العراق

  مصر اليوم -

«الثلث المعطل» خطر جديد يواجه العراق

بقلم - مينا العريبي

دخل العراق عامه العشرين من الفوضى السياسية؛ سقوط النظام إثر حرب مارس (آذار) 2003، تفكيك مفاصل الحكم في البلاد، صياغة دستور تتضارب عدد من بنوده، عدم وضع إطار سليم للفيدرالية، وغيرها من تطورات ساهمت في خلق فوضى طالت المجالات العامة كافة. لم تحل تلك الأحداث صدفة، بل ضمن سياسة ممنهجة لإضعاف الدولة المركزية. هذه الظروف أعطت الأحزاب السياسية ومن بعدها الميليشيات المسلحة فرصة للتمرد على الدولة، مثل إطلاق صواريخ على منزل القائد العام للقوات المسلحة، كما حدث مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ولم يحاسب من كان وراء الهجوم على الرغم من الوعود الرسمية بالمحاسبة.
واليوم، بعد إجراء 5 انتخابات تشريعية تتراجع نسبة مشاركة الناخبين فيها، دورة تلو أخرى، العراق يتجه نحو أزمة دستورية جديدة. فشل تحقيق النصاب المطلوب من ثلثي نواب البرلمان (220 نائباً من مجموع 329 نائباً) في جلسة يوم السبت الماضي ليس مفاجئاً، لكنه مقلق. الهدف كان عدم السماح بوجود عدد كافٍ للتصويت على تسمية رئيس الجمهورية والدفع باتجاه تشكيل حكومة بعد أكثر من 5 أشهر من إجراء الانتخابات. مسرحية توافد النواب العراقيين المعارضين للتحالف الأكبر إلى منزل رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، بدلاً من حضورهم تحت قبة البرلمان والقيام بعمل المعارضة السياسية الجدية، يدل على رفض هذه الأطراف الانخراط ضمن الآلية الدستورية وإصرارها على الالتفاف على العملية السياسية، والهدف إضعاف الدولة. نشر الصور من منزل المالكي وإدلاء التصريحات من قِبل هؤلاء النواب كان هدفه الإعلان عن قدرة المالكي وأنصاره على عرقلة العملية السياسية ولكن من دون احترام الناخب وطرح الرؤى في البرلمان، وهو المكان الذي يجب أن يكون مسرحاً لطرح هذه القضايا.
لا شك أن هناك مآخذ على «ائتلاف إنقاذ الوطن» الذي يشمل التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني و«تحالف السيادة» ولكن في النهاية، احترام نتائج الانتخابات والدستور يعني احترام التكتل الأكبر في طرح مرشحيهم للتصويت. ومن ثم يجب أن تكون عملية التصويت رسمية لقبول أو رفض المرشحين. ومن يعمل على منع ذلك يعني أنه لا يؤمن بنتائج الانتخابات والدستور.
تعيد المرحلة الحالية إلى الأذهان عام 2010 عندما تمرد نوري المالكي وحلفاؤه على الدستور، بدعم أميركي. حينها، وعلى الرغم من حصول رئيس الوزراء السابق إياد علاوي على أكبر عدد من الأصوات، خرج المالكي وحلفاؤه بمناورة استطاعوا من خلالها الإعلان عن «الكتلة الأكبر» وتسمية مرشحهم المالكي للمنصب. وكانت تلك الحقبة الأصعب في العراق وأدت في النهاية إلى سيطرة «داعش» على نحو ثلث الأراضي العراقية.
العمل على تشكيل حكومة عراقية لا تشمل جميع الأطراف السياسية، على غرار ما حدث في السابق، تطور مهم. حكومة أغلبية سياسية، متعددة الأطياف والتوجهات، أسلم بكثير لمستقبل البلاد من حكومة أغلبية مبنية على طائفية؛ إذ على الفائزين في الانتخابات أن يتقدموا بتشكيل حكومة والخاسرين أن يعملوا كمعارضة تخدم مصالح البلاد ومحاسبة الحكومة. هذا لا يعني أن تكون الحكومة مشكلة من وجوه سياسية، بل يجب طرح شخصيات ملمة بالقضايا المتعلقة بالحكم. ولكن في العراق الخطر الأكبر هو تحول الخاسرين لمعارضة مسلحة إن لم تحصل على حصة في السلطة. التلويح باستخدام القوة من بعض الميليشيات يجب أن يؤخذ على محمل الجد، ويجب أن تكون القوات المسلحة الوطنية مستعدة لحماية السلم الأهلي وسيادة القانون.
رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر يحاول أن يخلق قوة شيعية إسلامية مختلفة عن الإطار التنسيقي الذي لا يخفي ولاءه لإيران والتزامه بها. بالطبع، الإطار التنسيقي يدعي أن الصدر ومن يتحالف معه يريد «شق الصف الشيعي». هذا الطرح مرفوض، فالمنافسة السياسية لا تعني شق أي طائفة من الطوائف وعلى الرموز السياسية والدينية الوطنية أن تخرج وتتحدث بوضوح ضد استخدام الطائفة لتأجيج الفتن.
«الثلث المعطل»، هذه البدعة السياسية التي غرستها إيران في لبنان عبر «حزب الله» تريدها أن تتغلغل في ساحة أخرى. الإطار التنسيقي بالطبع لا يستخدم عبارة «الثلث المعطل»، بل يتحدث عن «الثلث الضامن»، ولكنه في الواقع يريد استخدام «الفيتو» على قرارات البرلمان والحكومة. هذه الظاهرة تهدد العراق وقدرته على السير قدماً في وقت يعاني فيه من أزمات اقتصادية وسياسية تحتاج إلى عمل جدي وقرارات واضحة وراسخة. على الأطراف السياسية العراقية والدول المهتمة بعراق مستقر أن تعمل كل ما تستطيعه لعدم السماح لـ«الثلث المعطل» بأن يصبح عثرة في مسار العراق. وهناك مسؤولية على النواب المستقلين والأحزاب الأصغر أن تتحالف لمنع ظاهرة «الثلث المعطل».
الصراع على السلطة بين الأطراف السياسية في العراق، هو هذا، صراع على السلطة، وليس صراعاً على رؤى مستقبلية للبلاد. كل من يناقش التطورات والتكهنات حول تشكيلة الحكومة السياسية يتحدث عن أسماء سياسيين وتحالفاتهم الإقليمية، ولكن نادراً ما تطرح التوجهات السياسية أو البرامج الحكومية التي تمثلها تلك الشخصيات وأحزابها. النظام السياسي هش، لكنه في مرحلة قد ينكسر ولا أحد يعلم ما الذي يمكن أن يؤدي إليه ذلك الانكسار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الثلث المعطل» خطر جديد يواجه العراق «الثلث المعطل» خطر جديد يواجه العراق



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon