توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

منتدى غاز شرق المتوسط.. ومستقبل «إيست ميد» (9)

  مصر اليوم -

منتدى غاز شرق المتوسط ومستقبل «إيست ميد» 9

بقلم - جمال طه

وزراء البترول والطاقة فى مصر والأردن وفلسطين وإسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا اجتمعوا بالقاهرة 14 يناير الحالى، وأعلنوا تأسيس «منتدى غاز شرق المتوسط»، واختاروا مصر مقراً له.. «المنتدى» اتفق على تأسيسه رؤساء مصر واليونان وقبرص خلال قمة كريت أكتوبر الماضى، ليكون المنظمة الدولية التى تستهدف حماية الثروات الطبيعية لأعضائها، وفقاً لمبادئ ‏القانون الدولى، والتعاون لا التنافس، والتنمية بدلاً من المواجهة، والمصالح الاقتصادية كهدف رئيسى لسلام حالت دونه السياسة.. محمد مصطفى، مستشار الرئيس الفلسطينى للشئون الاقتصادية، ورئيس وفد فلسطين، جلس بجوار يوفال شتاينتز، وزير الطاقة الإسرائيلى، يبدو أن التفاهمات السياسية التى لم تتم فى «مينا هاوس» ديسمبر 1977، والسلام المفقود، قد يعوضهما تعاون المصالح.. ما بين مرارة الواقع وعودة الأمل تكمن اكتشافات الغاز الطبيعى شرق المتوسط.. القوة الناعمة الجديدة بالمنطقة والعالم.

«المنتدى» يستهدف تعزيز التعاون بين الدول المنتجة، وتلك التى تمتلك البنية التحتية لإسالته، والمستهلكين، ودول العبور، فيما يتعلق بوضع استراتيجيات الغاز وسياساته، وتوزيع الأدوار، وإنشاء سوق دولية، لتفاعل قوى العرض والطلب، ‏وحسن استخدام البنية التحتية القائمة، وتطويرها لاستيعاب الاكتشافات المستقبلية، ووضع نظام موحد لمزايدات عمليات التنقيب، وشروطه التعاقدية، حفاظاً على مصالح الأعضاء، وتخفيضاً للتكلفة، حتى يتسنى طرح أسعار تنافسية.‏. والأهم الحفاظ على توازنات القوى بشرق المتوسط، ومواجهة التهديدات التى قد تتعرض لها حقول الغاز، وعمليات الاستكشاف والإنتاج.

عضوية «المنتدى» مفتوحة كـ«مراقبين» للمنظمات الدولية والإقليمية المعنية، ودول شرق المتوسط المنتجة والمستهلكة و‏دول العبور، ممن يتفقون مع المنتدى فى المصالح والأهداف، والقطاع الخاص يضطلع بدور رئيسى فى «المنتدى»، كجزء من المجموعة الاستشارية الدائمة ‏لصناعة الغاز.. جارٍ التشاور بشأن الهيكل التنظيمى للمنتدى وأجهزته الرئيسية وآلية اتخاذ القرارات، بحيث يتم إقراره فى الاجتماع التالى أبريل المقبل.

مشاركة ممثل البنك الدولى بالقاهرة فى الاجتماعات تعكس الدعم السياسى الأمريكى، والاستعداد لضخ استثمارات فى قطاع الغاز، وتقديم التسهيلات وتمويل المشروعات.. ومشاركة ممثل الاتحاد الأوروبى تعكس اهتماماً لا يرقى إلى حد تأكيد الانتساب للمنتدى من عدمه، ولكن تبقى الاحتمالات مرجحة، باعتباره ممثلاً للجهة المستهلكة، التى يضم «المنتدى» ثلاثاً من أعضائها «إيطاليا، قبرص، اليونان»،

عضوية إيطاليا، رغم أنها ليست منتجة للغاز، ترجع لكونها تمثل مع اليونان المعبرين البريين لدول جنوب وشرق أوروبا، شركتها الوطنية «إينى» مستثمر رئيسى فى عمليات الاستكشاف والإنتاج بمصر وقبرص، ورئيسها التنفيذى «كلاوديو ديسكالزى» يمارس دبلوماسية الغاز بالمنطقة، من خلال جهوده لتقريب المصالح بين دولها.. عضوية إسرائيل أثارت قلق موقع «ذا ميكر» من أن يقوض «المنتدى» فرص منافستها لمصر، أو يستخدم كساحة للضغط عليها فى القضايا السياسية، ويقيد من حريتها فى التعامل دون الالتزام برؤية «المنتدى».. والحقيقة أن إسرائيل تدرك أن عضويتها بـ«المنتدى» تعزز مكانتها الإقليمية، وتدعم عملية السلام، وتوافق المصالح الاقتصادية والسياسية بينها وبين أعضائه، مما يفسر عدم اعتراضها على دخول فلسطين كعضو مؤسس، رغم ما يعنيه ذلك من تسليم بحقوقها السيادية على مواردها الطبيعية، فى الاستكشاف والإنتاج والتطوير، وهو ما يكتسب أهميته فى ضوء تشكيل السلطة الفلسطينية فريقاً وطنياً لترسيم حدودها البحرية يوليو 2017، واهتمامها بتطوير حقل الغاز قبالة سواحل غزة، كأحد مقوماتها الاقتصادية وتوفيراً لأمن الطاقة.

زبانية الإخوان أطاح بعقولهم تأسيس «المنتدى» واختيار «القاهرة» مقراً له، فبدأوا يهاجمون مصر، لتأسيسها له قبل تنازل إسرائيل عن قضايا التعويضات، متجاهلين أن هذه القضايا تتعلق بشركات خاصة، لا علاقة لها بالدولة المصرية، ورغم ذلك اشترطت مصر تسويتها قبل تنفيذ أى صفقات مع إسرائيل، مما يفسر قيام شركة غاز الشرق المصرية وشركتى ديليك ونوبل إنيرجى بتأسيس شركة جديدة استحوذت على 39% من أسهم شركة غاز شرق المتوسط المالكة لخط الأنابيب الواصل بين عسقلان والعريش، التى تخص أصحاب دعاوى التحكيم، كما استحوذت شركة غاز الشرق على 9% أخرى فى صفقة منفصلة.. وتتجه المفاوضات مع الملاك الجدد نحو تخفيض التعويض إلى ربع قيمته، واستهلاكه على مدى 15 عاماً.. الإخوان يستهدفون عزلة مصر، بعيداً عن معادلة الغاز الطبيعى التى نشأت بالمنطقة، وهو اختيار ينتهى بإحراق ثرواتنا من الغاز، لأنها لا تقبل الحفظ ولا التخزين.. فهل هذا مقبول؟!.

ردود فعل الإخوان امتداد لموقف تركيا، لأنه ينهى حلمها فى أن تكون مركزاً للطاقة، ويفقدها الأمل فى إقناع إسرائيل بالفكرة القديمة الخاصة بمد خط الغاز من حقولها عبر «أضنة» التركية فى اتجاه أوروبا، كما يوجه ضربة قاصمة لمصالح قطر وإيران لأنه يؤسس قوة منافسة بالسوق الأوروبية.. البديل الوحيد المتاح أمام تركيا هو التصعيد العسكرى، وفى هذه الحالة ستواجه بردع جماعى من أعضاء «المنتدى»، وإدانة من المجتمع الدولى.

بعد تأسيس «المنتدى» أصبح مستقبل خط نقل الغاز الإسرائيلى لأوروبا «إيست ميد» يكتنفه الغموض.. قبرص وقعت اتفاقاً مع مصر لمد خط أنابيب لنقل غاز «أفروديت» لمحطة الإسالة بـ«إدكو»، قبل تصديره لأوروبا.. شركة الكهرباء الأردنية تعاقدت على 45 مليار متر مكعب من الغاز الإسرائيلى المسال، ولا يوجد بديل عن دمياط لإسالته.. شركة دولفينوس مصر تعاقدت على استيراد 64 مليار متر مكعب.. هذه التعاقدات تمتد لـ15 عاماً.. مما يعنى أن فائض إنتاج إسرائيل وحدها، بعد استيفاء استهلاكها الداخلى، قد لا يوفر الجدوى الاقتصادية لتشغيل «إيست ميد».. ناهيك عن أن «المنتدى» يمنح مصر حق المشاركة فى المداولات حول الخط، مما يفرض دمج المشروعين المصرى والإسرائيلى لتوفير الجدوى الاقتصادية.

مستجدات حرب الغاز شرق المتوسط لا تتوقف، سواء فى اكتشافات الحقول الجديدة، أو التوسع فى إنتاجية الحقول الحالية، ناهيك عن تأسيس المحاور والتحالفات، والكشف عن المشاريع.. متغيرات عديدة تأتى كل يوم، فتغير الحسابات، وتفرض مراجعة الخطط.. بالأمس أعلن «نتنياهو» أن اتفاق «إيست ميد» أصبح جاهزاً للتوقيع فى «أثينا» الربع الأول من 2019، واليوم يكشف «شتاينتز»، وزير الطاقة، عن محادثات مع مصر لمد خط لنقل غاز «ليفياثان وتمار» لمحطات الإسالة بمصر، قبل تصديره.. إذاً لا يوجد حالياً يقين فيما يتعلق بالترتيبات المستقبلية.. لكن المؤكد أن الخير المقبل لمصر أكبر كثيراً مما نتوقعه.. فالأعماق السحيقة للمتوسط لم تبح بكل أسرارها بعد.

نقلا عن الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منتدى غاز شرق المتوسط ومستقبل «إيست ميد» 9 منتدى غاز شرق المتوسط ومستقبل «إيست ميد» 9



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon