توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من بيت بنيه يُضرَب

  مصر اليوم -

من بيت بنيه يُضرَب

بقلم: فـــؤاد مطـــر

وحده لبنان من دون سائر شقيقاته الدول العربية، وباستثناء تونس، بعدما ارتدت ثوب الحرَاك الحزبي الذي أفرزه «الربيع العربي»، يقاسي في موضوع من المستهجَن هذه المقاساة منه، وهو موضوع تشكيل حكومة تدير شؤون الناس وبما يفرضه الواجب على المسؤول تجاه المواطن.
في الدول العربية المستقرة والتي تتوزع فيها الرئاسات وفق الدستور، يتم على قاعدة الاستنساب وبما من شأن من يتم إسناد رئاسة الحكومة إليه اختيار الشخص المناسب لكي يمارس الواجب من المكان المناسب الذي هو رئاسة الحكومة. ولم يحدث إن كان هذا المتربع على كرسي رئاسة الحكومة موضع خلاف حوله، ذلك أن اختياره لم يتم على قاعدة شأنه السياسي أو الحزبي، وإنما لأنه كفء ولأن ماضيه خالٍ من الشوائب الشخصية والعامة، إلى جانب أن هذا الماضي مكلَّل بكفاءة عالية وخبرة في حقل أو حقول تحتاج شؤون الوطن والمواطنين إلى توظيفها من أجْل إيجاد علاج لمعوقات أو من أجْل ما تسمى الخطة الخمسية، أو خلاف ذلك.
يضع رئيس الدولة أمامه، ونأخذ هنا كمثال الدولة الجمهورية المستقرة مصر، ملفات بالوقائع والأرقام والمشكلات المستعصية والخطط المتعثرة التنفيذ ويستخلص منها ما يفرض عليه اختيار من يراه مؤهلاً لمعالجة ما انتهى إليه اطلاعه على تلك الملفات. ومن بين بضعة أسماء لذوي كفاءات يختار متأنياً من هو جدير بتحقيق الإصلاح المنشود وإنقاذ المتعثر والعسير من الخطط؛ يتشاور معه، يستمع إليه أكثر مما يحدِّثه، وفي حال رأى فيما قاله أنه هو المؤهل لتسلُّم رئاسة الحكومة يخلو إلى المزيد من التأمل، ثم بعد ذلك تأتي التسمية تسبقها إشارات في الوسائل الإعلامية إلى أن هنالك حكومة جديدة على الطريق.
تتشكل الحكومة. كيف؟ يختار المكلف الوزراء الذين هم من الكفاءة والسمعة الشخصية المنزّهة عن كل ما هو مسيء. وبطبيعة الحال فإنَّ الولاء للوطن أمر محسوم في من سيُسند إليه منصب وزاري.
لقد تُرك أمر الاختيار لمَن يترأس، وهذا حق طبيعي. ويبقى الحق الطبيعي الآخر لرئيس الدولة، بمعنى هل لديه رأي في هذا الوزير أو تحفُّظ على ذاك... وهكذا.
على بركة الله تبدأ الحكومة الجديدة وقد نالت ثقة رئيس الدولة، تأدية الواجب على أمل نيْل ثقة المواطن. لا يد فوق يد الحكومة ما دامت تسلك الصراط المستقيم. في حال حدث تقصير من وزير يتم لفت انتباهه. وفي حال حدثت كارثة صحية أو سقطة تعليمية أو حتى حادثة قطار تَسبب سائقه المتعاطي في سقوط قتلى وجرحى، يصار إلى تعيين وزير مكان الوزير الذي ارتبطت مسؤوليته الوزارية بتلك الكارثة أو السقطة أو الحادثة القطارية. هذا نوع من الإقرار تجاه الرأي العام بالخطأ، واستبدال الوزير بآخر هو نوع من اعتذار الحكومة إلى المواطنين. فما دامت الحكومة في نهاية الأمر هي من أجْلهم، لذا من حقهم إما إطلاق صرخة احتجاج، وإما أن يتم استباق الصرخة تلك بتغيير الوزير المختص.
ليس أمام الحكومة سنوات لكي تؤكد أحقيتها في البقاء. في حال أوجب العمل تعديلاً وزارياً يتم ذلك. في حال لم يحقق التعديل الغرض يصبح حقاً مشروعاً للمواطن على رئيس الدولة، الذي اختار أن يتيح الفرصة أمام تجربة جديدة تستفيد من إنجازات في تجربة الحكومة المنصرفة، بحيث تزيدها إنجازاً، وتتفادى إخفاقات كتلك التي حدثت مع سابقتها.
هنا المواطن في غاية الطمأنينة. ليس هنالك فراغ في الدولة. كما ليس هنالك بدعة حكومة تصريف أعمال كتلك التي يعيشها لبنان المبتلى بجائحة عُسْر التأليف الحكومي، والتباهي في الوقت نفسه بأن اللعبة الديمقراطية تفرض ذلك، مع أن هذه ليست لعبة وليست ديمقراطية، وإنما هو ملعوب تمارسه ديكتاتورية تركيبة سياسية حدثت في غفلة عربية ودولية عما يجري في لبنان، وبذلك نشأت ظاهرة حلف شيعي بنسبة عالية - ماروني بنسبة متوسطة، حلف غير لبناني التركيبة والجوهر والغرض والنيات المبيّتة، يمعن إذلالاً للشعب، وفي الوقت نفسه مصادرة حقه الذي هو حكومة تدير شؤونه وتعالج باليسر ذلك العسر الذي بلغ مداه. وهذا خلاف ما أشرنا إليه في طريقة تشكيل الحكومة والواجب الملقى على رئيس الدولة في هذا الشأن.
في ظل المجادلات التي تأخذ طابع التعطيل والتسويف والتلفظ بمفردات مدعاة للاستغراب مثل الميثاقية، يتراجع لبنان خطوات سريعة في اتجاه انتقاله من الدولة الحضارية المواكبة للعصر، إلى مجتمع الدولة المتخلفة المحكومة ببدعة المذهبية المسلحة شريكةً للمذهبية التي تبيع وتشتري تعلي صوت الاحتجاج وتصمت ما يَقرب من البكم.
وبدل أن تكون هنالك صحوة وبعض التأمل في أحوال الشقيقات العربيات، وكيف أن تأليف الحكومات حق مشروع للمواطن يبلوره رئيس الدولة وبذلك يأخذ الاستقرار طريقه، فإن التعطيل في الشأن الحكومي بات سلاحاً فوق الأرض مثل أكوام السلاح المودَعة في دهاليز تحت الأرض، وربما يتم إخراجها عندما تتساقط التجربة الحكومية. وبتساقطها هذه المرة تُطوى صفحة لبنان الوطن... الذي من بيت بعض أبنائه غير البَرَرة يُضرب. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من بيت بنيه يُضرَب من بيت بنيه يُضرَب



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon