توقيت القاهرة المحلي 18:29:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فلسطين الشاردة بين عبَّاسيْها

  مصر اليوم -

فلسطين الشاردة بين عبَّاسيْها

بقلم - فـــؤاد مطـــر

بات لفلسطين عبَّاسان... عبَّاس محمود الذي يترأس سُلطتها المأمول تحوُّلها إلى دولة، ويتخذ من رام الله مقراً لرئاسته التي أتعب خدها الأيمن اللطم من جانب الممسكين بزمام الأمور في غزة، وكدَّم خدها الأيسر الرهان الحمساوي (بمرجعيته الإيرانية) على انتزاع الريادة فالسُلطة، وعبَّاس منصور الذي سجل مفاجأة لم تكن في الحسبان وهي أن «الحركة الإسلامية» التي يترأسها ساهمت في إسقاط نتنياهو. وعندما يصبح لهذه الحركة موقع في الحكومة اختير له منصور عبَّاس ليكون نائب وزير في مكتب رئيس الحكومة ويتخصص في شؤون العرب، فهذا معناه أن ملفات عرب 1948 بما تحويه من وثائق الولادات والممتلكات والانتهاكات لن تبقى حصراً في عهدة الإسرائيلي الذي تلاعب بما في الكفاية في هذه الملفات في غفلة عين فلسطينية مسؤولة، ثم يحل منصور عبَّاس في المنصب الحساس الذي أُسند إليه، وبذلك يكون الشاهد على حقائق مخفية، وبالذات بالنسبة لألوف العقارات التي جرى الاستيلاء عليها وباتت ليهود الشتات والسُلطات الإسرائيلية.
ما نريد قوله هو أن توطيد العلاقة من جانب عبَّاس السُلطة الوطنية مع عبَّاس المشارك في الحكومة الإسرائيلية الحديثة، كفيل بتحقيق فوائد مرجوة. والذي يسهِّل حدوث هذا التوطيد أن قنوات الاتصال والتنسيق في بعض المسائل قائمة بين السُلطة والحكومة الإسرائيلية وليست بمثل الجفوة التي هي عليها العلاقة بين السُلطة الوطنية و«حماس». فهذه الأخيرة تعتبر نفسها مشروع دولة منقلبة على السُلطة الوطنية في حين تطلعات «الحركة الإسلامية» التي يمثِّلها منصور عبَّاس هي الاهتمام بالفلسطينيين الذين صمدوا وتناسلوا ودرسوا في مدارس وجامعات إسرائيلية وهو واحد من هؤلاء. ومعنى ذلك أن ما يمثِّله عبَّاس «الحركة الإسلامية» يختلف من حيث المشروع السياسي وبما يرتاح إلى ذلك عبَّاس السُلطة الوطنية.
إلى ذلك، إن عبَّاس منصور طبيب الأسنان القريب من فلسطينيي أجيال ما بعد 1948 سجَّل بما اختاره كشريك في عملية انتخابية بالغة الأهمية من حيث التحدي، إمكانية نمو «لوبي» عربي شبيه بـ«اللوبي» اليهودي في أكثر من ولاية أميركية. ومع الوقت من المتيسر في حال لقي منصور عبَّاس عدم الحذر منه، بل وتشجيعه أن يؤسس داخل دولة إسرائيل لمثل ذلك «اللوبي» الذي نشير إليه ويحقق بالتالي خطوات على طريق الإقرار بقيام دولة فلسطين عاصمتها القدس الشرقية، وهذا أقدس الحقوق التي لا تطبيع حولها وإن طال الزمن. وعندما يقول نفتالي بنيت المقتدر مالياً مما أفاده في خطْف الرئاسة بصوت واحد، إنه يتعهد بفتح صفحة جديدة مع فلسطينيي 1948، فإن تحويل القول إلى فِعْل وبتعاون صادق ومُساند من جانب أميركا بايدن، لا يعود مستعصياً.
وإلى ذلك، إن عبَّاس الشريك في الحكومة الإسرائيلية سيشجع بخطواته التي خطاها آخرون، خصوصاً أنه لم يحقق مكسب التطوير بفعل صواريخ أطلقها أو هدد بإطلاقها وإنما بفعل حَراك شعبي وخدمات أداها للناس وعدم حذر تجاهه من جانب قطبي الحكومة الجديدة التي أرست التناوب صيغة استقرار للحُكم جديدة من نوعها، وربما تصلح نموذجاً لمن يواجهون عسراً وتعقيداً في تشكيل الحكومة على نحو ما هو حاصل في لبنان، حيث هنالك تشابه جزئي لجهة الأحزاب والقوى والإرادة المخطوفة بين الحاصل في لبنان ويُستعصى حله وبين الذي كان حاصلاً في إسرائيل وأمكن فك طلاسمه وبحيث بات التوافق يستوجب تقاسم رئاسة الحكومة. وما نعنيه بالصيغة الحكومية الجديدة، حكومة التناوب بحيث يرتضي الحليفان الصيغة بكامل الرضى، يضاف إلى ذلك أنها تقطع الطريق على البقاء الطويل وإلى درجة أن ترؤس الحكومة يتحول إلى مستوطنة على نحو ما حصل مع نتنياهو الذي من طول بقائه رئيساً للحكومة لم يعد يتحمل فقدان المنصب بعد خمس عشرة سنة قضاها مترئساً، وأن صحوة سياسية حدثت وقضت بأن يشارك طرفان الحكومة ويشرِّعان أبواب النوايا غير الشريرة أمام طيف عربي شاءت الظروف أن يكون في الوقت نفسه من التيار الإسلامي.
لقد طُويت صفحة نتنياهو على نحو طي صفحة الرئيس دونالد ترمب. وبطي هاتيْن الصفحتيْن تتراجع بعض الشيء التعقيدات فيما يخص الموضوع الفلسطيني العاثر الحظ، وهذا هو المأمول من رئاسة بايدن ومن رئاسة التناوب في إسرائيل. وعندما لم يوجه الرئيس بايدن الدعوة إثر فوزه إلى نتنياهو لزيارة واشنطن بينما سارع إلى احتضان بنيت عندما اتصل به على الفور بعد أداء اليمين (الأحد 13 يونيو/ حزيران 2021)، فهذه كانت إشارة إلى ذوي الألباب الإسرائيليين كما العرب بأنه يتمنى ضمناً انصراف نتنياهو وعلى نحو انصراف عهد خلَفَه من قبل، دونالد ترمب. ومثل هذه المشاعر يمكن قراءتها بين سطور كلام قاله مايك بومبيو وزير خارجية السنوات المؤذية للعرب من جانب الحقبة الترمبية. فهو في خطوة سبقت حسم مصير نتنياهو تصرَّف هو الآخر على أساس أن نتنياهو لا بد سيبقى في موقعه رئيساً للحكومة الإسرائيلية، وأن بقاءه سيشكل عنصر إقلاق لإدارة الرئيس بايدن؛ الأمر الذي يساعد في جانب من ذلك ترمب الذي لم يقطع الأمل في خوض معركة الرئاسة بعد أربع سنوات أو أقل لدواعٍ ليست في الحسبان. أما الذي قاله بومبيو ولصحيفة «يديعوت أحرونوت» بالذات لتعميم الكلام على يهود إسرائيل (الخميس 10 يونيو 2021)، قبل ثلاثة أيام من التصويت على إسقاط عهد نتنياهو، فكان التالي: «خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة لم يكن موقف بايدن صارماً ومطلقاً. إن إدارة الرئيس ترمب كانت ستفعل بشكل مختلف. كنا سنوضح فوراً دعمنا لإسرائيل من دون تحفُّظ». كلام لمصلحة إسرائيل نتنياهو وليس لإسرائيل ذات رئاسة التناوب التي هنالك بعض التفاؤل في ضوء إشراك منصور عبَّاس الإسلاموي واثنيْن معه فيها، في أن تسجل إدارة بايدن خطوة تصحيح لما خطاه ترمب. والاتخاذ المأمول لخطوة التصحيح تلك يحتاج إلى تعاون عبَّاس رام الله مع عبَّاس فلسطين 1948، ودعوة الاثنيْن فلسطين التائهة الشاردة في غزة إلى الصراط المستقيم. وبذلك تكون الخطوة المتكاملة بمثابة التجربة الأكثر جدوى من سائر تجارب مضت في مسيرة النضال الفلسطيني. والله المعين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين الشاردة بين عبَّاسيْها فلسطين الشاردة بين عبَّاسيْها



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon