توقيت القاهرة المحلي 19:07:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أنسنة الحرب ومستقبل المنطقة

  مصر اليوم -

أنسنة الحرب ومستقبل المنطقة

بقلم : يوسف الديني

أنسنة الحرب وإنقاذ ضحايا الأزمات هما السبيل الوحيد لبناء موقف موحد تجاه هذه الهمجية الإسرائيلية. أي تعالٍ على ذلك ومحاولة تحشيد موقف موحد تجاه ما كان ممزقاً ومنقسماً قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 لن يقدم أي شيء، فالغالبية من الأجيال الجديدة غير المسيسة الذين يشكلون غالبية سكان البلدان العربية والإسلامية وحتى المهاجرين في الدول الأوروبية والولايات المتحدة باتت لديها عدمية لا تخطئها العين، وتعززها أرقام الاستطلاعات بسبب تدفق الميديا المروعة عن ضحايا الحرب في فلسطين ولبنان، كما أنهم في غالبيتهم معزولون عن السياقات المفاهيمية والجيوسياسية المعقدة للأزمات في المنطقة.

هناك قلق كبير على تحول أجزاء كبيرة من الأجيال الجديدة صوب التطرف بسبب حالة العدمية، بسبب فشل دول العالم والمؤسسات الدولية والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان عن إيقاف الوحشية الإسرائيلية وكبح جماح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومن معه من اليمين المتطرف من إيقاف المجازر ومشروع الانتقام الوحشي، رغم أن كثراً من تلك الأجيال لديهم اتفاق على المفاهيم الأساسية ضد استهداف المدنيين والأبرياء تحت أي ذريعة، لكنهم بالطبع لا يمكن اليوم إلا أن يتجاوزوا مرحلة السابع من أكتوبر بعد مرور سنة بسبب متابعة اليومي والآني من نزيف الدم والآلام التي يعيشها الأبرياء في غزة والتي استحالت بحسب وصف حتى الصحافة الغربية أكبر مقبرة للأطفال.

وبجانب غزة، فتجدد تصعيد إسرائيل في لبنان، سيخلق الشعور ذاته مع خروجه عن استهداف بنية الميليشيات إلى التدمير الممنهج للمدن والقرى والبلدات والأحياء في البقاع والجنوب وضاحية بيروت، وما تبع ذلك من تحولات ديموغرافية وإعادة تحشيد للبنانيين، خصوصاً من الطائفة الشيعية التي باتت تعيش حالة التذرر والتيه، ولا يعني ذلك تحقيق انفصالها عن البيئة الحاضنة لـ«حزب الله» حتى مع تهشمه.

نحن اليوم في حاجة إلى تعميم خطاب «أنسنة الحرب»، وهو يعني بالضرورة الاعتراف بالاختلافات الكبيرة والبون الشاسع بين المواقف في الداخلَين العربي والإسلامي تجاه ما حدث من الموقف من الميليشيات ومشروع إيران وأذرعها وصولاً إلى خيارات إعلان الحرب والمواجهة، وحتى اليأس من كثير من البدائل السياسية، لكن كل ذلك لا يخفي إجماعاً على الانتصار للإنسان وللضحايا والأبرياء وللأطفال الذين هم وقود الحرب، وضد هذه الهمجية الانتقامية التي لا يمكن أن تقود إلى شيء.

أنسنة الحرب تعني أولاً فضح ازدواجية المعايير للعالم الغربي وعدم قبول استراتيجية الانتقام بلا توقف من قِبل نتنياهو وأنصاره، مع الإصرار على ضرورة وقف الحرب خطوةً أولى وضرورة العودة إلى الحد الأدنى من الاتفاقيات الدولية والمواثيق ومنطق الدولة، وأنسنة الحرب تعني التموضع حول حقوق الضحايا من دون تمييز، خصوصاً أنهم لم يتخذوا قرار الحرب أو الانسياق حول خيارات المشروعات المستنبتة في أرضهم من قِبل ميليشيا ومشروعات متجاوزة للدولة القُطرية وحدودها، وكان جزءاً منها هو القدرة على استبدال أدوار الدولة والتلبس بقناعها في مسألة السيادة والأمن، والإخفاق في تحسين أوضاع الناس حتى للمنتمين إلى البيئة والآيديولوجية كليهما، ناهيك عن ارتكاب كوارث لا يمكن التبرير لها ساهمت في تجريف العقد الاجتماعي والدخول في حروب خارج الحدود.

ثمة قلق حقيقي اليوم يتبدى للعقلاء ليس على الآني ومصير الأحداث بقدر التأثيرات على مستقبل المنطقة متجسداً في الأجيال الشابة وقدرتها على استيعاب هذه الكوارث من حالة التدمير الهائل والصمت الدولي المطبق مع موجات التصعيد لخطابات الطائفية والانقسام السياسي على حساب العمل على إنقاذ الأبرياء والضحايا والضغط تجاه إيقاف الحرب.

وربما كان صوت دول الاعتدال الأعلى وفي مقدمتها السعودية بإصرارها على ضرورة خفض التصعيد ووقف الحرب والعمل على تكريس منطق الدولة مع تجاوز كل خطابات الاستهداف لموقفها المبدئي من قبل تجار الأزمات ودهاقنة الشعارات الآيديولوجية التي تدفع باتجاه مفاقمة الوضع السيئ باتجاه المجهول، وهو ما يجب أن يؤسس لخطاب عقلاني جديد ضد كل السرديات، ينتصر للأبرياء ويؤنسن حالة الحرب بإنقاذ الضحايا في ظل هذا الفشل الكبير لدول العالم ومؤسساته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنسنة الحرب ومستقبل المنطقة أنسنة الحرب ومستقبل المنطقة



GMT 09:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 09:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 09:15 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ما بعد وقف إطلاق النار؟

GMT 09:12 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ليس نصراً ولا هزيمة إنما دروس للمستقبل

GMT 08:46 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

العلاقات التركية السورية تاريخ معقد

GMT 08:44 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 00:02 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
  مصر اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 11:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:28 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله
  مصر اليوم - قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة
  مصر اليوم - سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 19:42 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

قلق في "أرامكو" بسبب هجمات الخليج وارتفاع سعر النفط

GMT 02:08 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مي عمر تكشف عن حقيقة علمها بمقلب "رامز في الشلال"

GMT 07:15 2019 الثلاثاء ,19 شباط / فبراير

كشف غموض وفاة 22 عالمًا بعد فتح مقبرة توت عنخ آمون

GMT 10:06 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

رسالة حسن الرداد إلى محمد رمضان بعد أغنية "نمبر وان"

GMT 22:21 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

روبرتو فيرمينو يُجدد شكره لزميله "محمد صلاح"

GMT 06:52 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

"مشاهير حول العالم راحوا ضحية "الالتهاب الرئوي

GMT 11:08 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

تعرَّف على أنواع السيارات الأكثر مبيعًا في عام 2018

GMT 15:10 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

علامة "كايلي" و"كاندال" تطلق حقائب زهيدة الثمن

GMT 14:17 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أفكار إضاءة رائعة لحفلة زفافك الخارجية

GMT 10:13 2018 الجمعة ,07 أيلول / سبتمبر

اكتشفي طرق مختلفة لتحضير الفول
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon