توقيت القاهرة المحلي 09:30:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجزائر... نعيم الاستقرار من نعمة التجدد

  مصر اليوم -

الجزائر نعيم الاستقرار من نعمة التجدد

بقلم - فـــؤاد مطـــر

على مدى سنتين والرئيس عبد المجيد تبون يبذل من السعي الأشبه بالسبّاح الذي يتعامل مع أمواج عاتية تحتاج إلى مَن يواجه محاذيرها وبحيث يصل بسلامة إلى الشاطئ.

لقد ورث الرئيس تبون جزائر متوعكة. رئيسها يكابد متاعب صحية دقيقة. وبينما المتاعب تشتد وتفرض على المتوعك علاجاً بين سويسرا وفرنسا، فإن بعض المحلقين في فضاء الحكم وظّفوا مكانتهم وانشغال كبير الدولة في حاله الصحية، فأثرى مَن أثرى وخالف ما هو مؤتمَن عليه مَن خالف. وهكذا، رأى الرئيس تبون أن فتْح ملف الفساد هو المدخل إلى استعادة الجزائر انضباطها، يلي ذلك إعادة قراءة في ثنايا جوهر العلاقات بدول العالم مع تقديم العلاقة بالأشقاء العرب عن بقية العلاقات مع بعض دول العالم، الكبرى منها بوجه خاص. وكذلك التأمل بعمق في الحالات الوطنية العالقة وإعطاء الجانب الاقتصادي والاستثماري عناية فائقة.

خطا الرئيس تبون خطوات لافتة على طريق تصويب العلاقة مع فرنسا وبادله رئيسها ماكرون الحرص على التصويب، وبالذات مع ما من شأنه التصحيح الحاسم لسنوات استعمار أنتج عداوة في نفوس ثلاثة أجيال من الشعب الجزائري.

ومن هنا كانت انتفاضة التعريب التي شقّت طريقها باندفاعة وطنية ملحوظة. وجاءت انتفاضة المشاعر العروبية، من خلال مواقف بدأها الرئيس أحمد بن بيللا ولم تكتمل وعززها العقيد الرئيس هواري بومدين، وكان لها أن تقاسم المكانة التي حققتها ليبيا العقيد القذَّافي لولا أن وطأة المرض كانت شديدة على بومدين ثم يأتي الرئيس بوتفليقة يحاول تنميتها، لكن الحالة الصحية حالت دون تحقيق السعي. ورحل سي عبد العزيز (كما كانت تطيب له المناداة هكذا) ليترك إرثاً بالغ التشابك، وليبدأ الرئيس عبد المجيد مداواة إرث الرئيس عبد العزيز داخلياً وجِوارياً مغاربياً وأفريقياً، مع إعطاء العلاقة مع الأشقاء العرب زخماً بمفهوم العلاقة المستقرة التي تمتزج فيها العاطفة الأخوية بالرؤى الإستراتيجية، مع إبقاء هامش رحب في موضوع القضية الفلسطينية، التي تعني للشعب الجزائري الكثير، ويرى فيها أن صنو محنة الجزائريين مع فرنسا التي سبق أن استعمرت قرناً كاملاً، وها هي تحاول أن تمحو من الذاكرة الجزائرية بقايا أوزار ذلك الزمن، الذي كان فيه الاستعمار الفرنسي للجزائر على نحو استعماره بعض دول القارة الأفريقية. وفي ضوء الذي حدث في النيجر، يبدو من مصلحة فرنسا الحاضر الماكروني التصرف بالتفهم وبالتواضع. وهي إذا كانت لن تعيد النظر فتعالج الأمور بغير زمجرة الصوت والتلويح بالسوط الحديدي، فإن الانتفاضة الأفريقية في بداية الإنضاج، وصولاً إلى ما يشبه الغليان الذي هو من غليان أحوال المناخ الذي نبّه منه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم الخميس 27 يوليو (تموز) 2023 من خلال عبارة «انتهى عصر الاحتباس الحراري... وحل عصر الغليان. التغيير الحراري مرعب. هذه مجرد البداية». وإذا جاز الافتراض؛ فإن الدورة العادية للجمعية العمومية للأمم المتحدة الآتي انعقادها بعد أيام، ستكون دورة عصر الغليان بمعظم درجاته: الحراري والروسي والفلسطيني. ثلاثة من الغليانات نرجو من القادة الذين يحسنون من خلال التبصر والآخذ بالروية تبريد الغليانات على أنواعها.

وإذا جاز التوقع؛ فإن دوراً قيد استكمال ملامحه ستقوم به جزائر عبد المجيد تبون في ضوء تعليق آمال روسية وصينية تبلورت بعد المحادثات التي أجراها الرئيس في موسكو وبكين، وكانت موضع الرصد الدقيق من جانب الإدارة الأميركية التي لا هو زارها ولا الإدارة وجّهت حتى الآن الدعوة.

ومثل هذا الدور سيكون من أولويات رئاسته الثانية التي يتواصل التمهيد لها وبلورة معالمها، سواء لجهة رسم إطار ثابت للعلاقة مع فرنسا وتعزيز لتوظيف طمأنينة الأوروبيين لموضوع الغاز الذي عوّضهم الغاز الروسي في بناء علاقة ندية، وتطوير العلاقة مع كل من روسيا والصين، وبما لا يجعل الإدارة الأميركية على تربص مستديم للخطوات الجزائرية، وبحيث يتم إدراجها إلى جانب ترويض الوضع في ليبيا في بند الترقب بغرض وضع اليد عليه.

خلاصة القول، أن رئاسة عبد المجيد تبون الثانية باحتمال ما هو وارد الحدوث هي المحك، بل هي رئاسة أنجزت التصحيح والتعديل في خرائط مسيرة العلاقات لجزائر متجددة قوية بساحتها الأوروبية، ومسنودة بثنائية القطب الشرقي (روسيا والصين) ومرغوب ودّها من الإدارة الأميركية ديمقراطية الرئاسة لدورة ثانية أو جمهورية تستعيد الرئاسة من خاطفها.

هل سيأخذ التجدد مداه. ويعوّض الجناح المغاربي من الأمة بعض ما يفتقده من الاستقرار في انتظار هداية ليبيا إلى استقرار يتطور إلى تجدد. والله الهادي إلى الصراط المستقيم الذي يؤكد أن نعيم الاستقرار هو من نعمة التجدد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجزائر نعيم الاستقرار من نعمة التجدد الجزائر نعيم الاستقرار من نعمة التجدد



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon