توقيت القاهرة المحلي 22:01:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قمة العشرين ومستقبل عالم ما بعد «كورونا»

  مصر اليوم -

قمة العشرين ومستقبل عالم ما بعد «كورونا»

بقلم: يوسف الديني

على مدى عام كامل تحوّلت مملكة الاستباقية الجديدة إلى خلية نحل لا تكل للارتقاء بجدول أعمال مجموعة العشرين لتلائم مستوى التحديات الكبرى التي يعيشها العالم اليوم بعد جائحة «كورونا»، وكان مسك الختام بالأمس الخلاصة الملكية التي حملتها تصريحات القيادة السياسية، وفي قمتها تصريحات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي أكد أمام النصاب المكتمل لقادة المجموعة، الهم المشترك تجاه إعادة اليقين السياسي وانتعاش الاقتصاد مجدداً، وتخفيف الأعباء عن دول العالم، لا سيما الفقيرة منها، وعدالة توزيع اللقاح المحتمل حال اكتماله.

في كلمته الختامية أخذ الملك سلمان، منطق الدولة المسؤولة إلى حدوده القصوى، مؤكداً ضرورة التعاون أكثر من أي وقت مضى لمواجهة الفيروس واستعادة النمو وبناء المستقبل، ومشدداً على أهمية استمرار العمل والارتقاء لمستوى التحديات الناجمة.

الإجماع على تطابق الرؤى في مواجهة الجائحة كان أهم مخرجات قمة العشرين السلسة، حيث أكد الملك سلمان، أن قادة أهم الدول المؤثرة في اقتصادات العالم بما تستحوذ عليه من ملاءة مالية وقدرة بشرية وتنموية تتقدمهم المملكة، تبنوا «سياسات مهمة من شأنها تحقيق التعافي، وصولاً إلى اقتصاد قوي ومستدام وشامل ومتوازن».

الآمال التي كانت منعقدة قبل مجموعة العشرين تحولت إلى أجندات عمل وبرامج واستحقاقات ومسؤوليات يتطلع إليها العالم بعد أن التزمت الدول في الرياض وجهة السعودية الجديدة التي تقود مستقبل المنطقة، حيث استطاعت بقدرتها الاستباقية على تجاوز وتخطي الأزمات والتحديات، ومنها نجاحاتها التاريخية في السيطرة وإدارة أزمة «كورونا» إلى استعادة اليقين السياسي المدفوع بمنطق الدولة نحو إعادة بناء مسار الاقتصاد العالمي، وإعادة التفكير في نوع النمو الاقتصادي الذي يحتاج إليه العالم ونريد تحقيقه في المستقبل.

لكن اللافت أيضاً، أن المسؤولية عن بناء عالم ما بعد «كورونا» الذي رُسمت ملامحه الأولى من العاصمة السعودية الرياض، أخذ بعين الاعتبار الجوانب البيئية للحفاظ على موارد ومناخ كوكب الأرض؛ فالنمو الاقتصادي يتطلب إنعاش بنى الاقتصاد العالمي بما لا يتعارض مع أزمة المناخ والمخاطر البيئية، بمعنى آخر المؤمل هو خطط تحوّل نوعية متوافقة مع مفهوم بات من اشتراطات المرحلة المقبلة، وهو «الاقتصاديات الخضراء».

ولد هذا المفهوم بعد الإخفاقات السابقة التي حاولت تأسيس «اقتصاديات خضراء» في فترة الركود العظيم 2008 – 2009، وكان الدرس الأخضر الذي تسعى السعودية اليوم إلى تكريسه كمبدأ على مستوى حلول الإنعاش ما بعد الجائحة، هو تبني سياسات خاصة بالتطور الاقتصادي المستدام، وهي أكثر بكثير من مجرد محفّزات مالية قصيرة الأجل، حيث سيتطلب التحول من الوقود الأحفوري إلى اقتصاد مستدام منخفض الكربون التزامات طويلة الأجل (5 - 10 سنوات) من الإنفاق العام وإصلاحات التسعير.

كما يجب أن تشمل أولويات الإنفاق العام لدول العشرين بالدرجة الأولى التي تقدم أنموذجاً لباقي دول العالم، دعم الابتكار والبنية التحتية الخضراء للقطاع الخاص، وتطوير الشبكات الذكية، وأنظمة النقل، وشبكات محطات الشحن، والمدن المستدامة. ووفقاً لصندوق النقد الدولي (IMF)، من المتوقع أن ينخفض الاقتصاد العالمي بنسبة 3 في المائة في عام 2020، مع تعرض الاقتصاديات المتقدمة لخسائر أليمة، ولمواجهة هذه الصدمة الاقتصادية، أنفقت الحكومات في جميع أنحاء العالم 9 تريليونات دولار للتحفيز المالي المباشر، وقروض القطاع العام، وضخ الأسهم، والضمانات، وغيرها من التدابير المالية.

معظم هذه النفقات الضخمة التي تزيد على 8 تريليونات دولار يتم ضخّها من قبل مجموعة العشرين (G20) عبر التمويل الناتج من الاقتصاديات المتقدمة والصاعدة بما يصل إلى 4.5 في المائة من إجمالي الناتج لدول مجموعة العشرين.

دول قمة العشرين بقيادة السعودية عبّرت عن خلاصة منطق الدول في قيادة العالم بأسره في المرحلة المقبلة عبر المسؤولية الجماعية مع تنحية الخلافات وترحيلها بناءً على المخاوف المشتركة عن تداعيات جائحة «كورونا» مع الاحتفاظ بوجهات النظر ومرتكزات السيادة الخاصة بكل دولة والتي لا تتعارض مع حقيقة أن دول العشرين في مجموعها هي المعبّر عن صوت الخلاص لعالم ما بعد «كورونا» بسبب استحواذها على الموارد الاقتصادية والبشرية، حيث تضم ما يقرب من ثلثي عدد السكان ومساحة اليابسة في العالم، و82 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي و80 في المائة من العالمي، كما أنها المؤثر الأكبر في سباق التنافسية الخضراء بسبب هيمنتها على الصناعات العالمية، وبالتالي فإن «تخضير الانتعاش» بعد الجائحة في مجموعة العشرين سيكون له آثار مهمة ليس فقط على الصعيد المحلي، ولكن أيضاً على الهيكل المستقبلي للاقتصاد العالمي.

يتوحّد السعوديون اليوم في فخرهم بمنجزهم كما هو الحال مع اتحادهم في الأزمات ومواجهة الاستهداف والتشغيب المستمر على مملكتهم الاستباقية الجديدة التي تتطلع إلى المستقبل، هذا الفخر تجلى في حالة الغبطة الجماعية للسعوديين عقب الإدارة الاستثنائية والمخرجات والنتائج العظيمة التي تكللت في الرياض رغم تحديات التوقيت. منجز قمة الرياض اليوم هو أهم رأسمال اعتباري على مستوى منطق الدولة الفاعلة.. ما حققته المملكة برؤى وتطلعات عرّاب رؤيتها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي استطاع بعزمه المتواصل على مقارعة التحديات إعادة موضعة الأوزان السياسية لدول العالم عبر حقائق وأرقام ومنجزات هي اللغة التي اعتاد السعوديون على سماعها منه بشفافية صادقة ووضوح تام، تاركاً لأعداء المستقبل وحلف الأزمات الحرث في الأوهام والشعارات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، حيث «يذهب جفاء وما ينفع الناس يمكث في الأرض».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمة العشرين ومستقبل عالم ما بعد «كورونا» قمة العشرين ومستقبل عالم ما بعد «كورونا»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
  مصر اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon