توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«ترامب» و«بومبيو» يفاجئان العراق

  مصر اليوم -

«ترامب» و«بومبيو» يفاجئان العراق

بقلم - جمال طه

وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو بدأ جولته فى الشرق الأوسط بالعراق 9 يناير الحالى، زيارة لم تكن مقررة ضمن جولته بدول مجلس التعاون الخليجى ومصر والأردن، ولكن تمت إضافتها لاحتواء الآثار السلبية لزيارة ترامب المفاجئة للقوات الأمريكية بالعراق 26 ديسمبر الماضى، ومغادرته دون لقاء أى مسئول عراقى!!.. تصرف مهين، ماس بالسيادة، حاول بومبيو احتواءه بلقاءات مع رئيسى الجمهورية والحكومة، ووزير الخارجية، ورئيس البرلمان بحضور لجنة العلاقات الخارجية، مردداً أحاديث مكرورة عن المخاطر الإيرانية على أمن المنطقة، وتفعيل إجراءات المقاطعة، وهو يدرك أن ذلك يخلو من مضمون فى دولة تربطها بطهران علاقات خاصة، وتعتمد على إمداداتها من الكهرباء والمياه.

كل الشواهد تؤكد أن زيارة ترامب لقاعدة «عين الأسد» الجوية غرب بغداد تمت بهدف تخفيف الضغوط التى يتعرض لها جراء قرار انسحابه من سوريا، ومحاولة رأب الصدع فى علاقته بالقادة العسكريين، بعدما أكدت التقارير استياءهم لاستقالة ماتيز وزير الدفاع، والتأكيد بأن قراره بالانسحاب يستند إلى وجود قواعد عسكرية بديلة فى العراق، لا ينوى الانسحاب منها، وهى تسمح بشن عمليات فى سوريا، دون حاجة للوجود فيها.. لكن ذلك فتح باب الجدل واسعاً بشأن الزيارة والوجود العسكرى الأمريكى.

المادة «14» من الاتفاقية الأمنية بين العراق وأمريكا 2008، تنظم دخول ومغادرة الأمريكيين، عسكريين ومدنيين للعراق، وذلك بمقتضى بطاقات الهوية وأوامر السفر، عبر المنافذ الرسمية للمغادرة والوصول، التى تديرها السلطات العراقية، ما يعنى مخالفة الهبوط المباشر بالقواعد للاتفاق، ولسيادة الدولة، ولكافة الأعراف السياسية والدبلوماسية.. الأنكى من ذلك، أن إشارة ترامب إلى شن عمليات بسوريا من القواعد العراقية يشكل مخالفة صريحة للمادة «27» التى تحظر استخدام أراضى ومياه وأجواء العراق ممراً أو منطلقاً لهجمات ضد بلدان أخرى، لما يمثله ذلك من تعريض أمنه وسيادته للخطر.. ثم إن الاتفاقية تنص على تدريب القوات الأمنية وتجهيزها بالسلاح، ولم تتضمن نشراً لقوات قتال أمريكية.. رغم ذلك فالوجود الرسمى لأمريكا يتجاوز 5000 عسكرى، وقرابة 8000 مدنى، يقدمون الدعم اللوجيستى وخدمات البناء والصيانة والنقل والاتصالات والتدريب والإدارة والترجمة وأعمال التأمين والحراسات، يتم تجنيدهم من الأمريكيين وبعض دول العالم الثالث ومحليين من العراق، بمعرفة شركات متخصصة «بلاك ووترز، كى بى آر، دين كورب، فلور»، يختارها البنتاجون وأجهزة المخابرات.. هذه القوات تنتشر فى قواعد بامتداد العراق.. أكبرها قاعدة «بلد» بمحافظة صلاح الدين بالوسط، قاعدتان بمحافظة الأنبار بالغرب؛ «عين الأسد»، و«الحبانية»، وقاعدة جديدة بوادى «القذف» قرب منفذ الوليد على الحدود تقرر إنشاؤها لتكون قريبة من سوريا، وتحل محل قاعدة «التنف»، ومركز تدريب بقاعدة «التاجى» شمال بغداد، وقاعدة النصر «فكتورى» للقيادة والسيطرة ضمن حدود مطار بغداد الدولى، قاعدة «كى وان» فى كركوك، وقاعدة «الجيارة» جنوب الموصل، بالإضافة إلى خمس قواعد فى الشمال بمقتضى الاتفاق الموقع مع حكومة إقليم كردستان 2014.. إهدار الزيارة للالتزامات التعاقدية، وامتهانها لحقوق السيادة، فجر ردود فعل عديدة.

رئيس الوزراء السابق حيدر العبادى اتهم نورى المالكى نائب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الأسبق، باستقدام القوات الأمريكية يونيو 2014 عقب الاكتساح الداعشى لشمال وغرب البلاد، والمالكى اتهم العبادى بمنحها قواعد ثابتة، وإعطائها صلاحيات التحرك دون الرجوع للسلطات، بالمخالفة للاتفاقية الأمنية.. لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان كشفت عن دخول بعض القوات والمعدات الأمريكية مقبلة من سوريا، إلى قواعد فى الأنبار ونينوى وأربيل.. «تحالف البناء» أكبر التكتلات البرلمانية وصف ذلك بالأمر الخطير الذى لا يمكن السكوت عنه، وكشف نيته إعداد مشروع قانون لإخراج كل القوات الأجنبية من البلاد وإنهاء الاتفاقية الأمنية.. «كتلة صادقون» التابعة لميليشيات «الحشد الشعبى» الشيعية، دعت للإسراع بتشريع القانون، خاصة أن البرلمان السابق تبنى فى مارس الماضى قراراً يطالب الحكومة بوضع جدول زمنى لمغادرة القوات الأجنبية العراق، لانتهاء الحرب ضد «داعش»، ولم يتم تنفيذه.. هادى العامرى قائد «الحشد» طالب الحكومة بطرد القوات الأجنبية والأمريكية حتى لو كانت للتدريب.. ميليشيات «عصائب أهل الحق» هددت باستهداف الجنود الأمريكيين، إذا ما عجزت الحكومة والبرلمان عن مواجهتهم بالطرق الدبلوماسية والسياسية.. و«حزب الله» العراقى هدد بأنه «لن يُسمح بوجود جندى أمريكى واحد على أرض العراق».. عادل عبدالمهدى رئيس الوزراء دافع بأن «أمريكا لا تمتلك قواعد أحادية بالعراق، بل توجد فى تسع قواعد ومعسكرات مشتركة مع القوات العراقية».. تبرير لا يعكس الحقيقة، بقدر ما يؤكد أن الحكومة العراقية تسعى لغلق الملف، لأنها لا تملك حرية المطالبة بإلغاء الاتفاق، فديونها لواشنطن التى تربو على 140 مليار دولار تغل يدها.

الاستراتيجية الأمريكية الجديدة تتعامل مع العراق باعتباره الممر الاستراتيجى الذى قد يمكنها من إحكام السيطرة على مفاتيح المنطقة برمتها، بعد أن اضطرت للانسحاب من سوريا، وأدركت استحالة إجراء تغيير فى النظام الإيرانى؛ وجودها فى قطاعه الشمالى يحرم إيران من استكمال الهلال البرى الشيعى، الذى يصل طهران ببيروت عبر بغداد ودمشق، وقطاعه الجنوبى يحتوى نحو نصف احتياطى نفط العراق، ويعتبر المنفذ الاستراتيجى إلى الخليج، ورغم ذلك فإن تعاملها معه يعكس دائماً قصوراً فى الرؤية؛ أسقطت صدام حسين نتيجة تخوفات، كانت أجهزة مخابراتها تثق فى عدم صحتها، ففتحت الباب على مصراعيه لتدخل إيرانى غير محدود فى شئونه الداخلية، وتستمر فى قصور الرؤية، بتأكيد ترامب أن الاحتفاظ بالوجود الأمريكى فى العراق يستهدف مراقبة إيران، متجاهلاً حقيقة الوجود الإيرانى داخل العراق، وتدخلها فى أدق شئونه السيادية، وآخرها نجاح قاسم سليمانى قائد فيلق القدس فى صياغة تكتل «البناء» الأكبر فى البرلمان العراقى، الذى عين رئيس الجمهورية، واختير رئيس البرلمان من بين أعضائه.. وموقع «ديبكا» الإسرائيلى المعنى بشئون الأمن والمخابرات أكد وجود مباحثات سرية بين أمريكا وإيران لتسوية الخلافات بينهما، منذ يونيو الماضى بوساطة عُمانية.

وجه الخطورة فيما يجرى على الساحة العراقية، إدراك أمريكا أنها لن تتمكن من الاحتفاظ بوجودها الدائم فيه دون وجود نظام فيدرالى، يسمح لحكومات الأقاليم باستقبال قواعدها دون ممانعة الحكومة المركزية.. ولكن فى ظل المشاكل الطائفية المحتدمة بالعراق، بين الشيعة والسنة والأكراد، هل هناك ما يضمن أن أى عبث فى تركيبة نظام الحكم الراهن لا يؤدى إلى تفكك الدولة العراقية؟!.

نقلا عن الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ترامب» و«بومبيو» يفاجئان العراق «ترامب» و«بومبيو» يفاجئان العراق



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon