توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مبادرة التمني على أمل التبني

  مصر اليوم -

مبادرة التمني على أمل التبني

بقلم - فـــؤاد مطـــر

باستثناء عظات وتمنيات تصدر من معظم رجال الدين في لبنان من أجْل إخراج «يوسف» من البئر التي رماه فيها رموز العمل الحزبي والحركي والتياري، ومعهم لاحقاً رموز التمثيل الشعبي النسبي، باعتبار أن نواب البرلمان يمثلون فقط مَن انتخبهم وليسوا ممثلي الشعب كما التعريف، فإن هذا الرمز الذي يمعن أولئك الحاسدون العابثون في إهانة كبريائه قابع في البئر في انتظار مَن ينتشله.
زيادة في التوضيح إن هذا ا«يوسف» هو لبنان الذي يتعاطف الأغراب مع الذي أصابه أكثر بكثير من اهتمام القيادات والزعامات السياسية والحزبية. وأحدث هؤلاء الأغراب الدبلوماسي العريق أحمد أبو الغيط، صديق محب للبنان ومتعاطف معه يوم كان وزيراً للخارجية ثم بعدما هو يشغل منصب الأمين العام للجامعة العربية. وهذا التعاطف الجزئي يندرج ضمن التعاطف الأشمل من جانب مصر التي على مدى رئاستها الجمهورية، وقبل ذلك في عهد الملك فاروق وقمته العربية الأولى في أنشاص (28 - 29 مايو/ أيار 1946) وما كان يرويه لنا الرئيس اللبناني الشيخ بشارة الخوري بعدما كان، بات من السابقين بادئاً التحبير في سرد مذكراته عن التعاطف الملكي الذي لقيه خلال مشاركته في القمة الفاروقية، هو الدليل على ما نقول.
في الوقت الذي كان أكثر قارعي جرس التنبيه والنصح، وأحياناً التحذير في أبعد مدى، البطريرك الماروني بشارة الراعي، يقول في عظة الميلاد «إن الكبرياء تمنع السياسيين من التلاقي والتحاور من أجْل الخروج من أزمة انتخاب رئيس فيما أنين الشعب الجائع والمقهور لا يبلغ آذان قلوبهم وضمائرهم، أين هم من وجه الرحمة الذي انكشف لنا في الميلاد»... في الوقت نفسه كان الكلام الطيِّب الذي صدر عن الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط ما زال حاضراً في المشهد اللبناني المتزايد تعاسة. وكانت هنالك تمنيات بأن تتم ترجمة إعلان الأمين العام استعداد الجامعة العربية لتسهل الحوار بين مفتعلي الأزمة والتهاون إلى درجة الاستهانة بانتخاب رئيس تزامناً مع تشكيل حكومة تدير شؤون البلاد ومصالح العباد.
ومن جانبه وضع الأمين العام أحمد أبو الغيط الحريص وبما يمثل، وكذلك بما هي مشاعره، ما يشبه موجبات الحوار يتم في رحاب الجامعة، وذلك من خلال كلمات من نوع ما قلّ ودلّ وهو في بيروت على مقربة أمتار جنوبية، حيث مقر الأمين العام الآخر، ومثلها شرقية وشمالية حيث شأن الزعامتيْن المارونيتيْن أهم لجهة التعطيل من شأن الزعامة الراعية الروحية الساعية لإنقاذ لبنان بالتفاهم على ما يرضي الله ويترجم قول السيد المسيح «مَن احترم أباه طالت أيامه فإن بركة الأبوة توطد بيوت البنين» (الأب هنا هو الوطن لبنان). وموجبات الحوار، كما أوجزها أبو الغيط هي: أن الظرْف الدولي المضطرب يفرض على مختلف القيادات السياسية اللبنانية تجاوز كل الانقسامات واحتواءها. كما أن الحفاظ على السلم الأهلي واجب على كل لبناني في هذه الظروف الدقيقة. ويتعين أن تبقى قنوات الحوار مفتوحة ومباشرة بين جميع القوى والتيارات السياسية مع استعداد الجامعة أتم الاستعداد للقيام بما يطلب منها في هذا الصدد....
حتى إذا كانت المبادرة الكلامية إلى إشعار آخر من جانب الأمين العام للجامعة العربية موقفاً شخصياً، فإن مصلحة أطراف التعطيل التقاط هذه اللحظة قبل أن تتطاير في سماء العلاقات العربية المتأزمة وعلى نحو ما هو حاصل في تونس التي لا يتقي المعارضون الله ويتم تسهيل الأمور أمام رئيس يريد إصلاح الحال، وكذلك على ما هو حاصل في السودان حيث تحولت الأزمة إلى ما يجوز تشبيهه بالمشهد الكارتوني المتمثل «مطاردة توم وجيري» مع حفظ مقامات أهل الحكم العسكريين وأهل المعارضة (المدنيين)، وعلى ما هي لا تتوقف محاولة تعطيل لكل تصحيح في التوجه السياسي في العراق لجهة إضفاء المزيد من الملمح العربي على العلاقة مع الدول العربية وبما لا يجعل كفة موقف الميليشيات الإيرانية الهوى والعقيدة والتسلح هي الأعلى. حدث هذا مع رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي فكان تعطيل سعيه، وهذه في المشهد محاولة مماثلة لوقف توجه رئيس الحكومة الحالي محمد شياع السوداني نحو تعزيز الانفتاح على الأشقاء العرب ومحاولة ترويض الموقف الأميركي من العراق، عطفاً على إعادة إحياء محاولة ترطيب الأجواء السعودية - الإيرانية، وهذا حدث سعي في شأنه خلال «مؤتمر بغداد 2 للتعاون والشراكة» بنسخته الثانية (الثلاثاء 20 ديسمبر/ كانون الأول 2022) بمشاركة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون والذي استضافه الأردن وتم فيه تأكيد دعْم العراق في مواجهة جميع التحديات، فضلاً على تمنيات فرنسية على العراق للابتعاد عن التدخلات الإيرانية.
ولكَم كان مدعاة للأسى أن سوريا البشارية المحاددة أكثر من غيرها من دول المنطقة للأردن مغيَّبة عن المؤتمر. وهذا التغييب بمثابة لفت انتباه للرئيس السوري بأنه قد آن الأوان لكي يخطو على الأقل كما الخطو العراقي في موضوع العلاقة مع إيران وبما يجعل الأشقاء العرب يساعدون على إعادة سوريا بالتدرج إلى سابق عهدها أو بعض هذا العهد، بحيث لا تعود سياستها رهن إرادة إيرانية أودت بسوريا الرقم الفاعل في النهج العروبي إلى سوريا غير المرحب بالتعامل معها. وفي هذا الصدد لا بد أن المواطن السوري الذي اصطفّ بؤساً إلى جانب المواطن اللبناني يتساءل في لحظات الاكتئاب: لماذا يمكن لرئيس حكومة العراق اكتساب ثقة الدول العربية، وبالذات دول الخليج، ويعبِّر عن ذلك بمواقف لا تريدها إيران، فيما لا يفعل ذلك الرئيس بشَّار، الذي لو هو فعل لكان اصطفّ في مؤتمر «بغداد 2» في عمان إلى جانب الملك عبد الله الثاني والرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس ماكرون وولي عهد الأردن الأمير الحسين بن عبد الله وممثلي قادة دول الخليج، ولكان حضوره سيبدو بمثابة تأشيرة للعودة إلى الخيمة العربية يؤدي في جلسات مؤتمراتها وفي زيارات متبادلة ما يعيد سوريا إلى سابق رونقها.
هنا يجوز القول إن الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط في مبادرته لمساعدة لبنان على استضافة رموز تعطيل أحواله، ومنها انتخاب رئيس جمهورية وتأليف حكومة، إنما يرى أيضاً حاجة سوريا إلى حوار بين أطراف قواها التي جعلت الوطن الواحد أوطاناً متناثرة، فشلت جولات المحادثات في جنيف في حسْمها، ربما لأن الذين يشرفون على الحوار لا يريدون نهاية ترضي الجميع.
وكما يجوز القول، فإنه يجوز التمني بتحويل مبادرة الأمين العام للجامعة لمساعدة الأطراف اللبنانية على الحوار إلى التبني من مجلس الجامعة وبتوجيه من الملوك والرؤساء والشيوخ، وبذلك تأخذ المنحى الرسمي، كما بذلك تطوى صفحة من كتاب الأزمات المستعصية وتستقيم الأحوال ربما في العام 2023 بعدما لم ننعم بهذه الاستقامة في العام 2022. وعلى الله الاتكال لتيسير الأمور.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مبادرة التمني على أمل التبني مبادرة التمني على أمل التبني



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon