توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حرب الغاز.. وصراعات المصالح «7»

  مصر اليوم -

حرب الغاز وصراعات المصالح «7»

بقلم - جمال طه

إسرائيل ظلت مترددة لسنوات، بين تغذية إرهاب سيناء لإشغال مصر، وبين رفع يدها عنه، لأنه يستهدفها بنفس القدر.. لكنها سلمت أخيراً بأن العداء مع مصر لن يكفل نجاح مشاريع التعاون فى مجال الطاقة، ما يفسر تفهمها لتدفق الجحافل العسكرية على شبه الجزيرة فى العملية «سيناء 2018».. استراتيجية إسرائيل فى مجال الغاز تعتمد على التعاون الإقليمى، خط أنابيب الغاز إلى الأردن، يستهدف تنفيذ صفقة 2016، الخاصة بتصدير 300 مليون قدم3 على مدى 15 عاماً بـ10 مليارات دولار، تمثل 25% من احتياجاته، عملية الضخ تبدأ 2019.. لكن تعاونها مع مصر هو البديل حال تعثر تنفيذ اتفاقات «إيست ميد».

قبرص واليونان ينبغى أن يتم التعامل معهما باعتبارهما كياناً واحداً، استراتيجيته السياسية تتنازعها قوة التحالف العسكرى مع مصر، تحسباً للمواجهة مع تركيا، ومصالحه الاقتصادية مع إسرائيل.. شركة «إنرجين» اليونانية تمتلك حقلى غاز «كاريش وتنين» الإسرائيليين، منذ أغسطس 2016، عندما ابتاعتهما من شركتى «ديليك ونوبل إنرجى» مقابل 150 مليون دولار، ضمن محاولة إسرائيلية ناجحة لكسب موقف أثينا.. «إيست ميد» مشروع مشترك بين مجموعتين؛ «ديبا» اليونانية للغاز، و«إديسون» الإيطالية للطاقة.. وشركة «اى جى أى بوسيدون» اليونانية هى التى تتولى تطوير المشروع والترويج له.. اليونان تمتلك محطتى إسالة فى ريفيثوسا والكساندروبولى، وبالتالى فهى المنافس الوحيد لمصر فى المنطقة، لأنها قادرة على تسييل الغاز وتصديره، بمجرد وصوله لأراضيها، حتى قبل اكتمال الخط لإيطاليا.. ثم إنها تنتمى للاتحاد الأوروبى، الذى يتعامل مع «إيست ميد» بازدواجية أقرب لإسرائيل.. معركة الغاز «معركة مصالح بامتياز»، واليونان تنحاز لمصالحها.

إيطاليا طرف رئيسى فى المشروع، فهى نقطة العبور لأوروبا، شركتها الوطنية «إينى» مستثمر رئيسى فى عمليات الاستكشاف والإنتاج، حيث تتجاوز استثماراتها بمصر وقبرص 90 مليار دولار، بخلاف شراكتها مع «توتال» الفرنسية و«نوفاتك» الروسية فى عمليات الكشف على السواحل اللبنانية، حدة التنافس بين دول المنطقة أوقعتها مؤخراً فى إشكاليات متعددة، أبرزها تصاعد التهديدات المتبادلة بين إسرائيل ولبنان بشأن عمليات التنقيب فى المنطقة المتنازع عليها، وما حدث من تحرشات تركية بالحفار «سايبم»، ومنعه بالقوة من العمل جنوب قبرص، إلى الحد الذى اضطرت معه إلى تأمين عمله بفرقاطة حربية.. حتى إعادة تحريك مشكلة ريجينى ليست بعيدة عن تنافس المصالح الاقتصادية والغازية بالمنطقة.. المصالح الإيطالية تنبع من كونها منتجاً رئيسياً للغاز، يحصل على حصته الضخمة بموجب التعاقدات، وهو قادر على تأمين عمليات الإنتاج عسكرياً، شريطة ألا يجد نفسه متورطاً فى حرب بين دول الإقليم.

تركيا أوشكت على الاتفاق مع إسرائيل، على مرور خط الغاز لأوروبا عبر أراضيها، بما يحمله ذلك من جدوى اقتصادية، تفوق نظيرتها عبر قبرص واليونان وإيطاليا، لولا تكرار المشاكل الثنائية، بصورة أكدت استحالة الارتباط الاستراتيجى بينهما.. السياسة التركية تستهدف رفع تقييم المخاطر المحيطة بتنفيذ «إيست ميد»، إلى الحد الذى يجبر المستثمرين على التراجع عنه، أو تأجيله، والدخول فى مرحلة من التفاهمات، قد تتمكن خلالها من إعادته لمساره الأول عبر أراضيها، والحفاظ على وضعها كمركز دولى لشبكات التغذية بالغاز لأوروبا، ما يفسر إصرارها على إنكار مشروعية كل اتفاقات ترسيم الحدود البحرية بالمنطقة، والادعاء بأن مسار خط الأنابيب يخترق منطقة الجرف القارى الذى تدعى أحقيتها فيه.. اعتزام اليونان توسيع مياهها الإقليمية من 6 أميال بحرية إلى 12 ميلاً، يحول بحر إيجة إلى بحر يونانى مغلق، ما يفسر سرعة الرد التركى ببدء عمليات التنقيب جنوب غرب قبرص فى نوفمبر 2018، وإعلان البحرية التركية اعتزامها إقامة قاعدة بحرية دائمة شمال قبرص المحتل، وهو تطور جيوسياسى بالغ الأهمية من حيث انعكاساته على توازنات القوى بالمنطقة.. الشهور القليلة المقبلة حُبلى باستفزازات تستهدف إشعال لهيب الحرب، لأن أى اشتباك يمثل نجاحاً لاستراتيجية تركيا فى رفع الغطاء التأمينى عن مشروع الخط، وعرقلة تنفيذه.

روسيا التى ظل حكامها من القياصرة يحلمون بالوصول لمياه البحر المتوسط الدافئة، أضحت واحداً من أكبر المستثمرين فى مشروعات الغاز بالمنطقة، دخلت سوريا لتوقف المشروع القطرى الخاص بمد خط غاز لأوروبا، منافساً للغاز الروسى، ولتضع يدها على الاحتياطى الضخم، الذى سيجعل سوريا ثالث بلد مصدر للغاز فى العالم.. روسيا تلبى ثلث احتياجات أوروبا من الغاز، عبر خط «نورد ستريم 1» الذى يصل إلى ألمانيا، وخطى أنابيب يصلان إلى بولندا عبر بيلاروسيا، وعمليات تسليم مباشرة لفنلندا ودول البلطيق.. خط «السيل التركى» لجنوب شرق أوروبا واليونان وإيطاليا ينتهى يناير 2020، وتنتظر انتهاء الحرب السورية لتدشين خط تصدير الغاز الإيرانى عبر العراق وسوريا إلى ساحل المتوسط.. مسارات متعددة تستهدف حصار السوق الأوروبى، أكبر مستهلك للغاز فى العالم.. موسكو تدرك أن غاز شرق المتوسط سيكون البديل السياسى لاستغناء أوروبا عن الغاز الروسى، لذلك دخلت شريكة بـ30% فى حقل ظهر، وكمستثمر فى خط نقل غاز حقل «أفروديت» القبرصى لمصر، حتى تفرض نفسها كشريك حتى فى البدائل المحتملة، لكن مصالحها ترتبط استراتيجياً مع تركيا، وستنحاز لأى إجراء يعرقل تنفيذ «إيست ميد».. وهى من جانبها تتعمد إغراق الأسواق بالغاز، على النحو الذى هوى بأسعاره بأكثر من 80% خلال العشر سنوات الأخيرة، فى محاولة للتأثير على الجدوى الاقتصادية للمشروعات البديلة، وهو اتجاه مرشح للمزيد، بفعل تدفق إمدادات الغاز الصخرى الأمريكى، وتزايد شحنات الغاز المسال، ومد خط غاز «نيجيريا/المغرب» عبر سواحل الغرب الأفريقى وصولاً لأوروبا.. إدارة روسيا لملف الغاز نموذج للحنكة السياسية.

رغم الاتفاق على تمويل «إيست ميد» بمعرفة القطاع الخاص، فإنه لن يرى النور دون مشاركة الصناديق السيادية للاتحاد الأوروبى، الذى يتبناه ليتخلص من الاعتماد على روسيا، ما يبرر تحركه فى مسارات موازية مع إسرائيل ومصر، وهو يفضل بالطبع أن يكون البديل «غربى لا عربى».. مصر قادرة على تصدير الغاز عبر خط الأردن، وبالناقلات العملاقة للشرق الأقصى وأوروبا، لكن نجاحها فى فرض نفسها كشريك فى اتفاق 29 نوفمبر، يعبر عن دور سياسى بالمنطقة ينبغى أن تحرص عليه.. هل وصلت الرسالة؟!.

أنهيت ثانية تلك السلسلة، التى آمل ألا يعاد فتحها، بفعل حرب يقترب قرع طبولها.

نقلا عن الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب الغاز وصراعات المصالح «7» حرب الغاز وصراعات المصالح «7»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:18 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الروح والحب والإخلاص " ربنا يسعدكم "

GMT 23:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 18:11 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

3 تحديات تنتظر الزمالك قبل غلق الميركاتو الصيفي

GMT 07:33 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"سيسيه يؤكد رفضت عروضا من أجل البقاء مع "الاتحاد

GMT 05:59 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

محمد النني يقترب من الدوري السعودي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon