توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الهداية المأمولة في الشهر الفضيل

  مصر اليوم -

الهداية المأمولة في الشهر الفضيل

بقلم - فـــؤاد مطـــر

تُحرك الأجواء الروحانية وبالذات في ظل الأزمات والصراعات التي تعيشها بعض أقطار الأمتيْن، الأمل في أن يهتدي أطياف النهج التعطيلي للتعايش في أحسن حالاته، إلى سواء السبيل. وشهر الصوم المبارك الذي يهل هلاله علينا بعد أيام هو من الأشهر التي تبلغ فيه الأجواء الروحانية منتهاها وتكون خير مناسبة للذين غادروا السبيل عمداً أو رهاناً أو حتى من دون قصد، لكي يتأمل هذا الأخ الحوثي في اليمن في واقع الحال ومعه في كل من لبنان والعراق وفلسطين وسوريا، وكل أخ يغرد خارج مداره العربي ويواصل تشبثاً بمفاهيم لا تبني مجتمعاً متحاباً ولا وطناً مستقراً، وهي مفاهيم تُغذَّى عسكرياً ومذهبياً. وهي لو كانت أثمرت ما يفيد الشعب والوطن وقبل ذلك يرضي رب العالمين، لجاز اعتبار ذلك خياراً لنهج يحقق الطمأنينة. لكن التأمل في عقدين من السنوات عاشتها وما زالت شعوب الأقطار المشار إليها باستثناء الحلقات التي يتشكل منها السوار المذهبي والمسلح، تؤكد أنه لا خير على المدى البعيد يرتجى، وأن عشرين سنة من الإطباق الثوري والمذهبي وبالسند العسكري على مجتمعات في لبنان والعراق وفلسطين وسوريا واليمن تكفي كاختبار لعدم جدوى دواء اعتبر الذين تناولوه أنه يشفي ثم يتبين أن المردود غير ذلك، وأن العلة أمعنت أذى في الكيان الذي بات وطناً عليلاً. ويكفي التعمق في أحوال خماسية الأوطان العربية التي أثقلتْها الجمهورية الإسلامية الثورية بكل ما يعوق نموها ويشل إرادة أطياف من الممسكين بمقاليد السُلطة للاستنتاج بما أحدثته ظاهرة العلة والعليل والمعلولين... أي التدخل الإيراني في الأوطان الخمسة وبملايين الناس فيها، باستثناء الذين يتولون تكليفاً أو توظيفاً تنفيذ «أجندات» لا تجاز في أمرها المناقشة كما لا مجال للاعتراض.
قبل أيام حدث نوع من الاستبشار المأمول بإمكانية متدرجة للوعي من جانب إخواننا الحوثيين الذين حوَّلوا العاصمة صنعاء إلى رهينة. وافترضنا أن الحكمة اليمانية إياها ستعود إلى صانعي القرار في الجبهة الحوثية، فيلتقي اليمني مع أخيه المخطوفة عاصمة آبائه وأجداده وأولاده وأحفاده ويبدأ العمل الجدي على لأم الجراح بإزالة الأحقاد أحياناً والعتب عموماً.
جاء افتراضنا في ضوء السعي الطيب من جانب المملكة العربية السعودية التي تريد جمعاً محموداً للشمل اليمني. وهي عندما تسعى فإنها لا توفر جهداً لإنجاح السعي. أليس هذا ما حدث بالنسبة إلى لبنان وكان اتفاق الطائف صيغة الإنقاذ التي في ضوئها استعاد اللبنانيون الوطن فالاستقرار فإعادة البناء فالازدهار والذي لا علاج في الأيام الصعبة الراهنة التي يعيشها بغير استعادة الوعي المسلوب.
تجربة «اتفاق الطائف» هي ما يحتاجها اليمن. وهي ما بدأ الوعي في لبنان يستعاد في شأنه. وعندما لا يجد اللبنانيون سبيلاً لتصحيح مسارهم المرتبك أفضل من هذا الاتفاق فإنه أحرى بإخواننا الحوثيين التأمل والتبصر وهذا لا يكون بالإكثار من شروط التعجيز رداً على مسعى يستهدف خيراً وفيراً يبدد شراً مستطيراً.
بعد أيام تحل الأجواء الروحية وتلك خير فرصة للأخ الحوثي لكي يلتقي مع إخوانه ومع الحادبين على اليمن الوطن والشعب هدياً بما يريده الملك سلمان بن عبد العزيز ووليّ العهد الأمير محمد بن سلمان وتشاركهما النظرة إلى أن قاطرة الملك سلمان هي التي تشد الأشقاء إلى صف متآلف ومتكاتف، وشعوب الأمتيْن بوجه خاص. وعندما تثمر الخطوة الإماراتية في اتجاه سوريا النظام الذي طال تغريده خارج سربه العربي وبات لا بد من تضميد عربي للجراح السورية، فإن ما هو مأمول حدوثه لم يعد بعيداً. كما عندما يقول رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي من الكلام الذي يعكس ليس فقط رأيه وإنما مشاعر الأكثرية اللبنانية، فإن المداواة العاجلة للجرح النازف باتت قريبة المنال. وعندما يعود الرئيس السيادي عبد الفتاح البرهان مجبور الخاطر من زيارة إلى الرياض كما عودة سائر الرؤساء السودانيين السابقين عندما تلم بالوضع محنة اقتصادية أو أزمة نفط أو حتى أزمة سياسية تحتاج إلى حكمة أو تحكيم من جانب ولي الأمر في المملكة، فإن حالات عربية كثيرة ستكون بنوداً في «قاطرة الملك سلمان» لإخراج العقد والتعقيدات من شرانقها، وبالذات في لبنان قبل اضمحلال صيغته وفي العراق الذي باتت مفردة «الانسداد» تلازم أزمة يتمنى الحادب السعودي نيابة عن الأمة نهاية توافقية لها.
ويبقى أننا عندما نستبشر بما أوردناه خيراً ما دمنا على موعد مع الشهر الفضيل، نتذكر كم أن فرصاً ضاعت في سنوات مضت منذ الحرب العراقية - الإيرانية وكان من شأن اغتنام المناسبات الروحية فرصة للعلاج. كما نتذكر كيف أن إطلاق الصواريخ التي تدمر كان يتم حتى عند أذان المغرب في بعض أيام الحرب الخمينية - الصدَّامية لا أعادها الله.
جعل الله من عواد الشهر الفضيل، دعاة العمل في سبيل رأب الصدع ومداواة الجراح ومستبدلي الود بالبغضاء . وعندها لا يعود إطلاق المسيّرات والصواريخ فعْل قوة ولا فعْل شجاعة. والله الهادي إلى مرضاته.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهداية المأمولة في الشهر الفضيل الهداية المأمولة في الشهر الفضيل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon