توقيت القاهرة المحلي 09:48:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«وعد الدولتين» بعد «وعد بلفور»

  مصر اليوم -

«وعد الدولتين» بعد «وعد بلفور»

بقلم - فـــؤاد مطـــر

أثمر النهج الذي اعتمدتْه القمم العربية - الإسلامية وتلك القمم التي كان لبعض القادة العرب مشاركة فيها، تبدلاً متدرجاً في المواقف الدولية من الصراع العربي - الإسرائيلي، وبالذات الرافد الأهم في هذا الصراع، ونعني به الموضوع الفلسطيني.

ومن الطبيعي أن بعض الدول الأجنبية، وبالذات دول القارة الأوروبية، رصدت متحملة أثقال التبني على مدى 5 عقود والمعزز بحصانة سياسية ودعم عسكري وإعلامي من جانب الإدارة الأميركية بجناحيها «الديمقراطي» و«الجمهوري»، ومن جانب الحكومة البريطانية بعهديْها «المحافظ» و«العمالي»، وتحملت حكومات بعض الدول الأوروبية تلك القدرة على التحمل من هذا التوجه الظالم. ثم يأتي بمثابة صدمة ضميرية التعامل الحربي الإسرائيلي غير المسبوقة أساليبه، وبالذات تدمير بيوت ومساجد ومدارس وكنائس على مَن فيها وقصف مستشفيات إلى حد إخلاء المرضى من رجال ونساء وأطفال وهم على أسرَّتهم، ويتحول الأطباء والممرضون والممرضات إلى أهداف بالقتل ينجو منهم البعض ويقضي، كما عشرات الألوف من الغزيين، ومنهم عشرة آلاف طفل، جثثاً تغمرها الأتربة وتنتظر أصحاب همم يلفونها بأكفان بعد التعرف من جانب الأقارب على هؤلاء الذين شوه العدوان ملامح وجوههم.

بعد سبعة أشهر من الحراك العربي الغاضب أشد الغضب مع الحرص على الإدلاء بالتصريحات التي تُركز على الحق الفلسطيني المسلوب والتمسك بالسلام الذي يدرأ المخاطر عن السلامتين... سلامة الوطن وسلامة الشعب، تُقرر بعض الدول الأوروبية التكفير عن ارتضاء سكوتها على ظلم تاريخي، ورأت أنه إذا كانت الإدارات الأميركية وأحدثها، كما أكثرها، تفضل الباطل على الحق والشر على الخير وتعتبر الاحتلال أمراً يحق للمحتل أن يكرسه كحالة غير قابلة للتعديل، فإن هذه الدول، وهي هنا إسبانيا والنرويج وآيرلندا، سجلت فاتحة شجاعة للتصرف الذي يجعل الحق يعلو ولا يُعلى عليه رفضاً للأسلوب المعتمد من جانب حاضني إسرائيل حتى إذا أخذت هذه بالعدوان أسلوب تهديد وترويع إلى درجة الإبادة للحجر كما للبشر على حد سواء.

أهمية المثلث الأوروبي في قراره الاعتراف بفلسطين دولة تكاتف دولة إسرائيل، أن هذه الخطوة ستجعل سائر الدول الأوروبية تقرأ بعناية مواقف الدول العربية من خلال قممهم التي مضمون بياناتها التركيز على الموضوع المؤجل حسْمه سنة بعد سنة، وبالذات القمم العربية التي كانت في منحاها داعية سلام محصن من الاختراقات ومن مغامرات الحكام المتطلعين إلى مكان لهم في القمة. تلك المواقف شكلت وقفات من التأمل لدى دول أوروبية، ثم تأتي انتفاضة طلاب الجامعات الأميركية والأوروبية تضيف المزيد من وقفات التأمل، خصوصاً أن منطلقات تلك الانتفاضة إنسانية وليست سياسية. وحتى الكوفية الفلسطينية على أكتاف طالبات وطلاب شاركوا في مسيرات الاحتجاج فإنها كانت مثل إعجاب جيل أوروبي وأميركي وآسيوي في أواخر الستينات بشخصية تشي غيفارا يرتدي هؤلاء ما يرمز إلى ذلك المناضل الشاب الذي كانت له بصمة في ثورة فيديل كاسترو الذي رحل وما زال النظام الذي أنشأه كاد يشعل حرباً أميركية - سوفياتية صامداً. ولا بد أن طلاب الجامعات الذين انتفضوا، وبكثير من الرقي والأصول أوقدوا في ضمائر بعض أهل السياسة شعلة اتخاذ وقفة إذا كانت هنالك محاذير لاتخاذ موقف حاسم. وهذا ما أقدم عليه أهل اتخاذ القرار في إسبانيا وآيرلندا والنرويج. وكما توالى حدوث انتفاضات طلاب الجامعات الأميركية والأوروبية بعد الانتفاضة الأولى، فإنه وارد احتمال اتخاذ دول أوروبية ودول مرتبطة بمصالح ومعاهدات مع إسرائيل، الموقف المماثل لموقف الدول الثلاث، أو اتخاذ مواقف ضاغطة على الإدارة الأميركية والحكومة البريطانية لكي يتم حسم أمر «وعد الدولتين» كمثْل حسم «وعد بلفور» الذي أثبتت تداعيات 76 سنة بدأت عام 1948 أن ما يبنى على باطل لا بد وأن يتداعى في الحد الأقصى، أو يتم ترتيب ظروفه وما نتج عن الأمر الواقع الصهيوني المحروس أميركياً وبريطانياً.

ويبقى التساؤل: هل نحن في ضوء ما انتهت إليه قمة المنامة، وسنذهب إلى المؤتمر الدولي الذي يحسم أمر الدولة الفلسطينية كتفاً على كتف دولة إسرائيل التي لا يرتكب أهل الحكم فيها الآثام التي ارتكبها الحاليون بقيادة رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي الذي كان برسم المحاكمة قبل الترؤس وبات مداناً سينال العقاب الجنائي الدولي ولو كره حاضنه الأميركي ذلك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«وعد الدولتين» بعد «وعد بلفور» «وعد الدولتين» بعد «وعد بلفور»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon