توقيت القاهرة المحلي 10:03:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشرق الأوسط2.0: نداء للعقلاء في الغرب

  مصر اليوم -

الشرق الأوسط20 نداء للعقلاء في الغرب

بقلم:يوسف الديني

آن الأوان للعقلاء في المؤسسات الغربية الكبرى، خصوصاً مراكز الأبحاث وخزنات التفكير والشركات الاستشارية ذات الطابع السياسي، أن تطلق حملات تصحيح وإعادة فهم للمنطقة على طريقة التحديث الذي تتطلبه عادة المقاربات الاقتصادية والتكنولوجيا وإدارة الأعمال التجارية. فهم الشرق الأوسط يعد ضرورة اليوم ملحة، لأن واحدة من أكبر المشكلات التي تطرحها الأزمة العالمية اليوم التي كثفها النزاع الروسي الأوكراني- الغربي هو طريقة بناء التواصل بدءاً من التحالفات، ووصولاً إلى طلب الدعم في ملف الطاقة من دون تحرّك في الحقوق والواجبات التي تفرضها «التحالفات العادلة»، والمبنية على أساس احترام السيادة.

هناك معلومات مضللة كبرى تنشرها التقارير الصحافية الغربية والأميركية بشكل خاص حول مسائل جوهرية في العلاقة مع دول الشرق الأوسط وفهم مجتمعاتها، وصولاً إلى نقطة ملحة اليوم فهم طبيعة مواقف المجتمعات العربية والدول من النزاع وتأثيرات ذلك على الصورة الكبرى، خصوصاً في ملف ازدواجية المعايير الغربية التي بدت واضحة في مسألة المقاربة مع مخرجات الأزمة الأوكرانية، وسرعة التدخل والعقوبات واللاجئين التي بدت أشبه بعداء سريع، في مقابل أداء كسيح ومترهل فيما يخص ملفات المنطقة، وعلى رأسها تجحيم وعقلنة السلوك المتهور للمشاريع المقوضة للسيادة والاستقرار، كما هو الحال مع مشروع ملالي طهران أو حالة الفراغ الهائل التي خلقها الانسحاب الكبير من أفغانستان.
لا أحد يمكن أن يتجاهل حجم التأثير الهائل للمحتوى الغربي المتمثل في الصحف الكبرى ومنصات التواصل الاجتماعي، والمواقع ذات المصدر المفتوح، وصولاً إلى المنتجات الترفيهية المدفوعة والمجانية، لكن هذا التأثير وتصاعد الحضور يخص كل الملفات باستثناء الملفات السياسية والقصص التي تتصل عن التصورات والقيم والثقافة والخصوصيات ومحاولة استنبات نماذج ومفاهيم هجينة، وبشكل شبه قسري، مما يدخل تحت هيمنة ثقافة الاستيقاظ (Woke culure) وحركته التي تحاول فرض سطوتها الإعلامية مدفوعة باليسار الثقافي المهمين على الداخل الأميركي بالدرجة نفسها من الخارج.

اليوم هناك ردة فعل عكسية لا يمكن أن تخطؤها عين المراقب والمحلل للمحتوى المضاد استيقاظ الهويّات الوطنية، والعودة للجذور، مع الاستفادة من الخبرات والنماذج العالمية وهو ما يعرف اليوم بـ«Glocal» أي المحليين العالميين، وربما بسبب ارتفاع منسوب التعليم النوعي والالتصاق المباشر بالثقافة الغربية لدى المجتمعات الخليجية، وخصوصاً تجربة الابتعاث في السعودية ساهمت في ولادة أجيال من الذين يملكون أدوات إنتاج وتحليل غربية، لكن بمعطيات وإيمان صلب بالوطن والدولة ورؤية 2030، التي بدت لهم مع مهندسها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كالمخلص في زمن ارتباك المشاريع والهويات واستهداف السيادة، ولذلك نجد ردة الفعل تجاه أي خطاب يمسّ الرؤية أو القيادة السياسية أو المجتمع يحظى بردود أفعال كبيرة على منصات السوشيال ميديا يقودها شباب مستقلون، ومجتمع محلي كامل يمارس حقه في الدفاع، مما أربك المحللين الغربيين، ظناً منهم أن ذلك يعود إلى حملات منظمة، وقل مثل ذلك في نماذج وبلدان كثيرة في الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية وشمال أفريقيا، الجميع يعيش فترة صعود هويّات وطنية لديها حساسية مفرطة تجاه الابتسار والتبسيط الغربي في فهم تحولاتها وتطورها، وعدم قدرته على الخروج من شرنقة الصور النمطية Stereotypes)).
هل هناك أزمة مصداقية غربية عرّتها المقاربة للنزاع الأوكراني الروسي؟، الجواب بالتأكيد نعم، يكفي أن نعود فقط لإحصاءات الأرقام من نشرات الأخبار إلى حيز الاهتمام الذي تطرحه إحصاءات السوشيال ميديا، باهتمام مثلاً الداخل الأميركي لما جرى في أوكرانيا، بالمقارنة بما حصل في سوريا مثلاً من اللاعب نفسه «روسيا بوتين»، بغض النظر عن السياقات والخلفيات السياسية، لا يمكن المقارنة، وفي الوقت ذاته السكوت عن كوارث في حالة الدعم للقضية الأوكرانية، وإن كانت عادلة بدءاً من الصمت عن مجاميع المقاتلين المرتزقة، وتسهيلات دخولهم، وصولاً إلى موضعة وتوصيف الميليشيات النازية أو اليمينية، أو تسييس المجالات الأخرى من الرياضة إلى العلامات الترفيهية، وسلاسل المطاعم في روسيا، أو التي يملكها رجال أعمال روس في الخارج، وفي ورقة نشرتها نا بورشيفسكايا الخبيرة في «برنامج مؤسسة دايين وغيلفورد غليزر»، حول «منافسة القوى العظمى والشرق الأوسط».
العديد من الأمثلة الأخرى التي تعالج الفكرة نفسها في مجال التغطيات من الشرق الأوسط والصين، من المقالات إلى الرسوم الكاريكاتورية وصولاً إلى الميمز - Memes (التصاميم الرقمية الساخرة).
اليوم الولايات المتحدة والغرب بحاجة إلى إعادة بناء الدبلوماسية الرصينة، التي تقوم على تحديث مقاربة فهمها للمنطقة، وتحولاتها وهمومها وشواغلها بعيداً عن الكليشيهات الجاهزة.
من دون ذلك سيتضخم هذا النقد اللاذع العفوي الذي ينمو كالنار في الهشيم تجاه الغرب، والازدواجية بين القيم والشعارات وتطبيقاتها على كل ملفات العالم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرق الأوسط20 نداء للعقلاء في الغرب الشرق الأوسط20 نداء للعقلاء في الغرب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon