توقيت القاهرة المحلي 08:32:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

... ولماذا لا تكون إعادة مقايضة؟

  مصر اليوم -

 ولماذا لا تكون إعادة مقايضة

بقلم - فـــؤاد مطـــر

يتساءل المتأمل مثل حالنا الذين ضاقت صدورهم بممارسة الذين لا يؤدون الواجب تجاه الدولة من نواب ورؤساء أحزاب متنوعة المشارب والولاءات: لماذا لا تكون هنالك إعادة مقايضة للأزمة المستعصية في شأن اختيار مَن يملأ كرسي رئاسة الجمهورية وعلى نحو صيغة تعتمدها الجيوش، وهي إعادة الانتشار عندما يُستعصى أمر حسْم معركة، وبذلك لا يظهر الجانب الذي اعتمد الصيغة تلك بأنه ضعيف وغير قادر على الحسم. ومثل هذه الصيغة نلحظها في الحرب الروسية - الأوكرانية والحرب اليمنية - اليمنية وواردة الحدوث في حرب جنراليْ السودان المغلوب على أمر شعبه عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي).

ما نقصده بصيغة إعادة مقايضة هو أن يأخذ «حزب الله»، أفعل طرف قابض على الإرادة الواقعية للدولة اللبنانية، في الاعتبار أن ما يرومه رئيساً جديداً مارونياً بنكهة كتلك التي اتسم بها بشكل صارخ الرئيس الجنرال ميشال عون، أمر غير ممكن التكرار؛ وذلك لأنه غير مستحب من جانب أكثرية طائفة الرئيس التي استيقظت فيها متأخرة مشاعر الطرف المستباح حقه بموجب المعادلة التي على رغم عدم استقرارها تبقى من الحقوق التي لا جدال في أمر التمسك بها. والدليل على استحالة ما نشير إليه أن حسْم مسألة مَن الذي يترأس ما زال على استعصاء لا مثيل له في المجتمعات السياسية في معظم الدول الجمهورية.

إزاء ذلك، وضمن صيغة إعادة المقايضة في حال الأخذ بها، فإن التوافق على أن تكون الحكومة وبالذات في شخص مَن يترأسها موضع اطمئنان «حزب الله». وبالمقابل، يختار فرسان الساحة الرئاسية بعدما باتوا بنسبة ثمانين في المائة متفهمين أن الحقوق تستعاد بوفاقهم وبالذات بالنسبة إلى الرئاسة الأُولى، الفارس الذي يرتاح له حليفهم في الرئاسة الثالثة، والقادر على الصولات والجولات في الميدان اللبناني وبما تؤكد فروسيته هذه أن التخاطب على ما كان عليه يثمر التفافاً شعبياً إلى حين في حين الوطن بأمس الحاجة إلى استقامة العملية السياسية وتأمين دائم للاحتياجات المعيشية وقبل أن تأخذ المكاره مداها في المجتمع وتصل الدولة إلى وضع يتجاوز بكثير الاضطرار إلى تقليص وظائف في الإدارات الأساسية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر وزارة الخارجية. وما هو آتٍ ربما أعظم... ناهيكم بالكهرباء والإنترنت.

وسواء ارتأى فرسان الساحة السياسية المتوزعون على أحزاب تفتقد إلى العقيدة الموضوعية، أن يصار إلى أن يكون جهاد أزعور الذي اختاروه مرشحاً لهم لرئاسة الجمهورية هو، ومن باب حفظ المقام، رئيساً للبنك المركزي يحل محل رياض سلامة الذي يودِّع المنصب إلى الاستراحة المطْمئنة أو إلى القضاء المجازي... الله أعلم، وبذلك تذوي سمعة العقود الثلاثة التي أمضاها رئيساً للبنك حارساً لعملته غاضاً النظر عمداً وليس سهواً عن أرقام عمليات حيتان من كل صنف سياسي وحزبي وتحزبي... سواء ارتأى أولئك الفرسان ذلك، فإن في شخص جهاد أزعور من الخبرة الاقتصادية والكفاءة العلمية والسمعة التي لم تتأثر بالأرقام من عوائد منصبه الأممي؛ ما يجعله الشخص المؤهل والمناسب ليس فقط لإدارة البنك المركزي، وإنما لإنقاذ ما يمكن إنقاذه لعملة باتت لا تحظى بالتهيب من حامليها مقارنة بمهابة الدولار الذي باتت حتى ربطة الفجل يتم تسعيرها بسنتاته.

وبالعودة إلى صيغة المقايضة، يبدو إسناد رئاسة الحكومة إلى النائب فيصل كرامي من المستحسَنات المرضِيات لـ«حزب الله»، فهو من رموز العمل السياسي الذي تربطه علاقة بـ«حزب الله» وحلفائه قريبة الشبه بعلاقة سليمان فرنجية بالحزب وحلفائه. ومع أن الجانب العقائدي هامشي بعض الشيء في هذه العلاقة، إلاّ أن ما جمع الجنرال عون بأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله هو ما يجمع حفيد الزعيم (الراحل) عبد الحميد كرامي بنصر الله وحزبه؛ فالهدف واحد. نال الجنرال عون ما تمناه وبات رئيساً للجمهورية طاوياً إلى درجة المحو كل ما قاله سابقاً حلفاؤه الجدد.

كذلك فيصل كرامي من أجل أن ينال المبتغى رئيساً للحكومة، وبذلك يواصل الحفيد من حيث بدأ الجد عبد الحميد (مرة واحدة عام 1945) العم رشيد (8 مرات الأولى عام 1955) الوالد عمر (مرتين الأولى عام 1990).

وبترئيس فيصل كرامي القريب الشبه بترئيس تمام صائب سلام وترئيس تقي الدين الصلح ليكون الصلحي الثاني والأخير بعد الرئيس رياض (المرحومين) لا تطمئن فقط نفس حسن نصر الله وبالتالي نفس حلفائه، واستطراداً نفس الرئيس نبيه بري، وإنما يتاح لـ«حزب الله» أن يتمنى على (الرئيس فيصل كرامي) تعيين حليف الجانبيْن (سليمان فرنجية) وزيراً للدفاع، وبذلك يتناغم هنا الاختيار الذي هو تعويض عن استحالة ترئيس فرنجية للجمهورية، مع اختيار مَن كان البادئ بالترشح ميشال معوض وزيراً للخارجية في حكومة يترأسها فيصل كرامي.

قد تبدو هذه الاحتمالات بعيدة وشائكة، هذا في حال أن ما أُخذ بالقوة يستعاد بالقوة في نظر الطيف الذي يروم كسراً لـ«حزب الله»، وهذا يعني أننا أمام جدار من الإرادات الصلبة التي تُبقي لبنان عرضة لحالات مستعصية العلاج. كما تصبح الاحتمالات قريبة وغير شائكة في حال أخذ الثلث اللبناني المستحوذ حتى إشعار آخر، أي «الثنائي الطائفي» بقطبيْه المقاوم «حزب الله» والحليف الثابت «حركة أمل»، بصيغة إعادة المقايضة مقرونة بخطوة يتطلع الاستقرار إلى اعتمادها كفرصة يستعيد من خلالها لبنان الوطن والشعب الطمأنينة، ولا يتحفظ عليها أصدقاء لبنان الدوليون والأشقاء العرب؛

ذلك أن مهابة اتفاق الطائف هنا محفوظة، وبالذات في إسناد وزارات المال والاقتصاد والداخلية إلى شخصيات تتفهم ولا بد صيغة إعادة المقايضة. ويرى هؤلاء بمَن فيهم معنوياً المفتي دريان أن الرئيس نجيب ميقاتي والذين سبقوه في الترؤس ليسوا أكثر حرصاً من فيصل كرامي. وهذه الخطوة تتمثل في تعليق ثلاثية «الشعب والجيش والمقاومة» بحيث تكون على مدى السنوات العشر الآتية مستبدَلة بـ«تنمية لبنان. دعم قدراته. تصحيح مساراته المتعثرة». وأما جيش الدولة، فكفيل بعد دعم قدراته وبالذات في ضوء إفاضة الثروة من النفط والغاز على صناديق الدولة، بأداء الواجب على أكمل وجه. ولنتأمل ملياً في ما تفعله «قوات الدعم السريع» في السودان، داعين ألّا تتحول صيغة الجيش الرسمي و«الجيش الحزبي» إلى ما لا يتمنى المرء حدوثه في لبنان، كما في السودان.

وفي حال التوافق على الجنرال جوزف عون رئيساً للجمهورية وفق صيغة إعادة المقايضة، وهذا أمر محتمَل الحدوث هو الآخر، فإن لبنان المبتلى بالصراعات سينتقل نحو الأفضل. لعل أُولي تعقيد الأمور يتأملون في قول الرسول (عليه الصلاة والسلام): «يسِّروا ولا تعسِّروا... وبشِروا ولا تُنفِّروا».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 ولماذا لا تكون إعادة مقايضة  ولماذا لا تكون إعادة مقايضة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon