توقيت القاهرة المحلي 15:37:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دبلوماسية الطاقة: الدفء ليس مقابلاً للمناخ

  مصر اليوم -

دبلوماسية الطاقة الدفء ليس مقابلاً للمناخ

بقلم : يوسف الديني

هناك صخب لا تخطئه عين المراقب للأطروحات المتصلة بالمستقبليات في الولايات المتحدة، لكن الحديث اليوم لا ينقطع عن أسعار النفط والغاز، وارتباطهما بالتكلفة السياسية الباهظة لاستراتيجيات الإدارة الأميركية وتأثيرات ذلك على الانتخابات المقبلة.
وإذا ما تجاوزنا مسألة موسمية الجدل حول أسعار الغاز والنفط في بدايات الشتاء، إلا أن وقعه كان أكثر صخباً في مراكز الأبحاث والتقارير المستقلة ما بعد مؤتمر التغيير المناخي في غلاسكو وما بعده، مما أفرز ما يمكن وصفه بالعقلانية والاتزان تدشين مسألة الدبلوماسية السياسية والاستقرار والسيادة في ملف النفط وما يتبعها من خدمات لوجيستية، وفي الصدارة رؤية منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك بلس)، التي عبر عنها الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي، الذي طالب بضرورة الاعتراف بتنوع الحلول المناخية، وأن أمن الطاقة هو الركيزة الأساسية لما وصفه بمعركة التصدي لتغيير المناخ، وهو ما أكده مرة أخرى بعبارته الصارمة في إعادة مركزية النفط في أي تموضع للطاقة (Energy positioning)، مؤكداً مغالطة نبذ أي مصدر من مصادرها، فالجهود العالمية يجب عليها ألا تقوض أمن الطاقة وتعالج إشكالية المناخ بتقوية اقتصادات الدول بما يحترم خصوصيتها وسيادتها من دون إخلال بالأولويات.
هذه التصريحات الشارحة لأزمة ثنائية الطاقة مقابل المناخ أسست لما يمكن تسميته الدبلوماسية السيادية للطاقة، وهو الملف الذي واجه الكثير من الضغط والبلبلة في الأطروحات الغربية، لا سيما في صحافة اليسار وبعض الأصوات الديمقراطية في مرحلة الإدارة الجديدة التي تصور المسألة وكأنها منافسة محتدمة حول النفط مقابل إهمال المناخ مع شعارات سياسية تشبه إلى حد ما شعارات ملف الحقوق والأقليات... إلخ، والقائمة المنسدلة من تداخل البراغماتية السياسية مع المصلحة الاقتصادية الخاصة على حساب السيادة ومصالح الدول، خصوصاً «أوبك بلس» الذي يسمى من باب التشغيب والمناكفة السياسية التي تصل للابتزاز بــ«الكارتل النفطي»... منظمة «أوبك» تصر بكل عقلانية ورعاية للمصلحة على أن تبقى الأسعار كما هي أملاً في ارتفاعها، في حين أن أطروحات شعارات المناخ، ومنها «الاستدامة» مثلاً، تستبطن المزيد من النفط بأرخص ثمن، لكن البحث عن دفء الشتاء سيطرح هذه الأصوات الحالمة المزيد من الواقعية السياسية والنفطية، وهو ما نشهده عن أصوات أميركية تطالب بضرورة تدعيم النقص بفتح احتياط النفط الاستراتيجي تحسباً لأي أزمة مقبلة، كما أن أصواتاً أكثر حنقاً على استبدال الدفء بالاستدامة، لا سيما مع دخول أزمة الغاز الطبيعي المسال وتعقيدات نقله والممررات الآمنة التي تهددها الميليشيات، ومشروع ملالي طهران الذي تنعشه بعض تلك الشعارات المتسارعة لاتفاق نووي هش لا يشترط تغيير السلوك.
صحيح أن الأصوات الجمهورية الغاضبة في الولايات المتحدة تلقي باللوم على الإجراءات المتشددة حول مسألة الطاقة على حساب الشعارات الوردية في مسألة المناخ، إلا أن العبء الإضافي على الملف هو ما تناغم بين مجموعة «أوبك بلس» وعزف منفرد للدول الواقعة تحت عبء نقص الطاقة من خلال اتفاقيات أحادية في محاولة للعب دور أكثر واقعية في تحديات الآماد القريبة.
انتصار «أوبك بلس» بقيادة السعودية هو أخلاقي واقتصادي في آن، وهي جديرة بالانتشاء، حسب تعبير «بلومبرغ»، بعد 18 شهراً من خفض الإنتاج في أحلك الظروف بسبب جائحة «كورونا»، ومن المرجح أن يرتفع الإنتاج إلى نقطة التعادل وذات المستوى ما قبل الأزمة، لكن في توقيت بالغ الأهمية والعالم يبحث عن دفء الطاقة بلا اكتراث بحرارة الشعارات والتصريحات.
الفخر كبير اليوم ليس فقط بمسار الأسعار بقدر الإدارة الخلاقة لأزمة «كورونا» على كل المستويات، ومنها النجاحات الكبرى على مستوى ملف الطاقة، حيث أوفت السعودية بوعودها وكانت عقلانية جداً في الزيادة التدريجية للحصص حتى في خضم حرب التصريحات الشرسة من قبل المستهلكين.
ستظل لعبة الأسعار والطلب خاضعة لتقلبات كثيرة ورهينة بعدد كبير من العوامل المؤثرة، إلا أن الثابت اليوم هو الرؤية الواضحة والدبلوماسية العقلانية في إدارة ملف الطاقة بمهارة عالية ووضوح مطمئن، وهو ما انعكس على ثقة مجموعة «أوبك بلس» بسياساتها حول راهنية سوق الطاقة اليوم التي تمضي بخطى ثابتة للحفاظ على الانتعاش ما بعد حقبة «كورونا».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دبلوماسية الطاقة الدفء ليس مقابلاً للمناخ دبلوماسية الطاقة الدفء ليس مقابلاً للمناخ



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر

GMT 09:01 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

ليلى طاهر تعلن اعتزالها التمثيل دون رجعة

GMT 21:32 2021 السبت ,04 أيلول / سبتمبر

أفكار لتنسيق السروال الأبيض في موسم الشتاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon