توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران ما بعد الاحتجاجات: دولة الحرس الثوري

  مصر اليوم -

إيران ما بعد الاحتجاجات دولة الحرس الثوري

بقلم يوسف الديني

ربما كان التحدي الأكبر الذي يعيشه نظام طهران اليوم، هو استعادة سيادة الدولة من هيمنة «الحرس الثوري» المرشحة للصعود وصولاً إلى ابتلاع المؤسسات، وربما مزاحمة النظام السياسي، حسب كثير من التحولات الضاغطة على مستوى القلق من مشروع إيران التوسعي وتهديدها للمنطقة، إضافة إلى تراجع مستوى الشرعية في الداخل الإيراني إلى مستويات متدنية، وإن لم تصل إلى مرحلة تقويض النظام.

وحسب أوراق بحثية كثيرة تحدثت عن إيران ما بعد الاحتجاجات، وتقديرات الموقف الصادرة عن مراكز دراسات وبيوت خبرة، فإن «الحرس الثوري» مرشح ليكون البديل الأكثر صعوداً والأسوأ من حيث التأثير على الداخل، قبل خدمة المشروع التقويضي، وتهديد أمن المنطقة، وهو ما عبرت عنه بشكل دقيق سانام فاكيل، الخبيرة في «Chatham House» ومسؤولة الملف الإيراني والخليجي؛ حيث تؤكد أن هناك تكهنات كبيرة اليوم بشأن استيلاء «الحرس الثوري» الإيراني على الحكم، بعد شهور من الاحتجاجات، وهو ما يضعه في مقدمة المرشحين لتحولات كبرى على مستوى الدولة، وتحولها إلى دولة ليست ثورية فقط؛ بل وعسكرية، وببعض التوجهات ذات النزعة الليبرالية في الإطار الاجتماعي للسيطرة على منسوب الاحتجاجات، كما تشير إلى الانقسامات الكبيرة في داخل مجموعات «الحرس» على خلفية الولاء للمرشد، والارتباط به، ولكن جناح ما يوصف عادة في الأدبيات حول إيران بـ«حراس الجمهورية» لديه توجهات أمنية حول الاستراتيجية المثلى لحماية النظام من الانقسامات الداخلية أو حتى الضغوطات الخارجية، وهو ما يفسر ارتباط منسوب القمع الذي شمل آلاف الاعتقالات وخمسة إعدامات دون اكتراث بتأثير ذلك على الداخل.
صعود «الحرس الثوري» وإحكام قبضته، مع تحولات قد يبديها على المستوى الاجتماعي، توحي للمتابعين الغربيين بالانفتاح، هو يعني ببساطة دمجاً خطراً وهجيناً بين القومية والشوفينية العرقية الفارسية والراديكالية الثورية، مما يعني محاولة تحشيد الداخل الإيراني لمشروع الملالي؛ لكن بلغة وتوجهات مختلفة.
هذه الرؤية الاستشرافية لمستقبل إيران القريب قد لا تعكس قراءة دقيقة لقوة الحضور الفاعل للمؤسسة الدينية وسلطة الملالي ورمزيتهم؛ لكنها مؤشر على لحظة فارقة في تاريخ إيران الحديث الذي تشكلت فيه قوة «الحرس الثوري» لحماية البناء الهيكلي لرؤية الملالي التي شكلت نسغ الثورة ومتنها الأساسي، وكانت عاملاً في شعبيتها في البدايات؛ لكن بقاء «الحرس الثوري» على تلك المهمة محكوم بفاعلية ونشاط ومواءمة المرشد الأعلى، وقدرته على الاستجابة لتحديات الداخل، ليس على المستوى الاقتصادي فحسب؛ بل على مستوى «الهوية» الخاصة بالثورة، والتي باتت مفارقة للهويات الفرعية والسياق العام للأفكار لدى الإيرانيين؛ خصوصاً الأجيال الشابة.
ما يؤكد صعوبة السيناريوهات التي تتحدث عن هيمنة محتملة لـ«الحرس الثوري» وقفز على السلطة، هو أن هوية الميليشيات التابعة لإيران مبنية على الهوية الأساسية للثورة، وهي مقولات دينية راديكالية شعبوية، فالإسلام السياسي الشيعي أكثر تراتبية وانضباطاً من كل نظرائه في التيارات الحركية الأخرى، لذلك فإن الولاء للمرشد والمرجعيات التابعة له قد يشكل حجر عثرة أمام أي احتمالية من هذا النوع. وقد تحدثت في مقالات سابقة عن تفوق الحركية الشيعية في الإسلام السياسي، إذا ما قرأنا ذلك خارج أقواس الطائفية وداخل مختبر الفحص السياسي؛ حيث نجد حالة من التراتبية الدقيقة والمعقدة داخل نسيج التكوين المدرسي الديني، شكلت جزءاً من أسباب ولاء المجموعات المسلحة والميليشيات، وهذا لم يكن موجوداً في النماذج السنية؛ حيث الانفصال بين المؤسسات التقليدية والحركات المتطرفة الذي يصل إلى الاقتتال وسلب الشرعية مبكر جداً؛ لكن الميليشيات والتنظيمات المسلحة الشيعية لا ترى نفسها نداً للمؤسسات التقليدية أو حركات التمدد الناعم بأدواته الدعوية والشرعية، فالجميع متكاملون في خدمة المشروع العام للإسلام السياسي الشيعي المتحالف مع التنظيمات الإرهابية ذات الطابع السني؛ حيث تحدث لحظة الاصطدام فقط على مناطق النفوذ والجغرافيا، بينما هناك علاقات وثيقة على مستوى المشروع التقويضي العام للدولة الحديثة القُطرية، وهو ما يلقي بمزيد من التحديات الأمنية.
هناك اليوم اهتمام متزايد لدى الخبراء والباحثين حول حدود وقدرة «الحرس الثوري» على التغيير، كما هي الحال مع الجدل السياسي والقانوني حول إدراجه كمنظمة إرهابية، باعتباره القبضة المسؤولة عن حالة القمع ضد الاحتجاجات، وكان آخره الجدل الذي دار في أروقة الاتحاد الأوروبي حول تصنيفه كمنظمة إرهابية، وجاءت نتيجة التصويت 598 صوتاً مؤيداً مقابل 9 أصوات معارضة، مع غياب 31 عضواً، وهو رقم كبير جداً؛ لكنه لم يجد طريقه للتنفيذ، واكتفى الاتحاد بفرض عقوبات على مزيد من الأفراد الضالعين في الانتهاكات.
صعود نقد «الحرس الثوري» والمؤسسة الأمنية في إيران من المرشح أن يتصاعد، ليس فقط لتهديدها لأمن المنطقة وعلى رأسها دول الخليج؛ بل هو بالنسبة للأوروبيين اليوم لأسباب إضافية تتصل بالنزاع بين روسيا وأوكرانيا، ودخول إيران على خط إمداد موسكو بطائرات من دون طيار، وهو ما عبَّر عنه صراحة ماثيو ليفيت في ورقته لمعهد واشنطن التي عنوانها: «لماذا يجدر بالاتحاد الأوروبي إدراج الحرس الثوري على قوائم الإرهاب» التي أكد فيها أن توفير طائرات «الدرونز» هو أحد أهم الأسباب، إضافة إلى الدعم المادي واللوجستي لوكلاء طهران من التنظيمات الإرهابية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران ما بعد الاحتجاجات دولة الحرس الثوري إيران ما بعد الاحتجاجات دولة الحرس الثوري



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon