توقيت القاهرة المحلي 10:13:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اللهم أبْقِها فاترة

  مصر اليوم -

اللهم أبْقِها فاترة

بقلم - فـــؤاد مطـــر

تتواصل على دوي الاجتياح الروسي لدولة أوكرانيا المساعي الطيبة لإبقاء الحرب الروسية - الأطلسية على النحو التي هي عليه مع دخولها الشهر الثاني، فاترة بمعنى لا هي باردة على نحو أسابيعها الأولى تكاثرت فيها الاتهامات المتبادلة من جانب الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس جو بايدن وصلت إلى حد التصنيف الأميركي المزكَّى بنسبة ملحوظة من رفاق «الناتو» للرئيس بوتين أنه «مجرم حرب» وأنه لن يتردد في استعمال الأسلحة النووية والبيولوجية. بل إن الموقف ذهب أبعد من ذلك مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون المتحالف مع إدارة الرئيس بايدن كما تحالُف رئيسة الوزراء (الراحلة) مارغريت ثاتشر مع الرئيس جورج بوش الأب وإثماره خطوات على طريق إلغاء العراق كرقم في المعادلة الأميركية - البريطانية من خلال حرب أعادتْه كما وعد الحليفان إلى مشارف العصر الحجري. والقول إن رئيس الوزراء البريطاني ذهب أبعد من ذلك يتمثل في عبارة وردت في مقابلة إذاعية بريطانية يوم الخميس 24 مارس (آذار) 2022 وكانت القمة الأطلسية انعقدت في بروكسل، حيث قال «إن بوتين في حربه ضد أوكرانيا تجاوز بالفعل عتبة الهمجية...». وهو في أي حال تصنيف بصيغة اتهام، ينسجم مع ما انتهت إليه القمة الأطلسية الاستثنائية لجهة تزويد أوكرانيا بمعدات حماية من التهديدات الكيميائية والنووية والبيولوجية، مع ملاحظة أن مثل هذه الخطوة تأتي انسجاماً مع تحذير البيت الأبيض مستبقاً انعقاد القمة بثلاثة أيام من «خطر استخدام روسيا للأسلحة الكيميائية في أوكرانيا». كما أن مفردات رئيس الحكومة البريطانية تندرج هي الأُخرى في بند إشعال جذوة الاستفزاز في نفس بوتين. وعندما لا يتوقف مسلسل إصدار العقوبات الأميركية وتتجاوب معها عقوبات من جانب معظم الأوروبيين بما في ذلك سويسرا مع أنها دولة محايدة ولا يجوز كموقف سياسي في عز الأزمات الدولية أن تتخطى مفهوم الحياد وتكتفي بأن تكون المستضيفة للمؤتمرات الأممية ولمن هم حائرون في أمر الاتفاق على ما ينقذ دولهم وشعوبهم أمثال الأطراف السورية... إنه عندما تصدر النعوت البالغة الخشونة في حق رئيس دولة كبرى من جانب رئيس دولة كبرى مثل قول الرئيس بايدن على الملأ إن بوتين «مجرم حرب» ويتوعد في الوقت نفسه بتوجيه «ضربة كبرى للمالية والاقتصاد الروسِيين وتجعل بوتين منبوذاً على الساحة الدولية»، ثم يبالغ كمن يضيف المزيد من الحطب على النار ويقول «إن بوتين جزار ولا يمكن لهذا الرجل أن يبقى في السُلطة»، فهذا بدا نوعاً من الإحراج لأطراف تريد تبريد الأزمة قدْر الإمكان أو في الحد الأقصى إبقاءها حرباً فاترة قابلة للتبريد مع بذل المزيد من السعي الطيب من جانب رئيس فرنسا ماكرون ورئيس تركيا إردوغان وتمنيات خليجية متواصلة، وبالذات من جانب رموز القرار من أجْل اعتماد أهمية واقع الحال المثلث الأضلاع في حال أن الحرب التي كانت باردة، ثم باتت فاترة ألا تنتهي ساخنة دماراً وخراباً وجوعاً يؤسس إلى مجاعات حتى في أميركا والدول الأوروبية: واقع الحال السيادي للدول. وواقع الحال المأساوي للشعب الأوكراني، مع استحضار ما أصاب سيادات وشعوباً أُخرى بدءاً بفلسطين، والعراق، ولبنان، وسوريا، والسودان، واليمن، وليبيا. وواقع حال ما سينشأ عن استعمال المحرَّمات النووية والجرثومية التي تنشط أميركا وتواصل الضغط على إيران كي لا تلجأ في حال امتلكت النووي إلى أن تفعل ما فعلتْه حديثاً روسيا البوتينية مع أوكرانيا وما سبق أن فعلتْه أميركا مع العراق ماضياً.
وعندما يتراجع الرئيس بايدن عن أقواله التي أزعجت بعض حلفائه وأصدقاء أميركا في الوقت نفسه فلأن الرد الروسي على الرئيس الأميركي كان موجعاً ولم يأت من بوتين الذي ترك لنفسه هامش التعالي على الرئيس الأميركي إنما من رئيس برلمانه (فولودين) (بمعنى أنه من السُلطة التي تمثل كل أطياف الشعب الروسي) الذي قال «إن تصريحات بايدن هيستيرية. إنه ضعيف ومريض وبائس وينبغي أن يخجل الأميركان من رئيسهم وسيكون من الأفضل أن يخضع بايدن لفحص طبي».
رغم ذلك، نرى سعاة الخير مواظبين على سعيهم وباحثين في حين الفعل العسكري الروسي لا يشتد إنما لا يتوقف نزفاً للناس واستنزافاً لصمود الرئيس الأوكراني زيلينسكي. ونرى الصيغة الإردوغانية التي من شأن الأخذ بها تقريب المسافات ووأد الاتهامات المتبادلة وبدأت تقترب من دخول القمح والغاز وأوراق روسية أُخرى كثيرة حلبة التحديات، من بينها ما كان يبدو مستحيلاً وهو تصغير شأن الدولار، بمعنى أن المدفوعات لروسيا تكون بعملتها ولا مانع من اليورو إنما ليس بالأخضر الأميركي بما يعني اهتزازاً مريعاً للدولار قرة جيوب وخزائن معظم شعوب العالم من خلال حكوماته ومصارفه التي تهتز أساساتها في حال حدث التوعك الدولاري.
ما يريده الرئيس إردوغان وهذا موضع ترحيب حكومات وشعوب تتجاوز نظرتها الأحادية إلى خصوصية الدور التركي محلياً وإقليمياً، هو «الخروج المشرِّف» للرئيس بوتين من الشرنقة الأوكرانية.
«الخروج المشرِّف» يتيح المجال أمام البحث في المطالب سواء الروسية منها والأميركية - الأطلسية وما بينها الأوكرانية. و«الخروج المشرِّف» هنا هو خروج بوتين المقتدر المُضعِف من خلال قدرات وأوراق ومعادلات دولية بقدْر ما هو مستضعَف. الحال نفسها بالنسبة إلى بايدن وشركائه الأطالسة. وإلى ذلك هنالك الرؤية الصينية حيث التفضيل للأزمة أن تبقى حرباً فاترة يصار إلى تبريدها، ولا بأس بالعودة إلى زمن الحرب الباردة الصقيعية إذا أوجبت التحديات ذلك تتم معالجاتها بالزيارات الرئاسية وإن كانت مخيبة الآمال أحياناً، وعلى نحو ما فعله الرئيس السابق ترمب مع الرئيس الكوري الشمالي الأبدي حفيد كيم إيل سونغ.
وفي موضوع التفضيل لـ«الخروج المشرِّف» لا يبدو رموز القرار الخليجي الفاعل بعيدين في رؤيتهم عما تحبذه الصين؛ ذلك أن دولهم التي عيون الصين شاخصة عليها مقابل العيون الأميركية الجاحظة، ذاقت تداعيات الاحتراب وخيبات السعي من أجْل تسوية يكون فيها «الخروج المشرِّف» حلاً.
نخلص إلى القول ونحن في مطلع أجواء روحانية يطيب فيها الابتهال نقول بصيغة الدعاء: اللهم أسبغ عليهما نعمة العقل عملاً بالقول الطيب: ربِّ منحْته العقل فماذا حرْمته. وحرمتْه العقل فماذا وهبْته. اللهم أنر بصيرتهما لأنهما لا يدريان ماذا يفعلان.

وختاماً: اللهم أبْقِ الحرب الروسية - الأميركية الأطلسية فاترة علها تعود باردة. وبذلك لا يصحو العالم المضيء على حرب ساخنة تعجِّل في نشوء عالم مظلم. إنك سميع مجيب... وقادر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللهم أبْقِها فاترة اللهم أبْقِها فاترة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon