توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيسنجر... ويا لتلك الثغرة (1)

  مصر اليوم -

كيسنجر ويا لتلك الثغرة 1

بقلم - فـــؤاد مطـــر

أمضيت السنوات الأولى من الحقبة الساداتية، بحكم متابعتي الدؤوبة للتطورات السياسية العربية في صحيفة «النهار» اللبنانية، كثير الاهتمام بتعاطي وزير الخارجية الأميركي الدكتور هنري كيسنجر، الذي بلغ أوج تخطيطه في إقناع الرئيس أنور السادات بإبرام اتفاقية السلام مع رئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيغن، التي تمت في كامب ديفيد، برعاية الرئيس التاسع والثلاثين للولايات المتحدة جيمي كارتر، حملت يوم 26 مارس (آذار) 1979 _ 27 ربيع الثاني 1399 ﻫـ تاريخاً للتوقيع الثلاثي عليها. وللتذكير، فإن الاتفاقية التي تدعو الأطراف الأُخرى للنزاع (سوريا، الأردن) إلى الاشتراك في العملية، تنص في موادها الأُولى والثانية والثالثة على «إنهاء حالة الحرب بين الطرفيْن وإقامة السلام بينهما وسحْب إسرائيل كافة قواتها المسلحة والمدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب، وعند إتمام الانسحاب المرحلي يقيم الطرفان علاقات طبيعية وودية بينهما...».

ليس هنا المجال للإفاضة في الإضاءة على ما تلا التوقيع من جانب اعتراض معظم الدول العربية على هذا الصلح المنفرد، وتطور الاعتراض إلى تجميد عضوية مصر في الجامعة لبضع سنوات في أواخر عهد السادات، ثم في بعض سنوات الرئيس حسني مبارك، واستعادة مصر العضوية لاحقاً، وبالروحية نفسها لاستعادة الرئيس بشَّار الأسد مكانة في قمة رأب التصدعات التي عُقدت في جدة، يوم الجمعة 14 مايو (أيار) 2023، وأصدرت بياناً هو بمثابة خريطة للعمل العربي التشاركي في رسم معالم الطريق، وفي فترة زمنية تحقيق استعادة سوريا الدور ولمّ شمل النزوح واللجوء.

كانت السنوات الثلاث المصرية كيسنجرية في بعض ملامح العمل السياسي. فقد خاض الرئيس السادات الحرب وحقق الجيش المصري مفاجأة وأثلجت الصدور عملية العبور التاريخية.

وفيما الفرح يسود الأجواء العربية في ضوء النتائج الأولية لحرب 6 أكتوبر (تشرين الأول) 1973، ومباهج العبور والانتشار العسكري المصري في سيناء تغمر النفوس، دخل كيسنجر خفية على المشهد الحربي محفزاً إسرائيل على إحداث اختراق إسرائيلي، باتت تسميته «ثغرة الدفرسوار». ومنذ تلك الواقعة، باتت الثغرة محور الاتصالات والتصريحات والمتابعة من جانبنا؛ المراسلين العرب والأجانب. ومن دون أن تخطر في البال أن الثغرة فعل كيسنجري الغرض منه الانتقال إلى مسالمة مصرية - إسرائيلية، وهذا ما انتهى إليه الحراك الكيسنجري؛ مفاوضات سلام بين السادات وبيغن (17 سبتمبر / أيلول 1978)، مهَّد لتوقيع المعاهدة التي أشرنا إليها في سطور سابقة.

بداية دور كيسنجر يعكسه قوله عند حدوث الواقعة: «إن حرب أكتوبر فاجأتْنا على نحو لم نكن نتوقعه».

هل كان صعباً على مصر إنهاء الثغرة وإكمال الانتصار. وهل في هذه الحال لا يتم إبرام اتفاقية السلام وإنشاء العلاقات بالضغوط الأميركية.

أستحضر كإجابة من المرجعية الحربية المشير أحمد إسماعيل، أوردها في مقابلة (أرادها مسجلة محتفظاً بنسخة من التسجيل)، أجريتها معه في مكتبه ليلة الخميس 3 أكتوبر (تشرين الأول) 1974، وبحضور مساعده وقائد الجيش الثاني خلال الحرب اللواء سعد مأمون، ومما قاله: «أمس كنت أتحدث مع أحمد بهاء الدين في أمر الثغرة. ولقد أكدتُ له وأريد أن أؤكد أيضاً لكَ أن موضوع الثغرة لم يكن مسألة صعبة بالنسبة إلينا كعسكريين»، والتفت المشير إسماعيل إلى اللواء سعد مأمون، وقال: «اللواء سعد يجلس إلى جانبك. لقد عينْته ليصفِّي أمر الثغرة».

ومن جانبي، قلت للواء سعد مأمون؛ ليتك أنهيت موضوع الثغرة، فلو انتهت ماذا كان سيبقى لإسرائيل؟ ثم تذكرتُ الإنذار الذي وجَّهه الرئيس ريتشارد نيكسون، وحمله كيسنجر إلى السادات في أسوان. وأضاف المشير إسماعيل: «وضعْنا خطة بالفعل لضرب الثغرة، وأنا واثق من أننا كنا سننهيها ونشتت الجنود الإسرائيليين. وفي اجتماع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، عُقد في القناطر الخيرية، يوم 24 ديسمبر (كانون الأول) 1973، عرضتُ الخطة على الرئيس السادات، وأنا مقتنع بأن العدو فضَّل أن ينسحب بعدما أدرك أن الوضع ليس لمصلحته أبداً...».

كان كلام المشير إسماعيل يوحي بأن الموضوع سياسي، وكذلك القرار. ومن أجْل ذلك تُرك الأمر للرئيس السادات الذي بات صديقاً للداهية كيسنجر.

ومن هنا، وجدتُ نفسي تواقاً لاكتشاف هذه الظاهرة الكثيرة التميز في التخطيط السياسي والدبلوماسي لمناسبة مئوية الرجل... وكان السعي حثيثاً من أجل ذلك. وهذا ما ستتبين دواعيه في مقالة لاحقة. والله المعين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيسنجر ويا لتلك الثغرة 1 كيسنجر ويا لتلك الثغرة 1



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon