توقيت القاهرة المحلي 06:23:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ردع وكلاء الملالي في اليمن مسألة وجودية!

  مصر اليوم -

ردع وكلاء الملالي في اليمن مسألة وجودية

بقلم: يوسف الديني

منذ بدايات اختطاف الملالي للحالة اليمنية عبر ذراعهم الرعناء ميليشيا الحوثي الإرهابية، كان الخيار السعودي في التعامل مع التدخل والعبث الإيراني والخطر الإقليمي هو مواجهة هذا النفوذ عبر المؤسسات الدولية والتفاهمات الدولية مع القوى المؤثرة في المنطقة، لكن حدود العقلانية السعودية مرتبط بتحرك المجتمع الدولي تجاه إيران والمشكلات التي تخلقها في المنطقة، وأي حديث عن استقرار للمنطقة خارج كف اليد الإيرانية هو حديث مرفوض بعد أن تكشفت الادعاءات الإيرانية واللعب على خلط الأوراق، لكن على مستوى وصول العبث الإيراني إلى استخدام طائرات الحوثي المسيّرة وصواريخه إلى استهداف أمن ومستقبل المملكة والعالم، ومحاولة تهديد قلب صناعة النفط رغم الفشل، فإن مسألة ردع الحوثيين تجاوزت استعادة الشرعية إلى مسألة وجودية لا يمكن لأي دولة في العالم أو منظمة دولية أن تقف حيال حق السعودية الكامل والشرعي في الدفاع عن أمنها وأمن المنطقة مع إبقاء كل احتمالات العمل السياسي مفتوحة وفق رؤية محددة وواضحة من أجل مصلحة الشعب اليمني المختطف والمحاصر من قبل الميليشيا.
صواريخ الحوثي وطائراته المسيّرة التي يطورها ملالي طهران عبر خبراء «الحرس الثوري» هو انتهاك لسيادة السعودية، لكنه اختبار فاشل لقدراتها الدفاعية التي تثبت تفوّقها ويدرك الإيرانيون قبل ميليشيا الحوثي الإرهابية أن ذلك بعيد المنال، لكن مضامين تلك المحاولات تتكثف في الرسائل العدائية التي تحملها ليس للسعودية التي تتصرف بعقلانية وحكمة ومسؤولية في مقاربة الملف اليمني، ليس منذ لحظة «عاصفة الحزم» بل من عقود لم يستقر فيه حال البلد إلا في مرحلة صالح الذي تعاملت معه أيضاً بتلك الحكمة رغم أخطائه المتكررة. الرسائل العدائية من الحوثيين وكلاء طهران في اليمن ليست رسالة عدائية للسعودية فحسب، بل للقوى الدولية بما فيها الولايات المتحدة في توقيت حاولت فيه الإدارة الأميركية الجديدة القيام بخطوات نحو الحل والمفاوضات، وإنهاء الحرب لكن بأدوات لا تلائم منطق الميليشيا أو طريقة تفكير الملالي.
التصعيد البائس من قبل ذراع الملالي في اليمن يؤكد للعالم أن جماعة «أنصار الله» الحوثي أسيرة للإرادة الإيرانية ودعم طهران لهم يتجاوز اللوجيستي والعسكري، ويتعداه إلى اعتبار اليمن ساحة حرب إيرانية مباشرة، وقد أكدت ذلك تقارير عديدة عبر سنوات منذ اختطاف المشهد اليمني من قبل الحوثيين، منها تقارير بوزارة الخارجية الأميركية بالأرقام والحوادث وتأكيدات الخبراء بأن «الحرس الثوري» الإيراني وفر مساعدات بنقل أجزاء كبيرة من معدات الصواريخ وقطع للتركيب وقذائف باليستية وأنظمة صواريخ متكاملة، وهو أمر لا يعتبر سابقة في سلوك إيران في تدخلاتها العبثية في أمن المنطقة.
هدف إيران هو اللعب على الجيوسياسة في منطقة الخليج عبر أذرعها، ولو أدى ذلك إلى خسارة تلك الميليشيات بالكامل، لكنها نسيت في ظل غمرتها التوسعية أن اليقظة السعودية بأهدافها في المنطقة بات هذا الهدف أمراً مكشوفاً للعالم كله، وأنها أول من سيدفع الثمن قبل ميليشياتها التي تسخّرها لتحقيق أهدافها.
هجمات ميليشيا الحوثي في توقيتها وحجمها والزخم الإعلامي الذي تحاول خلقه عبر وسائل إعلام لا تزال تقتات على محتوى استهداف السعودية شكَّلا منعطفاً جديداً في مسيرة الميليشيا منذ اختطاف الحالة اليمنية، وإعلاناً للمجتمع الدولي والدول الغربية التي تحاول توصيفه كطرف نزاع، بأنها فشلت بشكل ذريع في تسويق نفسها عبر أدوات المظلومية والتواصل مع المنظمات الحقوقية بقناع الضحية، رغم أنها قادت اليمن إلى هوة سحيقة على كل المستويات، ليست السياسية والاقتصادية فحسب، بل على المستوى الإنساني، حين جندت الأطفال والمراهقين قسراً، وهددت عائلاتهم، ومارست كل أنواع التعذيب والوحشية تجاه شركائها في أيام الثورة.
التحالف بقيادة السعودية يدرك أكثر من الحوثيين عامل الوقت ويستثمره بشكل إنساني وعاقل منذ أولى اللحظات لإعلان «عاصفة الحزم» باعتبارها حرب ردع لإعادة الشرعية، تاركة للأطراف الدولية والمنظمات أن تأخذ وقتها في إدارة الملف التفاوضي، رغم إيمانها وتمرسها في التعامل مع ازدواجية الميليشيات المسيسة التي لا يمكن أن تعيش منطق الدولة أو تتصرف من خلاله، عكس السعودية التي تتصرف بمنطق الدولة واحترام القوانين والمواثيق وإدارة سلوك الأزمة بخبرة وحنكة، وليس من خلال ردود الفعل الهوجاء التي قد تسلكها حتى بعض الدول الكبرى في حال تعرضها لهجوم استراتيجي من هذا النوع. كما أن موقف السعودية الهادئ والسياسي كان هدفه ضرورة أن تتحمل الدول الكبرى والمنظمات الدولية عبء عدم القراءة الصحيحة للحوثيين وفق سياق الميليشيا الحربية الانقلابية التي تتوسل السياسة لتسويق أفكارها وآيديولوجيتها وفقاً لقيم المنظمات، وليس كانعكاس لسلوكها على الأرض.
اليوم بات الجميع من العقلاء في كل العالم على يقين بأن ميليشيا الحوثي الإرهابية استحالت إلى كيان عسكري آيديولوجي عقائدي مستلب الإرادة لصالح طهران التي تستخدمه ولا تعتبره امتداداً حقيقياً لها كما هو الواقع مع «حزب الله»، ولا بد من إعادة تصحيح الصورة، فميليشيا الحوثي حلت محل الجيش النظامي بسبب تعاون صالح الذي كان يهدف إلى محاولة العودة بنظامه وحزبه إلى سدة الحكم، وإذا كانت الميليشيات عبر التاريخ تتضخم في حالات الطوارئ، وفي الحروب المتأزمة لترجح كفة أحد الطرفين، فإنها في الحالة اليمنية حلت محل الدولة بعد أن تحالفت مع الدولة العميقة التي خلفها صالح ولم تفلح القوى الشرعية في اجتثاثها أو حتى استمالتها لأسباب غير سياسية معظمها يعود إلى الزبائية القبلية والفساد في معايير الولاء، حتى على مستوى المؤسسات الكبرى العسكرية بشكل خاص.
الحوثيون اليوم يحاولون تنفيذ أكثر نماذج ملالي طهران عدمية، لا سيما أن النظام الإيراني يستخدمهم بشكل انتهازي، وهو على يقين أنهم مجرد أوراق خاسرة سرعان ما يمكن التخلص منها مع أول تحوّل في الملف التفاوضي، ومع ذلك بدا واضحاً سلوك ميليشيا الحوثيين الساذج الذي يهيمن على تحركات الحوثيين، هذا السلوك الذي حصد بجدارة كل المتناقضات السياسية والحربية من الفشل الذريع في المفاوضات، والتعنت واختراق الهدنة، وجلب المزيد من الدمار والاختطاف والاغتيال بهدف تزجية أكبر قدر من الوقت، والقدوم للتفاوض بشروط متعنتة لن يقبلها اليمنيون قبل غيرهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ردع وكلاء الملالي في اليمن مسألة وجودية ردع وكلاء الملالي في اليمن مسألة وجودية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon