توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

2023 والتنجيم السياسي

  مصر اليوم -

2023 والتنجيم السياسي

بقلم: يوسف الديني

ثقافة التنبؤات ثقافة راسخة في كل العالم وحتى في تراثنا العربي والإسلامي رغم أن موقفه واضح ومتحيّز للعقلانية «كذب المنجمون ولو صدقوا»، لكن الرغبة الدفينة في معرفة المستقبل دفعت عدداً من السياسيين القدماء وحتى المحدثين إلى الرغبة في قراءة ما سيحدث، إما بدافع التحرّك والتعاطي معه أو بهدف قراءة سياق صيرورة التاريخ، والأكثر في التراث البحث عن استمرارية الشرعية في ظل أجواء مضطربة جداً... التحليل السياسي اليوم يختلف كثيراً، فقد بدأ يأخذ شكل ما يسمى تجاوزاً «علم المستقبليات» وقراءة الخطوط العريضة للأحداث وفقاً للنتائج التي قد تدفع بها المقدمات التي سبقتها وإن كانت غير يقينية أو دقيقة، وكثير من الكتاب والمحللين والباحثين السياسيين يقومون عادة بمثل هذه التوقعات في استشراف السنة الميلادية الجديدة، على الرغم من أن فكرة «التحقيب» الزمني تبدو غير عقلانية ومرتبطة أكثر بجوانب عاطفية تنظيمية منها إلى محددات للأحداث، وسبق أن استخدم سلاح التأويل خصوصاً مع العباسيين للآيات القرآنية أو للأحداث أو للإشارات، وصولاً إلى ما يسمى الكهانة والعرافة أو «علوم الخواص». وهناك العديد من الكتب الطريفة في التتبع التاريخي الكرونولوجي لهذه الظاهرة في التراث، لكنها تجلت اليوم بشكل كبير في الكتابات السياسية الجادة في العالم الغربي على خلفية حرب أوكرانيا وروسيا، وكان من أبرزها التوقعات المضادة كلياً لمحللين غربيين بارزين مثل ستيفن إم والت في «الفورين بوليسي» الذي يحرص على كتابة تحليل استباقي، لكنه هذه المرة كتب نظرة إلى العام الحالي (2023) من خلال نقد «التنجيم السياسي».

كانت التوقعات الغربية، أن بوتين لن يجتاح أوكرانيا، ومن توقع أي تحرك ظنه محدوداً للغاية لا يتجاوز حدود دونباس، كما توقع المحللون أزمة حادة جداً تصل إلى حدود المواجهة بين الصين وتايوان، لكن ذلك لم يحدث، وحتى ما قيل عن حملة شرسة اقتصادية تجاه الصين تشنّها إدارة بايدن لا تبدو بوادرها مواتية.
فيما يخص الصين، كان الاعتقاد السائد أنها ستعود بفائدة كبيرة من التعافي من تبعات أزمة «كورونا»، لكنها اليوم تعيش مواجهة حادة غامضة بأعداد مجهولة وضخمة، خصوصاً مع فشل سياسة الحالة الصفرية وعدم الاكتراث بمسألة المراقبة والتتبع والأرقام، وهو الشيء ذاته الذي كُتب لاحقاً من اكتساح روسي في أوكرانيا، لكن اليوم الجميع يتحدث عن مبالغة بوتين في تقدير قدرات المقاومة من قِبل الأوكرانيين.
على مستوى الشرق الأوسط، اعتقد المحللون، أن إدارة بايدن والمجتمع الغربي قادران على إدارة ملف إيران النووي وسلوكها في المنطقة بشكل أكثر جدية على خلفية فشل التعامل مع سيادة ملف الطاقة و«أوبك» والموقف السعودي الذي تميّز بتحييد هذا الملف ورفض تحويله أداة ضغط سياسي حتى مع زيارة بايدن، والشيء ذاته فيما يخص الزيارة التاريخية للرئيس الصيني التي لم تكن شكلية أو صورية، كما حاول المحللون الغربيون تقدير تحولات الأوزان السياسية وتوازنات القوى في المنطقة وسأم دول الشرق الأوسط وحلفاء أميركا من ازدواجية المعايير، لكن الأكثر خطورة كان ولادة تحالف دفاعي استراتيجي بين طهران وروسيا يمكن أن يهدد بشكل أكثر جدية الأمن في المنطقة ويعمّق الفوضى بغض النظر عن حالة الاستنزاف في الحرب الروسية – الأوكرانية، ومدى مساهمة أو ردة فعل الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وفيما يخص أوروبا فكل التوقعات بموقف ألماني حازم يغير المعادلة فوجئ الجميع بمهددات داخلية وصعود لليمين على نحو يستدعي القلق ليس في ألمانيا وإنما أوروبا بأكملها مع توقعات لا تنتمي إلى التنجيم بانفجار الهويات الفرعية وحتى عودة اليسار بأشكال مختلفة في ظل الركود الاقتصادي.
في إيران، بعيداً عن دعمها بوتين بالمسيّرات وقد تحدثت عنه في المقال السابق، اليوم هناك فشل لكل التحليلات والتنبؤات بأن العام الفائت كان فرصة لاتفاق نووي واضح ضمن خطة العمل الشاملة... اليوم، كل التقارير تتحدث عن صعود في حالة التسليح في إيران واهتمام كبير من قِبل ملالي طهران بالوصول إلى كميات كبيرة من التخصيب وتطوير القدرات النووية كجزء من ترحيل أزماتهم المتفاقمة في الداخل.
اليوم، المفترض أن ينشغل الكتّاب الغربيون وغيرهم بكشف حساب السنة والاهتمام بتصورات وتحليلات عقلانية لعالم يتجه إلى الرقص في مسرح اللامعقول، هناك أزمة مصداقية وحالة من اللايقين السياسي تجتاح العالم بدأت بالانسحاب من أفغانستان وتلتها أزمة أوكرانيا وروسيا، ثم هذا الارتباك الكبير للقوى الغربية الذي يتأرجح بين محاولة إنقاذ الاقتصاد ولو بشكل براغماتي وبين الانكفاء عن معضلات وأزمات العالم التي تتطلب ما هو أبعد من الشعارات أو حتى التوقعات الحالمة!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

2023 والتنجيم السياسي 2023 والتنجيم السياسي



GMT 03:46 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

شعب مالوش كتالوج!!

GMT 03:18 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الغباء المدمر

GMT 03:13 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

عندما قال كيسنجر: «أي شىء يتحرك»!

GMT 04:58 2023 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

أيها العالم.. استيقظ

GMT 04:53 2023 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

لماذا السيسي؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon