توقيت القاهرة المحلي 12:58:36 آخر تحديث
الثلاثاء 4 شباط / فبراير 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

مصالح متقاطعة: ترمب والشرق الأوسط

  مصر اليوم -

مصالح متقاطعة ترمب والشرق الأوسط

بقلم : يوسف الديني

هناك الكثير من اللغط والتكهنات حول مقاربات ترمب في نسخته الثانية كما توصف عادة، وهي نسخة تتسم بحالة اللايقين السياسي رغم ما تبدو عليه من نضج وثقة وربما الاندفاع، عطفاً على مكتسبات الداخل وتصريحات الأيام الأولى، والتي هي في العادة تهدف إلى طمأنة الناخبين والأنصار وتجديد الوعود السياسية، أكثر من كونها ملامح لرسم استراتيجية الأجندة الخارجية التي تحتاج إلى الوقت أولاً، ثم إعادة قراءة المشهد في منطقة الشرق الأوسط الذي يتسم بسيولة شديدة وتعقيدات إضافية لم تكن موجودة في النسخة الترمبية الأولى.

الأمر ليس بحاجة إلى تكهنات تجار الحقائب السياسية أو قنوات بيع «الدجل» السياسي والتنجيم بالمحتوى؛ لأنها في نهاية المطاف هي محاولات لتحليل سياسي رغبوي مبني على الأمنيات أكثر من كونها قراءة استشرافية.

تصريحات ترمب منذ فوزه ألحقها بعدد من الأوامر التنفيذية التي ركزت على وعوده الانتخابية للداخل حول ملفات الهجرة والتحولات المتصلة بما يُعرف بالهندسة الاجتماعية، إضافة إلى التغييرات الأساسية حول آليات عمل الحكومة الأميركية. وكانت الخطوة المثيرة للجدل عفوه الرئاسي عن عدد من المدانين من أنصاره ممن هاجموا الكونغرس (قرابة 1500)، والتي قرأها الداخل الأميركي كمؤشر أوليّ على الاتجاه الذي تسير نحوه السياسات الأميركية في ما يتصل بقضايا أساسية من عدم إنفاذ سلطات القانون وسيادته إلى الالتزام والنزاهة السياسية. وصحيح أنه من السابق التنبؤ بمسارات استراتيجية ترمب تجاه السياسة الخارجية بناء على الخطوات والخطابات الأولى ما بعد التنصيب، إلا أن المؤشر الأهم هو مسألة تسمية الشخصيات الأساسية في فريقه لمعالجة ملف الشرق الأوسط في وقت بدا مبكراً في الفترة الانتقالية بعد انتخابه، وعلى رأسهم مبعوث الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، والمرشح لمنصب السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي، والمستشار الأول للشؤون العربية والشرق أوسطية مسعد بولس، وربما كان ويتكوف معروفاً من خلال عمله الدؤوب مع إدارة بايدن في الأيام الأخيرة حول اتفاق وقف إطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل؛ المهمة التي ستكون معقدة وصعبة على مستوى الحفاظ عليها، خصوصاً مع التشاؤم الذي أبداه الرئيس ترمب نفسه في إجاباته للصحافيين حين قال: «إنها ليست حربنا. إنها حربهم. أنا لست واثقاً»، وأردف ذلك بإلغاء عقوبات أميركية على جماعة استيطانية متهمة بالعنف تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية، على الرغم من أن العقوبات كانت أشبه بالإجراءات الشكلية التي لم تساهم في تخفيف التصعيد المرشح للتنامي في الضفة، وستؤدي إلى تعقيد حالة الهشاشة في غزة، وهو ما يعني في المحصلة أن مشروع السلام الأوسع سيكون بعيد المنال، خصوصاً مع الإصرار العربي والعالمي الذي نجحت السعودية في خلقه وتكريسه والبناء عليه لـ«حل الدولتين» كخيار لا يمكن تجاوزه في مقاربة المسألة الفلسطينية - الإسرائيلية، والتي لا يمكن فصلها عن مسألة مشروع الاستقرار الأكبر في الشرق الأوسط الذي تسعى أيضاً الرياض إلى دعمه وتأسيسه عبر خفض التصعيد وأولوية التفاوض. وهنا يمكن قراءة هذه التكاملية في مقاربة الشرق الأوسط كملف شديد الاتصال بتخلي ترمب عن بريان هوك الذي شغل منصب مبعوث إيران في ولايته الأولى، واحتمالية أن يصبح ويتكوف المكلف بالعمل على الملف الإيراني، ويضاف إلى ذلك قراءة المواقف المتصلبة والتصريحات المتشددة من قبل كبار المسؤولين في الإدارة الجديدة تجاه إيران، ومنهم مستشار الأمن القومي مايكل والتز، ووزير الخارجية ماركو روبيو، خصوصاً في ما يتصل بالبرنامج النووي، وتوج هذا التوجه بإعادة تصنيف ميليشيا الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية.

وإذا كان ملف فلسطين وإسرائيل من جهة، وإيران والمشاريع التقويضية في المنطقة من جهة ثانية، هي التي يمكن أن تكون محط الاهتمام في قراءة تحركات ترمب الخارجية، فإن ملف السياسات الاقتصادية وملف الطاقة تحديداً سيكون واحداً من أكثر الملفات التي يتوقع الخبراء أن تكون موضع جدل واختلاف بين وجهات النظر؛ لأنها مبنية على مفهوم المصالح والشراكات؛ إذ إن هدف ترمب حول أجندة اقتصادية ذات نزعة قومية يتعارض مع الواقعية السياسية والبرغماتية والنضج الكبير الذي بلغته دول الخليج وفي مقدمتها السعودية، خصوصاً على مستوى تنويع شراكاتها وخياراتها الاستراتيجية في الملف الاقتصادي، حيث تمتاز الرياض رغم العلاقات الصلبة والمتينة بالمؤسسات الأميركية عطفاً على التجذر التاريخي للعلاقة، بقدرتها على لعب أدوار إيجابية في ملفات المنطقة الشائكة؛ بسبب تطويرها نموذجاً فريداً للاستقرار، وأجندة الشراكات، والنهج الخاص المبني على دعم الاستقرار والتنمية والاستثمار في المواطنة، والذي تطور بشكل كبير من خلال الثقة التي تحظى بها السعودية في أي مقاربة سياسية خارجية.

ويمكن القول إن ثمة مناعة صلبة تكونت في التجربة السعودية تميزها اليوم مع الولاية الثانية لترمب، بُنيت على ما حققته من نجاح كبير في تخطّي تحديات شائكة وصعبة من إدارة أزمة هجمات بقيق، إلى التعامل مع ملف اليمن، وتجنب المواجهة وخفض التوترات مع إيران وتغليب الدبلوماسية.

بعيداً عن التكهنات، نجح المشروع السعودي في موضعة الرياض (Repositioning) كلاعب أساسي في الشرق الأوسط قادر على توسيع نطاق الشراكات الاقتصادية والتأثير على مستقبل المنطقة التي تحتاج إلى دبلوماسية الثقة لا الشعارات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصالح متقاطعة ترمب والشرق الأوسط مصالح متقاطعة ترمب والشرق الأوسط



GMT 12:48 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

ترامب والقضية الفلسطينية

GMT 12:43 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

لا يمكن الإستخفاف بأحمد الشرع

GMT 12:42 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أحمد الشرع... صفات استثنائية

GMT 12:37 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

شروط ضرورية لنجاح البكالوريا

GMT 12:34 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

‎قراءة فى صورة الجيروزاليم بوست

GMT 12:33 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

درجات آرسنال ودرجة مرموش؟

GMT 08:50 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

صاحب الزاوية

GMT 08:49 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

الدخيل وشفافية الذكاء الاصطناعي

GMT 07:31 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

نتنياهو يسعى لتعطيل المرحلة الثانية من اتفاق غزة
  مصر اليوم - نتنياهو يسعى لتعطيل المرحلة الثانية من اتفاق غزة

GMT 12:28 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

سهر الصايغ تكشف الصعوبات التي تواجهها في رمضان
  مصر اليوم - سهر الصايغ تكشف الصعوبات التي تواجهها في رمضان

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 03:28 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

"الفيفا" يوافق على خوض الشرطة لقائه أمام نواذيبو في أربيل

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

3 أبراج يصعُب التعامُل معها أبرزها الحمل

GMT 02:41 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

حملة تنظيف مقابر المنوفية تكشف أسرار أعمال سحر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon