توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فرصة تعوِّض فرصة ضاعت

  مصر اليوم -

فرصة تعوِّض فرصة ضاعت

بقلم - فـــؤاد مطـــر

في مسلسل تضييع الفرص، حيث تخفف المفردات العاقلة من خشونة التصريحات والمواقف المجنونة لبعض القادة الذين يتشاركون أزمات بعضها على مشارف العداوات التي تفجّر حروباً، ضاعت على العالم من أقصاه إلى أقصاه والذي يمضي أيامه مسكوناً بالخوف من الآتي الأعظم، فرصة كان يمكن الاستفادة منها لو اكتمل العقد بمشاركة قادة الدول، وبالذات المرتبط سلطان حكم الواحد منهم بحالات عالقة وعلى درجة من أن تفرز حروباً طاحنة، في الدورة العادية الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة وليس إرسال مَن يمثلهم ويكون حضور هؤلاء لإلقاء كلمة تقليدية وإجراء مشاورات شكلية... كان يمكن لو اكتمل العقد وجاء الكبار لكان هؤلاء باللقاءات المباشرة بعضهم بعضاً ما قد يهدئ كل منهم روْع الآخر. وبالمفردات الودودة وهادئ الكلام عند التحادث بعد ذِكر الله واستحضار الحكمة والضمير والتواضع، تطمئن القلوب.
وللمرء أن يتصور أهمية انعقاد الدورة وقد التقى الرئيس الأميركي جو بايدن، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني شي جينبينغ، والرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، ورئيس الحكومة البريطانية (قبل انصرافه) بوريس جونسون حول مأدبة عشاء يقيمها لهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش كمضيف وشاهد على اللقاء في جلسة تاريخية يكون طبق التهدئة فيها هو حلوى هذا العشاء.
ومثل هذا اللقاء من شأنه أن يفيض أهمية في حال ارتأى الأمين العام المضيف وبعد استمزاج آراء الخمسة انضمام قادة، لدولهم التأثير الفاعل في معالجة محنة المصير التي يواجهها العالم جرّاء موضوع فلسطين المرجأ حسم أمر علاجه عقداً بعد عقود وحرب بوتين على أوكرانيا، ونعني بذلك ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس الإماراتي محمد بن زايد، والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ورئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد. ما نقوله هنا ليس من باب الاستحالات، بل لعله من الضرورات التي تلغي المحظورات، وهو ما يتطلبه واقع الحال الدولي بقاراته الخمس التي تعيش اهتزازات متقطعة قد تنتهي زلازل ماحقة في أي لحظة.
وفي هذا العشاء السري كونه يقتصر على رموز الحرب والسلام الممسكين كل بيمينه مفتاح الحل إن هو أراد، أو بالأحرى إنه يريد، بل وبكامل إرادة الاستعداد، حيث لا أحد من المتعشين إلى المائدة الأممية ويريد الحرب، ومَن بادر بها أو سعى إليها فإنه توّاق إلى سبيل إنهائها بفعل أدق احتياج. الرئيس بايدن يتطلع حالماً إلى دورة رئاسية لا يخطفها منه الرئيس السابق دونالد ترمب أو جمهوري متوازن. بوتين السبعيني يتطلع إلى ولاية رئاسية جديدة، وهذه لن تحققها له حربه الذي افترض أنها ورقة تربح فإذا بها بعد خمسة أشهر ملامح ورطة. والرئيس الصيني الحليف شي جينبينغ المكتفي بمسايرة لفظية لا أكثر يتطلع إلى رئاسة مديدة، ويرى أن وقفة استراتيجية مع الصديق بوتين ستلقي ظلالاً على التطلع الذي من أجله عدَّل الدستور وهو عوض أن يشارك بوتين فيما يدمر، فإنه يفضّل الإطلالة على العالم بانفراجات داخلية تبدأ بنسائم ديمقراطية ومواجهة الفساد وانحناءة تكتيكية في الموضوع التايواني بحيث لا يتجاوز التحدي عروضاً جوية وتصريحات أقل حدة تجاه أميركا من حيث المفردات من تصريحات بوتين، كما يفضل الإطلالة من خلال هدايا رمزية لبعض دول العالم التي تعاني مثل هدية مبنى أوبرا الذي أهداه قبل أيام إلى لبنان الذي بات على مقربة من اللحظة التي هي بين النقطة التي تحدد بعد بضعة أيام، إما بداية خروج من النفق المظلم والظالم، وإما الهلاك صدمة تليها صدمات. ومثل هذا الإهداء ليس جديداً على هبات الصديق الصيني لبؤساء العالم، فهو سبق قبل أربعة عقود أن أهدى السودان الذي كانت حاله ماضياً شبه سيئة وقد تصبح حاضراً مثل حالة لبنان وسوريا والعراق واليمن، مبنى يحمل اسم «قاعة الصداقة» كان مبهراً للنظر وقصراً جمهورياً آخر للرؤساء إلى جانب القصر الأساسي الذي لم يهنأ أي من الرؤساء الذين سكنوه بنعمة الاستقرار. وهذا ليس كل شيء، فللخبراء الصينيين أفضال في مرحلة من مراحل اكتشاف النفط الذي لسوء الحظ انعكس انشطار السودان اثنين حتى الآن، وبات الاستخراج والتسويق بمثل حال النفط العراقي راهناً وحال النفط اللبناني المأمول استخراجه إلى جانب الغاز ثروة قد تقسم لبنان اثنين كما انقسم السودان شمالاً وجنوباً، والعراق عرباً وكرداً، في حين أهل كركوك يرنون بالبصر نحو إردوغان الشغوف بالتدخل في أكثر من سيادة عربية وبالذات السيادات السورية والعراقية بعد الليبية، عسى ولعل يخص أولئك الأهل بالنصيب الوافر من خيرات آبار كركوكهم التركمانية.
وقد نجد مَن يستغرب حدوث ذلك العشاء السري وكيف سيلتقي بعض الأضداد مع بعضهم. والجواب، أن الذين نفترض اجتماعهم هم ضيوف عشاء أممي. فكما أن سقف قاعة الدورة العادية للجمعية العادية للأمم المتحدة يظلل الجميع، فإن لذلك العشاء السري تلك الصفة الأممية، بمعنى أن الجميع حاضرون كضيوف بدعوة من مضيف إندونيسي تكمن أهمية صفاته بأنه شريك دور تاريخي شعاره عدم الانحياز، كما أنه مع كل العالم وليس مع أحد في وجه أحد أو أكثر.والأهم من ذلك، أن ذلك العشاء السري قصراً على الأقطاب الخمسة بمشاركة القادة الستة الآخرين، قد يكون المدخل لكل من هؤلاء يمتشق مفتاح الحل الذي في عهدته وتبدأ عملية اقتحام الأبواب الموصدة للأزمات العالقة، ويتم ذلك ضمن نهج جديد وفق قاعدة روحية تقوم على أن الله مالك السموات والأرض وأنها لمعصية لرب العالمين أي حرب تحدث أو احتلال يستمر... أو استعمال الغذاء والثروة الطبيعية من نفط وغاز ومياه التي هي نعمة المولى للناس، ورقة للتجويع وإفناء العباد برداً وإظلام منازل وتعطيل مدارس الأجيال وشبكة التواصل والاتصالات.
الفرصة الأهم ضاعت، أو بالأحرى أضيعت. الكبار الذين يملكون القرار والمبادرة لم يحضروا الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة. بقيت إمكانية اجتراح الأمل المنشود في رحاب رموز بعضها يرفد ولي الأمر فيها دولته والأمتين بما يرضي الله بالجديد من التطور والتحديث، وبعضها دائم الحضور في غرفة عمليات حرب اختلط فيها الحابل التوسيعي بالنابل النووي تلويحاً وليس للاستعمال.
ما زال الأمل منشوداً بأن تعوِّض قمة العشرين في إندونيسيا ما لم يتحقق في رحاب الجمعية العامة للأمم المتحدة. يلتقي العشرون ويقررون مبدأ السلام على الأرض وفي الناس المحبة... وليس على الدنيا السلام بكبسات أزرار من أصابع أيادٍ مرتجفة. والله الهادي إلى سواء السبيل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرصة تعوِّض فرصة ضاعت فرصة تعوِّض فرصة ضاعت



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon