توقيت القاهرة المحلي 21:07:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الطوفان الروحي الذي ليته حصل

  مصر اليوم -

الطوفان الروحي الذي ليته حصل

بقلم - فـــؤاد مطـــر

الآن وفيما المسجد الأقصى أمْناً وأمانة عربية - إسلامية حاضر بقوة في ضمير أبناء الأمتين حكاماً ومواطنين، ثمة واقعة ذات دلالات كثيرة تعود إلى تسع سنوات يستحضرها المرء مثل حالنا والتي نفوسنا «حزينة حتى الموت» على قطاع غزة وبلدات لبنانية ومناطق استراتيجية في سوريا المتناثرة تدميراً وتجويعاً لمئات الآلاف من الآباء والأمهات والفتية والفتيات والرضع هبة السماء إلى الأرض.

تتلخص هذه الواقعة بأن إياد بن أمين مدني الأمين العام ﻟ«منظمة التعاون الإسلامي» (السابق) التي تضم في عضويتها 57 دولة إسلامية موزعة على أربع قارات فاجأ (للمرة الثانية) يوم الأربعاء 27 مايو (أيار) 2015 وزراء خارجية الدول الأعضاء في المنظمة بالدعوة في كلمته المسلمين إلى زيارة المسجد الأقصى قائلاً: «لقد دعوت وما زلت أدعو المسلمين لزيارة المسجد الأقصى لتأكيد حق المسلمين ومن أجْل كسْر سياسة الاحتلال الرامية لعزل المدينة المقدسة من عمقها العربي والإسلامي...».

القول إن إياد مدني فاجأ اجتماع الكويت للمرة الثانية يعود إلى أنه في يناير (كانون الثاني) 2015 وبعدما كان تسلَّم منصب الأمين العام للمنظمة، اغتنم مناسبة إعلان القدس عاصمة للسياحة الإسلامية، فقام بزيارة المدينة وصلَّى في المسجد الأقصى ومن دون أن يكون تم ذلك بتكليف من اجتماع عقدتْه المنظمة وأعطى للزيارة وصفاً بأنها رمزية وشخصية، وإن كان هذا التوصيف لا يلغي مكانته الرسمية، موضحاً الآتي: «إن منظمة التعاون الإسلامي انطلقت لتنافح عن المسجد الأقصى المبارك، وينص ميثاقها على أن مقرها هو القدس الشريف، وأن عملها من جدة إنما هو أمر مؤقت، إلى أن يكتب الله للقدس انعتاقاً من ربقة الاحتلال الإسرائيلي...».

الآن ونحن نتأمل في تداعيات الطوفان الصاروخي (طوفان الأقصى) وما تسبب به هذا الطوفان من تدمير منازل ومدارس ومساجد وكنائس ومستشفيات، والإمعان في إبادة أرواح قتلاً من غارات على مدار 6 أشهر، نجد أنفسنا نتساءل: لماذا لم تأخذ تلك الدعوة من جانب الأمين العام ﻟ «منظمة التعاون الإسلامي» فرصة إنجازها، وبحيث يبدأ مسؤولون من الـ57 دولة أعضاء المنظمة زيارات روحية إلى الحرم الثالث للتبرك بين الحين والآخر، بل ولماذا لا يكون شهر الصوم المبارك شهر تعبُّد في رحاب المسجد الذي مع شديد الأسف تُرك ليعبث بقدسيته متطرفون صهاينة تشرَّبوا فنون الكراهية ضد كل ما هو عربي ومسلم، وهي كراهية متأصلة في النفوس وإلى درجة أن نتنياهو صانع فنون الإبادة والتدمير والمحظي بتبريكات رؤساء دول وحكومات أطلسية قالها صراحة ماضياً بأنه يتمنى الموت لكل عربي، وجاء الطوفان الحمساوي يزيده شغفاً بالإبادة والتدمير والتجويع والتهجير، كما يجعله ينفِّذ بشراسة منقطعة النظير ما سبق أن قاله ذات يوم إنه مستعد لإحراق نصف واشنطن وتداركت الرئاسة الأميركية أمر تهديده هذا طبطبة على كتفيه تبعتها ترجمة هذا الحنو الأميركي ليس فقط حصول إسرائيل على ما تريد من سلاح ومساعدات، وإنما التسليم بما يراه المخطط الصهيوني لجهة تمييع مشروع الدولة الفلسطينية على نحو ما رسم معالمها الموضوعية والمنصفة مشروع الملك فهد بن عبد العزيز في قمة «فاس» 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 1981 وزاده بلورة وتحديداً الملك عبد الله بن عبد العزيز في القمة العربية الدورية في بيروت 27 مارس (آذار) 2002. ثم القول بنبرة المتعالي عند طلب الرئيس بايدن منه وبمفردات تتسم بالتمني تنفيذ مطالب يفترض الرئيس الأميركي أنها تخفف من الغضب العربي والإسلامي والدولي بنسبة ملحوظة على الموقف الأميركي - الأطلسي غير الإنساني في عدوان إسرائيل نتنياهو على غزة الهوية والأرض... البشر والحجر، إنه هو (نتنياهو المتعالي) من يقرر موقف إسرائيل وما ترى حكومته اتخاذه. وهذه النبرة هي التي حدت بالبعض في إسرائيل إلى وصف نتنياهو بأنه ناكر الجمائل الأميركية.

كانت فكرة زيارة المسجد الأقصى على نحو ما أورد الهدف منها الأمين العام ﻟ«منظمة التعاون الإسلامي» قبل تسع سنوات جديرة بالتنفيذ المتدرج من القاعدة الشعبية إلى القمة أو الاكتفاء بمسؤولين في وزارات مختصة تفادياً لتفسيرات في حينه. مثل هذه الزيارات كانت ستضع حداً لما فعله إسرائيليون وصلت الحال ببعضهم إلى الرقص في ساحات المسجد وبعضهم إلى المطالبة بما هو أخطر، أي هدم المقام المقدس. ولقد كان طي صفحة هذه الفكرة مدعاة للاستغراب مع أن طارحها يمثل رسمياً المنظمة، وبصرف النظر عما إذا كان إجهاض الدعوة لأنها صادرة بلسان عربي ومن شخص عربي وبالذات سعودي، ومثل هذه الفكرة لا تلقى ترحيب الأعجميْن: تركيا وإيران وكل منهما يعدَّ الأقصى «أقصاه»! الرئيس التركي إردوغان يعمل آملاً لتحقيق حلمه من خلال استقطاب «الإخوان المسلمين» وكذلك في بناء علاقة استراتيجية مع إسرائيل بلغت درجة متقدمة عبَّر عنها الرئيس إردوغان الذي استقبل يوم الخميس 10 مارس (آذار) 2022 في أنقرة رئيس إسرائيل إسحاق هيرتسوغ، واصفاً هذه الزيارة وما أسفرت عنها المحادثات بأنها «خطوة تاريخية ونقطة تحوُّل في العلاقات بين البلدين». حتى إشعار آخر يبدو بعيد المنال أمر استحواذ تركيا الإردوغانية على الأقصى. ثم يأتي الطوفان الصاروخي مصادفة بعد سنة وفي الشهر نفسه الذي بشَّر به إردوغان بالعلاقة الاستراتيجية مع إسرائيل، وكأنما كانت إيران الخامنئية متحسبة لما يجول في البال التركي فكانت الهجمة الحمساوية وباسم الأقصى الذي كان السبيل المشار إليه في مطلع هذه المقالة أي دعوة المسلمين إلى زيارة الحرم الثالث ومن دون انقطاع بمثابة «الطوفان الروحي» لا تسقط بسببه أرواح بريئة ولا تعطى إسرائيل نتنياهو ذريعة لتحقيق كنه المشروع الصهيوني بجعل كل فلسطين من غابر الزمان بما في ذلك قطاع غزة وقد بات أرضاً لا عيش فيها، وتؤكد المقابر أن الصهيونية فعلت هذه الجريمة الخطيئة على أن يستتبع ذلك ترحيل قسري للفلسطينيين الذين لا يرتضون العيش كجالية مسلمة في إسرائيل الكبرى. هذا مع الأخذ في الاعتبار أنه رغم ارتضاء بعض الفلسطينيين العمل السياسي تحت مظلة إسرائيلية أو مؤسسة حكومية، فإنهم مستهدَفون لأنهم عرب. والعربي في نظر حاخامات وسياسيين إسرائيليين يجب أن يموت مع أن الكيان الإسرائيلي إلى تفكك فإلى حرب أهلية بعد التعامل بوحشية مع «الطوفان الصاروخي».

ورغم كل الفواجع هنالك «الطوفان الروحي»... طوفان «منظمة التعاون الإسلامي» الذي من مصلحة أمة المسلمين والعرب اعتماده في انتظار انقشاع الغيوم الداكنة من سماء سياسات في بعض ديار الأمتين. كما أن الروحي يمكن أن يبلسم ما في النفوس من الذي أحدثه الطوفان الصاروخي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطوفان الروحي الذي ليته حصل الطوفان الروحي الذي ليته حصل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 00:02 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
  مصر اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 11:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:30 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل
  مصر اليوم - جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل

GMT 21:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سيد الناس يعيد بشرى للمشاركة في دراما رمضان
  مصر اليوم - سيد الناس يعيد بشرى للمشاركة في دراما رمضان

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:00 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العلماء الروس يطورون طائرة مسيّرة لمراقبة حرائق الغابات

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 20:12 2024 الخميس ,15 آب / أغسطس

عمر كمال يوجه رسالة مؤثرة لأحمد رفعت

GMT 10:00 2016 الأربعاء ,09 آذار/ مارس

إصبع ذكي يعيد حاسة اللمس للاصابع المبتورة

GMT 23:53 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

مصمم مغربي يطرح تشكيلة راقية من القفطان الربيعي لموسم 2016

GMT 05:09 2015 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

توثيق ازدهار ونهاية مؤسس "داعش" أبو مصعب الزرقاوي

GMT 21:24 2017 السبت ,09 أيلول / سبتمبر

5 مواقف فتحت النار على سهير رمزي بعد خلع الحجاب

GMT 05:22 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

خبيرة موضة تقدم نصائح لارتداء فساتين الصيف خلال الشتاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon