توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

2023... نيتشه وزلازل الإرهاب والتطرف!

  مصر اليوم -

2023 نيتشه وزلازل الإرهاب والتطرف

بقلم: يوسف الديني

صدرت عن الأمم المتحدة تقارير عدة عن وضعية الإرهاب والتطرف والراديكالية المسلّحة، من خلال التهديدات التي يتعرَّض إليها الجانب المهمل من كوكب الأرض، القارة السمراء التي تعيش حالة من إعادة التجنيد وانتشار الحركات الإرهابية والتنظيمات المسلحة بأساليب تمويل جديدة، وأسلحة متقدمة وتهديدات للسكان المحليين، وتجنيد للأجيال الشابّة، إضافة إلى خلق مناخات لاقتصادات موازية تنافس الدولة المهشمة.
التقرير صدر قبل أسابيع عن المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب ومكتب مكافحة الإرهاب وفريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات، وجاء في محتواه ما يستدعي التوقف طويلاً للباحثين والخبراء في مسألة حالة التطرف حول العالم، ومن ذلك الاعتراف بأن الهزيمة على الأرض أو فقدان مناطق السيطرة والنفوذ، أو ما يتم التعبير عنه بـ«سقوط معاقل»، لا يعني نهاية التهديد الذي تشكّله هذه الجماعات المتطرفة.
من المسائل العالقة التي تناولها التقرير مسألة بقاء تدفق الموارد المالية والتجنيد، وهناك أيضاً ما يمسّ الجانب الإنساني. وقد تجلى مؤخراً في معضلة التعامل مع الزلازل التي ضربت تركيا وسوريا، خصوصاً في المناطق المعارضة للنظام، التي تعيش أوضاعاً مأساوية قاسية جداً، ولديها ما قبل الزلزال ملف عالق، وهو إعادة عائلات المقاتلين الأجانب وأطفالهم (بحدود 70 ألفاً فقط في الشمال السوري، وعشرات الآلاف من المقاتلين في السجون) إلى بلدانهم الأصلية، في ظل تردد وصلف بعض الدول الأوروبية في الاعتراف بالمشكلة، أو تحمّل مسؤولية الأفراد الذين ينتمون لها.
الإشكالية في مسألة مقاربة ملف عودة الإرهاب المسلح والتنظيمات المتطرفة، أن الأسئلة فيها تتجاهل مسألة أساسية جوهرية، وهي هل واقع هذه التنظيمات وقدرتها على اختراق البلدان سبب أم نتيجة؟! وفي هذه الحالة يمكن فهم المتغيرات حول ما يشبه «العود الأبدي» في تعبيرات الفيلسوف الألماني نيتشه، لكن من خلال انبعاث النشاط الإرهابي والعمل المسلح في كل مرة يتم إعلان نهايته، بسبب تجاهل كونه نتيجة لأسباب جوهرية على رأسها تراجع منطق الدولة، ومنسوب الاستقرار السياسي، والحد الأدنى من الاقتصاد الكفؤ القادر على تسيير حياة الناس ومعيشتهم، وقد لاحظنا تجول قادة الجماعات المسلحة في المناطق المنكوبة في سوريا، واستغلال حدث الزلزال في محاولة للعب دور السلطة، في حين أن الانتقادات للنظام ما زالت كبيرة على طريقة تعامله مع الأزمة، خصوصاً في مسألة مرور المساعدات الدولية وفتح المعابر.
التنظيمات تغير جلدها سريعاً بدءاً بملفات إعلان القياديين الجدد، «داعش» على سبيل المثال، من الهاشمي إلى القرشي، إضافة إلى البقاء على ملاءة مالية، رغم كل القيود الدولية على غسل الأموال والتحويلات، لا تزال كبيرة بسبب تقنيات الإتاوات، والاعتماد على الاقتصاد الموازي المحلي، إذ يقدر في «تنظيم داعش» للعام الحالي بنحو 60 مليون دولار، وهو الرقم الذي لا يشمل الحضور الكبير في العملات الرقمية المشفرة، الذي هرعت له أغلب التنظيمات الإرهابية، وتتعامل معه بشكل أساسي بسبب مرونته المصرفية العالية.
على مستوى السلاح، تحاول التنظيمات المسلحة والجماعات الإرهابية التي تتخذ من القارة الأفريقية مصدر إعادة انبعاث لها فهم التحولات الكبرى في توازنات الحروب، ومن يتابع اليوم المحتوى المنشور على منصات ومنتديات ومدونات «المتن المتطرف»، وهي أيضاً كثيرة ومنتشرة، وتتخذ مواقع بديلة وأخرى مشفرة، يدرك حجم حضور مسألة الدرونز والنقاش حول التسليح الجديد، والنقاشات حول هذا الموضوع.
المسائل الإنسانية أيضاً غائبة عن هذه التقارير الوظيفية إلى حد كبير، لكن الأزمات الكبرى التي يعيشها العالم، ومن بينها الكوارث الطبيعية تطرح أسئلة أخلاقية وإنسانية جادة حول المناطق المنكوبة، بسبب التحديات الطبيعية والمنكوبة، مرات بسبب سيطرة التنظيمات الإرهابية وهشاشة النظام، وغياب الاستقرار وانهيار الاقتصاد، حيث لا توجد رؤية واضحة أممية أو دولية لبرامج دعم ضحايا هذا الوضع من الأهالي والأبرياء من سكان تلك المناطق، الذين غالباً ما يكونون عُرضة للتجنيد القسري أو الطوعي، بسبب استمالتهم فكرياً أو مالياً، ومثل هذه الخطوة لا يمكن أن تتم من دون إعادة تفعيل رؤية دولية وإقليمية مبنية على التعاون والتكافل الذي رأينا بعضه في مسألة الزلزال، إلا أن عدم معالجة أوضاع تلك البيئات المهددة بالإرهاب في الظروف العادية، ينتج واقعاً مأساوياً وعبئاً إضافياً في أوقات الأزمات والكوارث، رأينا بعضه في إحجام كثير من المنظمات الإنسانية، وترددها في دخول مناطق التوتر؛ خوفاً على سلامة الأفراد من طواقمها الإغاثية، إضافة إلى انتشار الفوضى وسرقة المساعدات، والهروب من السجون الجماعية في أوقات الكوارث، وإعادة العجلة من جديد بسبب حالة الإهمال والتغاضي والسكوت الذي مع الوقت يحول مناطق كثيرة من العالم إلى بؤر انفجار وتصدير للأزمات متكرر، أشبه بذلك «العودة الأبدية» لنيتشه!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

2023 نيتشه وزلازل الإرهاب والتطرف 2023 نيتشه وزلازل الإرهاب والتطرف



GMT 03:46 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

شعب مالوش كتالوج!!

GMT 03:18 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الغباء المدمر

GMT 03:13 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

عندما قال كيسنجر: «أي شىء يتحرك»!

GMT 04:58 2023 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

أيها العالم.. استيقظ

GMT 04:53 2023 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

لماذا السيسي؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon