توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان وزيارة الأمناء

  مصر اليوم -

لبنان وزيارة الأمناء

بقلم : فـــؤاد مطـــر

مع أن زيارته كانت من حيث التقليد المتبع هي لتفقد القوات الدولية العاملة في الشريط الحدودي مع إسرائيل، لمناسبة أعياد الميلاد، ورفْع معنويات همم هؤلاء الذين يردعون معنوياً الاعتداء البري على لبنان فيما لا رادع للاختراقات الجوية المتكررة، إلا أن المشاعر الإنسانية تساوت لدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مع موجبات الزيارة الميلادية، فكانت اللفتة الكثيرة الرقي المتمثلة بوضع إكليل من الزهور تكريماً لأرواح ضحايا الانفجار الهيروشيمي في مرفأ بيروت، عدا عبارات برسم رموز الحكم في لبنان علهم يقرأون مضامينها بعناية، فيعيد هذا وذاك وذلك... وأولئك النظر في مواقفهم التي هي أشبه بالحطب يُلقى على النار بدل العمل على إطفائها.
بدا غوتيريش في زيارته كمن يريد مخلصاً السعي لمساعدة لبنان على تدارك مخاطر أشد قسوة على الشعب من التي يكابدها الآلاف منذ خمس سنوات وبالذات في السنتيْن العشرينيتيْن 2020 - 2021. ولكنه فيما سمعه اللبنانيون منه كمن يريد القول إنه ليس في الإمكان أكثر مما قام به، وإن كانت زيارته وأقواله ووضْع إكليل الزهور على أرواح ضحايا المرفأ وتلك لفتة صدرت من قبل عن الرئيس الفرنسي ماكرون، ولم يقم بها مع الأسف والاستغراب الأول والثاني والثالث من أهل الحكم اللبناني ولا أيضاً من الطرف الحاضن بنسب متفاوتة للمثلث الرئاسي، استوقفت أطرافاً في دول كثيرة لم تفعل ما قام به وكانت قادرة على الفعل وإن من منطلق ما أوجزه الشاعر العربي بالقول: «لا خيل عندك تهديها ولا مال.... فليسعف النطق إن لم تُسعد الحال».
وما هو لافت في رقي الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة التي للبنان الزمن الخمسيني حيز في ميثاقها كمنظمة جامعة الشمل، حرصه على أن يسمع من لبنان المرجعيات الدينية وعلى مستوى القمة باستثناء تمثيل خجول للمرجعية الشيعية، لا الاكتفاء بطروحات المراجع السياسية التي لم يستوقفه من كلامها ما يوحي بصدق السعي لوضع الأزمة اللبنانية في المسار المستقيم. وليس مستبعداً مباشرة أمين الأمانة العامة الدولية وفي نطاق ما تجيزه صلاحياته تنشيط بعض القنوات الأممية، وبعيداً عن البهرجة الإعلامية، من أجل تذليل التناقضات الدولية التي تعطل ضمناً إيجاد حلول لقضايا شرق أوسطية كثيرة عالقة أكثرها وضوحاً بالنسبة إليه القضية اللبنانية التي زادته الزيارة الميلادية وقوفاً على تعقيداتها، علاوة على أن ترويض أزمات كثيرة التعقيد وبالذات ما يتعلق بالموضوع السوري والموضوع العراقي والموضوع اليمني، يبدأ من خلال حل الأزمة اللبنانية، إذ لمجرد أن يهتدي لبنانيو التأزيم والتعطيل تشق الهداية طريقها إلى سائر الجوارات. ثم إن الحالة اللبنانية في ضوء التشخيص الأميركي والأوروبي والخليجي وما يرافق التشخيص من عقوبات مالية وتصنيفات إرهابية، لم تعد مشكلة لبنانية على اللبنانيين معالجتها، وإنما هي حالة باتت في صلب هموم واهتمامات الكثير من دول العالم كبيرها وصغيرها، وهي في طريقها لأن تصبح حاضرة وتحتها خط أحمر في الأجندة الأممية.
ربما يرى الأمين العام أن معايدته الميلادية للقوات الأممية المرابطة في منطقة عرضة للالتهاب في أي لحظة لكن وجود هذه القوات يحول دون ذلك ويتجاوز أفراد دورياتها أحياناً تحرشات غير مبررة، تتطلب منه وقد عايش حالة الإنهاك في أعلى درجات المخاطر يكابدها لبنان الوطن والشعب ولا يبالي رموز السُّلطة بذلك، تفعيل ما سمعه اللبنانيون منه وما سمعه بالذات من المرجعيات الدينية التي كان لقاء رموزها به المحطة الإيجابية الأكثر أهمية، حيث بعد أن أمضى بعض الوقت يتأمل في التفجير الهيروشيمي للمرفأ ويهدي أرواح الضحايا باقة ورد ذات شذى روحاني كونها متصلة بعيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام، قال متأثراً وبما معناه إنه في حدود صلاحياته إلى جانب مشاعره سيسعى من أجل أن يعير المجتمع الدولي الاهتمام إنسانياً وإنمائياً بلبنان، من دون أن يقول ما سبق وقاله المبادر الدولي الأول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن الحل يبدأ بتغيير الأساليب المتبعة من جانب رموز السلطات السياسية.
هل يرجو اللبنانيون الذين ضاقت بهم السُّبل ويعيشون في وطن لا يشعرون بأن الذين في أيديهم مقادير السُلطة حريصون على الوطن سيداً وعلى الشعب مطمئناً، خيراً من الأمين العام أنطونيو غوتيريش؟
في قرارة النفوس هنالك هذا الشعور، ذلك أن الرجل لا يبدي هذا الاهتمام المشاعري بلبنان لاستعماله ورقة تفيده إن هو ترأس بلاده (البرتغال) بعد انتهاء سنوات منصبه أميناً عاماً للأمم المتحدة وهذا ما تطلع إليه كورت فالدهايم على سبيل المثال، وناله حيث بات رئيساً لبلاده (النمسا) من 8 يوليو (تموز) 1986 إلى 8 يوليو 1992، لكنه قد يبدي الاهتمام تأثراً منه بما فعله الرئيس الفرنسي ماكرون الذي أعطى الحالة اللبنانية من الاهتمام ما لم تحصل عليه من جانب أهل السلطات الثلاث أنفسهم. وهنا يجوز الافتراض أن الأمين العام انتظر المناسبة الميلادية لكي يؤدي كإنسان يشغل المنصب الأممي الأول واجباً ينطبق عليه القول الشاعري الذي أوردناه في سطور سابقة حول أهمية النطق كلاماً منزهاً من القلب، عندما لا يكون في اليد ما هو أكثر فاعلية لتقديمه.
خلال ثلاثة أيام وفي ظل أجواء ميلادية امتزج بها البؤس مع اليأس وضع أنطونيو غوتيريش لبنان الذي يقطر امتهاناً من جانب أهل السُّلطة، في صدارة المشهد الأممي... على أمل أن يزور لبنان في العام الذي بعد ساعات تشرق شمس يومه الأول، الأمناء الثلاثة؛ الأمين العام للجامعة العربية والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي, كما فعل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي جاء من دون تكليف، لكنه حول زيارة تفقدية لمناسبة الميلاد ورأس السنة للقوات الدولية العاملة في لبنان إلى واجب إنساني شبيه إلى حد بزيارة إلى راقد في سرير المرض. ولقد تفاءل المريض خيراً وغامره شعور بحصول شفاء لمجرد أن تجري الانتخابات النيابية بعد ثلاثة أشهر تليها انتخابات رئاسة الجمهورية. والله كريم أولاً وآخراً ودائماً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان وزيارة الأمناء لبنان وزيارة الأمناء



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon