توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فرصة تعوِّض فرصة ضاعت

  مصر اليوم -

فرصة تعوِّض فرصة ضاعت

بقلم - فـــؤاد مطـــر

في مسلسل تضييع الفرص، حيث تخفف المفردات العاقلة من خشونة التصريحات والمواقف المجنونة لبعض القادة الذين يتشاركون أزمات بعضها على مشارف العداوات التي تفجّر حروباً، ضاعت على العالم من أقصاه إلى أقصاه والذي يمضي أيامه مسكوناً بالخوف من الآتي الأعظم، فرصة كان يمكن الاستفادة منها لو اكتمل العقد بمشاركة قادة الدول، وبالذات المرتبط سلطان حكم الواحد منهم بحالات عالقة وعلى درجة من أن تفرز حروباً طاحنة، في الدورة العادية الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة وليس إرسال مَن يمثلهم ويكون حضور هؤلاء لإلقاء كلمة تقليدية وإجراء مشاورات شكلية... كان يمكن لو اكتمل العقد وجاء الكبار لكان هؤلاء باللقاءات المباشرة بعضهم بعضاً ما قد يهدئ كل منهم روْع الآخر. وبالمفردات الودودة وهادئ الكلام عند التحادث بعد ذِكر الله واستحضار الحكمة والضمير والتواضع، تطمئن القلوب.
وللمرء أن يتصور أهمية انعقاد الدورة وقد التقى الرئيس الأميركي جو بايدن، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني شي جينبينغ، والرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، ورئيس الحكومة البريطانية (قبل انصرافه) بوريس جونسون حول مأدبة عشاء يقيمها لهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش كمضيف وشاهد على اللقاء في جلسة تاريخية يكون طبق التهدئة فيها هو حلوى هذا العشاء.
ومثل هذا اللقاء من شأنه أن يفيض أهمية في حال ارتأى الأمين العام المضيف وبعد استمزاج آراء الخمسة انضمام قادة، لدولهم التأثير الفاعل في معالجة محنة المصير التي يواجهها العالم جرّاء موضوع فلسطين المرجأ حسم أمر علاجه عقداً بعد عقود وحرب بوتين على أوكرانيا، ونعني بذلك ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس الإماراتي محمد بن زايد، والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ورئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد. ما نقوله هنا ليس من باب الاستحالات، بل لعله من الضرورات التي تلغي المحظورات، وهو ما يتطلبه واقع الحال الدولي بقاراته الخمس التي تعيش اهتزازات متقطعة قد تنتهي زلازل ماحقة في أي لحظة.
وفي هذا العشاء السري كونه يقتصر على رموز الحرب والسلام الممسكين كل بيمينه مفتاح الحل إن هو أراد، أو بالأحرى إنه يريد، بل وبكامل إرادة الاستعداد، حيث لا أحد من المتعشين إلى المائدة الأممية ويريد الحرب، ومَن بادر بها أو سعى إليها فإنه توّاق إلى سبيل إنهائها بفعل أدق احتياج. الرئيس بايدن يتطلع حالماً إلى دورة رئاسية لا يخطفها منه الرئيس السابق دونالد ترمب أو جمهوري متوازن. بوتين السبعيني يتطلع إلى ولاية رئاسية جديدة، وهذه لن تحققها له حربه الذي افترض أنها ورقة تربح فإذا بها بعد خمسة أشهر ملامح ورطة. والرئيس الصيني الحليف شي جينبينغ المكتفي بمسايرة لفظية لا أكثر يتطلع إلى رئاسة مديدة، ويرى أن وقفة استراتيجية مع الصديق بوتين ستلقي ظلالاً على التطلع الذي من أجله عدَّل الدستور وهو عوض أن يشارك بوتين فيما يدمر، فإنه يفضّل الإطلالة على العالم بانفراجات داخلية تبدأ بنسائم ديمقراطية ومواجهة الفساد وانحناءة تكتيكية في الموضوع التايواني بحيث لا يتجاوز التحدي عروضاً جوية وتصريحات أقل حدة تجاه أميركا من حيث المفردات من تصريحات بوتين، كما يفضل الإطلالة من خلال هدايا رمزية لبعض دول العالم التي تعاني مثل هدية مبنى أوبرا الذي أهداه قبل أيام إلى لبنان الذي بات على مقربة من اللحظة التي هي بين النقطة التي تحدد بعد بضعة أيام، إما بداية خروج من النفق المظلم والظالم، وإما الهلاك صدمة تليها صدمات. ومثل هذا الإهداء ليس جديداً على هبات الصديق الصيني لبؤساء العالم، فهو سبق قبل أربعة عقود أن أهدى السودان الذي كانت حاله ماضياً شبه سيئة وقد تصبح حاضراً مثل حالة لبنان وسوريا والعراق واليمن، مبنى يحمل اسم «قاعة الصداقة» كان مبهراً للنظر وقصراً جمهورياً آخر للرؤساء إلى جانب القصر الأساسي الذي لم يهنأ أي من الرؤساء الذين سكنوه بنعمة الاستقرار. وهذا ليس كل شيء، فللخبراء الصينيين أفضال في مرحلة من مراحل اكتشاف النفط الذي لسوء الحظ انعكس انشطار السودان اثنين حتى الآن، وبات الاستخراج والتسويق بمثل حال النفط العراقي راهناً وحال النفط اللبناني المأمول استخراجه إلى جانب الغاز ثروة قد تقسم لبنان اثنين كما انقسم السودان شمالاً وجنوباً، والعراق عرباً وكرداً، في حين أهل كركوك يرنون بالبصر نحو إردوغان الشغوف بالتدخل في أكثر من سيادة عربية وبالذات السيادات السورية والعراقية بعد الليبية، عسى ولعل يخص أولئك الأهل بالنصيب الوافر من خيرات آبار كركوكهم التركمانية.
وقد نجد مَن يستغرب حدوث ذلك العشاء السري وكيف سيلتقي بعض الأضداد مع بعضهم. والجواب، أن الذين نفترض اجتماعهم هم ضيوف عشاء أممي. فكما أن سقف قاعة الدورة العادية للجمعية العادية للأمم المتحدة يظلل الجميع، فإن لذلك العشاء السري تلك الصفة الأممية، بمعنى أن الجميع حاضرون كضيوف بدعوة من مضيف إندونيسي تكمن أهمية صفاته بأنه شريك دور تاريخي شعاره عدم الانحياز، كما أنه مع كل العالم وليس مع أحد في وجه أحد أو أكثر.والأهم من ذلك، أن ذلك العشاء السري قصراً على الأقطاب الخمسة بمشاركة القادة الستة الآخرين، قد يكون المدخل لكل من هؤلاء يمتشق مفتاح الحل الذي في عهدته وتبدأ عملية اقتحام الأبواب الموصدة للأزمات العالقة، ويتم ذلك ضمن نهج جديد وفق قاعدة روحية تقوم على أن الله مالك السموات والأرض وأنها لمعصية لرب العالمين أي حرب تحدث أو احتلال يستمر... أو استعمال الغذاء والثروة الطبيعية من نفط وغاز ومياه التي هي نعمة المولى للناس، ورقة للتجويع وإفناء العباد برداً وإظلام منازل وتعطيل مدارس الأجيال وشبكة التواصل والاتصالات.
الفرصة الأهم ضاعت، أو بالأحرى أضيعت. الكبار الذين يملكون القرار والمبادرة لم يحضروا الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة. بقيت إمكانية اجتراح الأمل المنشود في رحاب رموز بعضها يرفد ولي الأمر فيها دولته والأمتين بما يرضي الله بالجديد من التطور والتحديث، وبعضها دائم الحضور في غرفة عمليات حرب اختلط فيها الحابل التوسيعي بالنابل النووي تلويحاً وليس للاستعمال.
ما زال الأمل منشوداً بأن تعوِّض قمة العشرين في إندونيسيا ما لم يتحقق في رحاب الجمعية العامة للأمم المتحدة. يلتقي العشرون ويقررون مبدأ السلام على الأرض وفي الناس المحبة... وليس على الدنيا السلام بكبسات أزرار من أصابع أيادٍ مرتجفة. والله الهادي إلى سواء السبيل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرصة تعوِّض فرصة ضاعت فرصة تعوِّض فرصة ضاعت



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:18 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الروح والحب والإخلاص " ربنا يسعدكم "

GMT 23:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 18:11 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

3 تحديات تنتظر الزمالك قبل غلق الميركاتو الصيفي

GMT 07:33 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"سيسيه يؤكد رفضت عروضا من أجل البقاء مع "الاتحاد

GMT 05:59 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

محمد النني يقترب من الدوري السعودي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon