توقيت القاهرة المحلي 22:45:11 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استقرار السودان: الاستراتيجية السعودية للسلام

  مصر اليوم -

استقرار السودان الاستراتيجية السعودية للسلام

بقلم: يوسف الديني

استقر في وجدان السعوديين مبكراً أن المملكة العربية السعودية هي كما عبرت عنها فقرة كاشفة من كلمات أغنية وطنية مؤثرة: «عليها ومنها السلام ابتدا»، ولكن سياقها كمبدأ في السياسات الخارجية والرغبة الملحة السعودية في تكريس ما أصفها بـ«فضيلة الاستقرار»؛ أحد أهم مداميك الاستراتيجية السعودية النابعة من سلوك «الدولة العاقلة»؛ سياق وقصة يجب أن تروى مجدداً حتى لا تُنسى منذ «معاهدة الأخوة والتعاون الإسلامي» عام 1969 بين المملكة العربية السعودية وعدد من الدول الإسلامية، التي أسفرت عن تأسيس «منظمة التعاون الإسلامي» التي تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي، وتلتها رعاية سعودية بهدف الحفاظ على الاستقرار ومنطق الدولة منذ «اتفاق الطائف» لحل الأزمة اللبنانية الذي وضع حداً للحرب الأهلية الدائرة آنذاك... إلى رعاية «اتفاق الرياض» بين المكونات اليمنية 2014 عام، ثم حوار الداخل السوري الذي عقد في الرياض عام 2015 وشمل أكثر من 120 شخصية سياسية، ولا ننسى الحوار الوطني الليبي الذي عقد في جدة عام 2015 وضم عدداً من الأطراف السياسية والمجتمعية في ليبيا، ولا ننسى جولات عديدة للحوار بين الفرقاء في فلسطين كان أهمها حوار 2007 في أطهر بقاع الأرض مكة المكرمة، وتلته حوارات عديدة برعاية سعودية دون أي شعور منها متى ما رأت المناخ ملائماً للحوار من تكرار تلك الرعاية والاستضافة مجدداً كجزء من مرتكزات استراتيجيتها في مقاربة النزاعات والحرص على مصلحة الشعوب الذي بدا أيضاً في لحظات تاريخية فارقة أنه يميل إلى مصلحة الحفاظ على مكون الدولة أكثر من النظام، كما بدا في القبول بمآلات ونتائج ما حدث في الربيع العربي دون تدخل يمسّ رغبة شعب معين، وهذه أيضاً خصوصية سعودية بامتياز، إذا ما رأينا التدخلات المنحازة حتى في تشكلاتها وتطبيقاتها الغربية سواء في الغرب الأفريقي مع فرنسا أو الولايات المتحدة وأوروبا مع البراغماتية السياسية التي بدت في أكثر من موقع وتاريخ في مناطق من العالم خصوصاً في أميركا اللاتينية.

اليوم ما آلت إليه الأوضاع في السودان للأسف هو انقسام غير مسبوق بالمعنى الحرفي، حيث التداعيات لا تطال الجسد السوداني وإنما القلب منه وهو الجهاز الأمني، فالتشظي طال المؤسسة الواحدة إلى حد الاحتراب الذي يدفع ثمنه السودانيون ووطنهم غالياً، فمع كل تصدعات الربيع العربي إلا أن الدول التي استطاعت التجاوز ولو بشكل كامل كان عامل وحدة المؤسسة العسكرية شرطاً أساسياً.

وإذا كانت الثورات لا تتشابه والتاريخ لا يعيد نفسه، فالنزاعات والانقسامات المؤسساتية والأهلية أيضاً في كل مرة لها سياقاتها الخاصة ومنها في الحالة السودانية اليوم هو عدم ترجح الكفة لأي من الطرفين حتى الآن ووجود انقسام دولي وحالة لا حسم كما أن الداخل بأحزابه وسياسييه ونخبه يعكس الضحية مع عموم الشعب حيث ما زال محدود التأثير.

يد السلام السعودية اليوم ممدودة للفرقاء في السودان مع انطلاق المباحثات الأولية بين ممثلي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في جدة منذ يومين بهدف محاولة لوقف الحرب المندلعة منذ قرابة شهر والعودة إلى مسار العملية التفاوضية، بمشاركة المدنيين في ضوء مبادرة تقودها السعودية وتحظى بمباركة المجتمع الدولي.

لكن اليد الحانية اليوم أيضاً أكثر تعبيراً عن أهمية السودان مع إعلان مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أمس عن الحملة الشعبية لمساعدة الشعب السوداني، وتتضمن جمع التبرعات وتقديم مساعدات إغاثية وطبية للمتضررين.

التحدي الأكبر اليوم لدى طرفي النزاع في السودان وبشكل أساسي إنهاء نزف الدم والوطن وفرصة تاريخية أيضاً للأحزاب والفرقاء السياسيين نحو المسارعة بإعداد رؤية سياسية توافقية من شأنها أن تساهم في العودة بالسودان إلى الاستقرار متى ما ترافقت مع إنهاء النزاع العسكري، وعلى المصالحتين بين العسكريين والسياسيين أن تلتفتا إلى الشارع السوداني والشعب الذي عرف بكرمه وطيبته وجمال روحه بعيداً عن الغرق في تفاصيل المصالح الانتهازية.

السلام السعودي يراهن على تعافي وعودة السودان وشعبه الطيب سريعاً وهو مثل الزين الذي وصفه الراحل الطيب صالح في رواية عرس الزين: «يخرج من كل قصة حب كما دخل، لا يبدو عليه تغيير ما. ضحكته هي هي لا تتغير»، ويأمل العالم عبر الجهود السعودية أن يخرج كذلك ضاحكاً لم تغيره عواصف الأزمات المتكررة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استقرار السودان الاستراتيجية السعودية للسلام استقرار السودان الاستراتيجية السعودية للسلام



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon