توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بعض الظن الذي ليس إثماً

  مصر اليوم -

بعض الظن الذي ليس إثماً

بقلم: فـــؤاد مطـــر

يبدو «كورونا» وكما لو أنه توأم «داعش» مع اختلاف وسائل الإيذاء وإزهاق الأرواح. ومثلما استُولِدت «داعش» من جانب مرجعية شريرة، وأمعنت انتشاراً في أكثر من دولة، وحتى إشعار آخر ما زال أمر إنهاء دورها غير محسوم، قد يكون «كورونا» الاستيلاد الثاني. ولنا بالنسبة إلى «داعش» تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب الدليل على ذلك، حيث هو دائم استعمال الوجود الداعشي المتنقل كذريعة لأغراض في النفس القلقة إزاء التجديد للولاية الرئاسية.
وإذا كان «كورونا» توأم «داعش» أو «أخاً» من الوالد الشرير صانع الحالتيْن، فليس هو الرد على ما أصاب «أخته»، وكيف انتهى النسل الداعشي أفواجاً من أطفال جاءوا إلى الحياة في زمن إحراق بعض الآباء الأبرياء واغتصابات من كل نوع لفتيات وتدمير لتراث تاريخي آثاري، وهي بما لديها من عقول تقنية يروم أصحابها انتقاماً بالآخرين، قادرة على استيلاد جرثومة أو فيروس يتولى الدواعش الموجودون في معظم دول العالم إما ابتكاره وإما تسويقه... إنه إذا كان ليس هو الفاعل، فإن صانعيه القابعين في مختبرات متقدمة في دولهم «أنجزوا» في لحظة ضرورة توسيع رقعة الأذى والشر المستطير، ثم أوكلوا إلى هؤلاء الدواعش المستترين أمر السفر إلى عشرات الدول مزودين بالفيروس لنشره، ومن دون أن يعني الصُنَّاع أولئك أمر هل يسلْم ناقل الفيروس من الإصابة أم يناله ما يحصل للمتساقطين من جرَّاء حالات الحمى وتوابعها التي تستقر في أبدان أناس يتبضعون أو يتنزهون أو يتبارون بكرة القدم في ملاعب أو يعملون في مكاتب أو يتلقون العِلْم في مدارس وجامعات أو ينقلون طعاماً إلى جياع.
هنا لا تعود مثل هذه الظنون والافتراضات إثماً. أي لا يعود الافتراض بأن العقل الصهيوني يرى أن صفقة القرن لن تتم إلا إذا انتهى العالم بما هو أخطر من ذلك. كما يتجاوز الأمر بعض الشيء الظن عندما صدرت يوم الأربعاء 18 مارس (آذار) 2020 عبارة للرئيس الإيراني حسن روحاني تحمل الكثير من التفسير، وفيما ضحايا الجرثومة يتساقطون في ثلاثة أرباع دول العالم برسم العلاج، أو ضحايا بعدما لم ينفع العلاج الذي كشف هشاشة القوى الكبرى المنشغلة بتطوير السلاح وجولات من التلاعب بقضايا الشعوب وأحلام العيش على كوكب غير أرض الخير والعطاء، فيما هي غافلة عن تعزيز الأبحاث العلمية ثم يأتي الفيروس الذي ربما يكون من وطواط حيواني كما ربما هو بفعل وطواط بشري يبغي فتكاً بأهداف لا تقتصر على أفراد، وإنما على بشر بعضهم يقضي وفاة وأبعاض كُثر يعيشون كمداً داخل بيوتهم، وبذلك تتحول المدن بشوارعها ومحلاتها التجارية ومقاهيها ومطاعمها إلى مجرد هياكل من الحجر يعيش الذين في داخلها حالة من الهلع الجديد على عالم البشر، وهو الشعور بأنه قد يصاب بالفيروس حتى من أقرب الناس إليه، وأن الإصابة قد تتطور، وأنه فجأة سيجد نفسه منقولاً إلى مركز للعلاج أو متوفى، وجاءت غلبة الفيروس ليتفوق على براعة الطبيب المداوي.
وأما العبارة التي صدرت عن الرئيس روحاني فهي «أن إيران ردَّت وسترد على قتل الولايات المتحدة للقائد قاسم سليماني» فقد تبدو العبارة عادية، لولا أن قائلها يعني ما يريد منها، ولولا أنها جاءت بعدما أخذ «كورونا» الحيِّز اللافت من مداه. ثم عندما لا يكتفي بكلمة «ردت»، ويضيف إليها كلمة «وسترد» فيما «كورونا» يواصل الاجتياح بلداً تلو آخر، فهل معنى ذلك أن ثمة فرضية بأن للنظام الثوري الإيراني دوراً في المسألة الكورونية، خصوصاً أنه لا يزال محزوناً على فقدان رمزه الذي يجسد الرعب والإرعاب في أقصى درجاته، وعلى نحو ما هو مرفق من عبارات بصورته التي وزعها «حزب الله» في شوارع أحياء كثيرة من بيروت وبعض البلدات ذات الولاء له. ومن هذه العبارات «دام رعبه. دام رعبك يا مالك الأشتر. اشتد رعبك. الرعب الأعظم».
مرة أُخرى يجوز الظن، أو فلنقل ليس إثماً أن العقل الصهيوني والمشروع الإيراني يتنازعان المصلحة في نشْر الإيذاء الكوروني ومن دون الإعلان عن ذلك. وبالنسبة إلى أصحاب المشروع فإن تركيز الثورة الإيرانية على التصنيع النووي وكل أنواع أسلحة الإرعاب، واجتلابها لهذا «الطموح غير الإنساني» بغرض تحقيق مشروع ليس محسوماً أمره، مئات الخبراء من الجمهوريات التي كان يتشكل منها الاتحاد السوفياتي قبل انفراط عقده، ومن كوريا الشمالية يجعل الافتراض وارداً. ثم إن التركيز يترافق مع إصرار أهل الحُكْم على تحقيق المشروع الذي حدد هدفه الخميني وعطَّله لبضع سنوات الرئيس صدَّام حسين. ومن هنا ربما يكون «كورونا» كسلاح بيولوجي شأنه شأن النووي لجهة الإيذاء الماحق تمكَّن الخبراء المستورَدون إلى إيران هي الورقة الجديدة الكثيرة الشبه من حيث الغرض والفعل والانتشار مع «الداعشية» التي هي الأُخرى ما زالت عدواً حتى في نظر مَن صَنَعها، ثم عندما قرر إنهاء دورها وجد أن لها الأخ الأكثر ضراوة في شره.
لقد كثُر في السنوات العشرين الماضية الحديث حول توقعات لحروب آتية حول السيادات والمياه والثروات المدفونة تحت الأرض وفي قاع البحر، وكل منها يشكِّل في حد ذاته شرارة للحرب الكونية الرابعة.
وفي ضوء هذا الذي يعيشه العالم نرى أن الحرب تلك بدأت ومن دون السلاح التقليدي، وإنما من خلال الفيروس الغامض الذي يتحدى في فاعليته أسلحة الدمار الشامل المتعارف عليها من النووي إلى البيولوجي، ثم إنه في حالة اجتياح من بلد إلى آخر وفي كل القارات الخمس.، وليس هنالك مَن يتصدى لها حتى إشعار آخر... هذا إذا كان زُرَّاع «كورونا» أتقنوا عملية رميه في دول العالم.
ويبقى ونحن نفترض بالظن الذي ليس بالضرورة أن يكون إثماً نبدو أكثر اقتناعاً بأن الفيروس ليس حتماً وسبباً محسوماً بفعل وجبة وطواطية، وإنما هو تدبير من بشر ضد البشرية. ربما العقل الصهيوني، وربما أصحاب المشروع الإيراني. وكلاهما من المشاريع التي يحرِّم الله والأنبياء الأخذ بها.
إلاّ أننا قبل ذلك مطالبون بأن نعتبر هذه المحنة تنبيهاً لكل إنسان بأن يرى في المحنة الكورونية مناسبة للتأمل في ما فعل وفي ما قصَّر في تأديته كواجب نحو الوطن. وفي ضوء التأمل تأتي إعادة النظر من أهل القمة نزولاً إلى أهل السفح. والله المنجِّي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعض الظن الذي ليس إثماً بعض الظن الذي ليس إثماً



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon