توقيت القاهرة المحلي 16:28:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر والتحرشات العسكرية التركية

  مصر اليوم -

مصر والتحرشات العسكرية التركية

بقلم - جمال طه

الرئيس السيسى فاجأنا بزى القوات الجوية فجر الجمعة الماضى، لأول مرة، وهو يتفقد إحدى قواعدها، ويستقل المروحية الروسية الهجومية كا - 52 «التمساح»، السلاح الرئيسى الذى تستخدمه حاملتا الطائرات المصريتان «جمال عبدالناصر وأنور السادات».. مشهد له دلالات، جسّدها تزامنه مع تجديد حالة الطوارئ فى عموم البلاد، التى تم إعلانها بعد موجة الهجمات الإرهابية التى بدأت باستهداف بعض الكنائس فى أبريل 2017.. تساؤلات عديدة أثارها المشهد، تتعلق بما يحمله من رسائل؟!.

مصر وقعت مع قبرص فى 19 سبتمبر اتفاق مد خط أنابيب بحرى، لنقل الغاز الطبيعى من حقل أفروديت، إلى محطة الإسالة فى إدكو، وإعادة تصديره للاتحاد الأوروبى، وذلك تنفيذاً لمذكرة التفاهم للشراكة فى مجال الطاقة بين مصر والاتحاد أبريل الماضى، ضمن الإجراءات التى تتخذها مصر للتحول إلى مركز إقليمى لتداول الغاز والبترول، استثماراً لموقعها الاستراتيجى، وتوظيفاً لقدرتها على تسييل الغاز والصناعات البتروكيماوية، تحقيقاً لأفضل استغلال لثرواتها الطبيعية.. القبارصة الأتراك هددوا باتخاذ خطوات انتقامية.. ووزير الطاقة التركى حذر: «أنقرة لن تسمح بإقامة أى مشروعات شرق المتوسط دون موافقتها، لن نسمح بضياع مصالحنا بالمنطقة، وسننقب عن الغاز والنفط فيها».. وخلوصى أكار وزير الدفاع نبه: «لن نسمح بأى استكشافات جيولوجية لا تراعى مصالحنا، لا بشرق المتوسط ولا ببحر إيجه».. تهديدات صريحة تتسم بالوقاحة.

موقف تركيا العدائى ليس وليد الساعة، بل سبقته مواقف عديدة؛ رفضت الاعتراف باتفاقات ترسيم الحدود البحرية التى وقعتها قبرص مع مصر 2013، وإسرائيل 2010، ولبنان 2007.. بحجة أنها باطلة، لعدم مشاركة شمال قبرص التركى فيها، متناسية أن الشمال لا يعترف به كدولة سوى أنقرة، وأنه فى نظر كل دول العالم، ووفقاً للقانون الدولى، جزء من دولة قبرص، تحتله القوات التركية منذ 1957.. مصر رفضت التشكيك، وأكدت بوضوح وحزم، بأنها اتفاقية دولية، تم إيداعها بالأمم المتحدة، محذرة من أنها ستتصدى بكل قوة لأى محاولة للمساس بحقوقها السيادية على المنطقة الاقتصادية الخالصة شرق المتوسط.

فى مؤتمر «القبارصة بالخارج»، الذى انعقد بالعاصمة نيقوسيا يوليو الماضى، استنكر السفير الإسرائيلى هناك ما تمارسه تركيا من تجاوزات عدائية تتعلق بالتنقيب عن الغاز الطبيعى، ملوحاً بأن إسرائيل «قد تضطر إلى التدخل عسكرياً لمواجهة تهديدات أنقرة».. كاثلين دورتى السفيرة الأمريكية، وصفت تجاوزات تركيا بأنها «غير مقبولة».. الإعلام التركى ادعى أن سفيرة مصر فى قبرص هددت باستخدام القوة العسكرية ضد أنقرة، إذا حاولت منع التنقيب عن الغاز شرق المتوسط، لكن الخارجية المصرية نفت ذلك، لا لأن مصر تتسامح تجاه مثل هذه التهديدات، ولكن لأن الموضوع خطير، تتم دراسته على مستويات استراتيجية، لا من خلال الردود الدبلوماسية.. بعد نفى وزارة الخارجية المصرية للخبر، أصرت الخارجية التركية على إصدار بيان يطالب سفراء دول شرق المتوسط بـ«عدم تجاوز حدودهم، فى التصريحات المتعلقة بالأنشطة التركية، الخاصة بالتنقيب عن النفط والغاز بالمنطقة»!!.

تركيا ترفض الالتزام بقواعد القانون الدولى، وتحاول أن تفرض بالقوة تفسيراتها الخاصة، التى تعتبر الجرف القارى لأراضيها يمتد إلى 200 ميل بحرى، مقابل 14 ميلاً فقط لجزيرة قبرص وللجزر اليونانية، وذلك مخالف تماماً لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، التى تعطى للجزر نفس حقوق الدول الشاطئية، فى المياه الإقليمية والجرف القارى، وحتى تفرض أنقرة ذلك المفهوم المغلوط كواقع على الأرض، قامت منذ 2011 بمنح شركة «TPAO» التركية حق التنقيب فى «البلوك 3»، بمنطقة «كاليبسو» ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص شمال الجزيرة، الذى تحتله تركيا، لكن الشركات الدولية المتخصصة فى الحفر على أعماق كبيرة، رفضت التعاقد معها، على نحو ما تم مع باقى دول المنطقة، التى قامت بترسيم حدودها، وفقاً للقانون الدولى، ما دفع تركيا مايو 2018، إلى محاولة الاعتماد على نفسها، بإطلاق أول سفينة حفر سمّتها «الفاتح» تيمناً بالسلطان العثمانى محمد الفاتح.. وهو تصعيد عدائى بالغ الخطورة.

العدائيات التركية تحولت منذ يوليو الماضى إلى إجراءات لا مجرد تهديدات؛ دفعت قواتها لاقتحام جزيرة إيميا الصخرية «كارداك» فى بحر إيجة، وقامت بإنزال العلم اليونانى من عليها.. وزير الخارجية التركى أعلن أن بلاده تعتزم التنقيب عن النفط والغاز بالمنطقة.. والأسطول التركى منع سفينة الحفر الإيطالية «سايبم» التابعة لـ«إينى»، من الوصول إلى موقع حفر الغاز بالبلوك «3» فى أغسطس، وهو يبعد أقل من 100 كيلومتر عن حقل «ظهر» قبالة الساحل المصرى، ما يعكس ما تمثله البلطجة التركية من تهديد للمصالح المصرية.. تزامن مع ذلك تعزيز تركيا لحاميتها العسكرية شمال الجزيرة، واتهام أردوغان لليونان وقبرص والشركات الأجنبية بانتهاك السيادة التركية بمواصلتها التنقيب عن الغاز، مهدداً بالتدخل العسكرى، ما جدد المخاوف من نشوب صراع مسلح شرق المتوسط، يهدد أوروبا ودول المنطقة، التهديدات التركية تصاعدت بقيام قواتها البحرية باحتجاز سفينة صيد قبرصية 21 سبتمبر الماضى، على متنها ٥ بحارة مصريين قرب سواحل شمال قبرص المحتلة، فى محاولة لتأكيد حقها فى ممارسة السيادة على المنطقة بالقوة.

العدائيات التركية تتجه للتصعيد بصورة بالغة الخطورة، بدأت بتعزيز وجودها العسكرى بمواقع ضمن دائرة الأمن القومى لمصر «سواكن، الصومال، قطر، وشمال قبرص»، ما يهدد مصالحنا فى البحرين الأحمر والمتوسط والخليج.. مصر فى المقابل وجهت لتركيا ضربات فى الصميم.. أطاحت بحكم الإخوان، الذين وصلوا للسلطة بدعم تركى قطرى أمريكى.. ألغت اتفاقية الرورو التى كانت تعفى سفنها من رسوم المرور فى القناة، وتسمح بتهريب الأسلحة والمتفجرات لعناصرها بالداخل.. فككت البنية التحتية للتنظيمات الإرهابية التى تدعمها فى سيناء والوادى.. وأغلقت الحدود الغربية فى وجه تسللهم عن طريق ليبيا، ونسقت مع الجيش الوطنى الليبى لإغلاق طرق الدعم البحرية والجوية للجماعات الإرهابية.. تحول مصر إلى مركز لإنتاج وتوزيع الغاز والبترول يعتبر أشد اللطمات التى وجهت لوضع تركيا الجيواستراتيجى، ومصالحها الاقتصادية، لذلك فإن ما تمارسه من تحرشات قرب مناطق ومشروعات الغاز المصرية شرق المتوسط ينبغى التعامل معه بكامل اليقظة والحذر، ومعالجته بالحكمة والحزم.

رسائل الرئيس بعد قمة كريت الثلاثية، بالغة الوضوح، نأمل فى أن تؤدى إلى تحكيم الطرف الآخر للعقل، وأن يدرك أن ثمن الرعونة سيكون فادحاً.

نقلًا عن الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر والتحرشات العسكرية التركية مصر والتحرشات العسكرية التركية



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon