بقلم - جورج إسحق
منذ أن انطلقت فكرة الحوار الوطنى والناس مشغولة بالترتيبات والإجراءات وهذا متروك لأصحاب الشأن ولا نهتم به كثيرا. ما نهتم به هو المضمون؛ ما هو الحوار وما هى أدواته؟
الحوار فى كل الدنيا يعتمد على رأس المال الاجتماعى المكون من أربع قضايا مهمة؛ أولا الثقة بين الأفراد والمنظمات والمؤسسات من خلال انتخابات واستفتاءات حرة سليمة، إلى جانب العدالة الناجزة على الجميع. وثانى أهم القضايا فى هذا الحوار هو حرية تداول المعرفة والمعلومات والانطلاق من إيجابيات ما هو قائم، إلى جانب تقديم خدمات الإغاثة والرعاية والتنمية. من النقاط المهمة أيضا التحول من العشوائية إلى التنظيم والالتزام وفق قواعد الأولويات لاحتياجات المجتمع. رابعا، السلوكيات التى تعتمد على التعاون واحترام حقوق الإنسان وقبول الآخر والتحول الإيجابى.
هذا ما ينتظره عامة الشعب من هذا الحوار وهو الإنصاف، أن ينصب هذا الحوار على تحقيق الإنصاف لكل فئات الشعب من خلال تعليم جيد، صحة متاحة، احتياجات البشر، هذا هو الذى يجب أن يحققه هذا الحوار.
لذلك نحن نركز على موضوع الثقة. يجب أن نرى شواهد تعيد الثقة مرة أخرى بعد انعدام السياسة لمدة ثمانى سنوات، وفتح المجال العام والإفراج عن المحبوسين فى قضايا الرأى، وحتى الآن لم نرَ انفراجة قوية رغم الوعود الكثيرة التى تتحدث عن الإفراج.
من الإنصاف أن لا يدعى للحوار كل من تلوثت يداه بالدماء، وهذا ما قاله المنسق العام، وأعضاء مجلس الأمناء مشغولون بالترتيبات وتشكيل اللجان وخلافه. نحن نتمنى أن نسرع قليلا لأن الحوار العملى لم يبدأ بعد. كما أن المنسق العام أكد على حق الشعب المصرى فى المعرفة والمتابعة الفورية والشفافية.
من الإنصاف أيضا أن تتحرك الأحزاب إلى المحافظات المختلفة لعقد اجتماعات مع ألوان الطيف المختلفة من الشعب المصرى لمعرفة ماذا يريد الشعب، وليس النخبة، من الحوار الوطنى. كذلك من الإنصاف أن يتمتع الشعب المصرى بالحريات العامة ــ بلا استثناء ــ لبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة كما يعلن كل من دعأ إلى الحوار الوطنى.
ومن الإنصاف أن يتمتع كل مواطن ومواطنة مصرية بالقضاء الناجز المحايد والحفاظ على حريته وكرامته.
طلبنا عدة مرات أن تذاع جلسات الحوار على التليفزيون حتى يشارك الشعب المصرى جميعا بالاستماع، وللآن لم يتحقق ذلك.. حتى نرى ونسمع الحيادية فى طرح الأفكار، ونحن متمسكون بما قاله الأستاذ ضياء رشوان إن هذا الحوار عندما يقدم إلى رئيس الجمهورية سيترجم إلى تشريعات وإجراءات، والآن من حق الرئيس أن يصدر قانونا جديدا للحبس الاحتياطى وتعديل قانون الإجراءات الجنائية حتى نشعر بالارتياح.
فى تويتة للدكتور حسن نافعة كتب مطالبا أن يكون من أولويات هذا الحوار المحور السياسى، وهى الملفات الخاصة بالأحزاب السياسية وحقوق الإنسان والإصلاح التشريعى والأمن القومى والسياسة الخارجية.
يجب أن ينتهى تماما حبس من يكتب أى شىء لمدد طويلة بتهمة نشر أخبار كاذبة عبر وسائل الإعلام. عندما دعا الرئيس إلى أن من حق كل شخص أن يعبر عن رأيه وينتقد كما يشاء، فهذا معناه أن هؤلاء الذين فى السجون لهم الحق فى الخروج وهم انتقدوا بعض الأوضاع فى مصر، وبالتالى يجب أن يفرج عنهم فورا لتحقيق الإنصاف المجتمعى.
عندما نتكلم عن القضايا السياسية ستحل مشاكل التعليم والصحة لأن السياسة هى الأصل فى المشكلة، إلى جانب ما يعانى منه الشعب المصرى من أزمة اقتصادية طاحنة. لذلك يجب على المختصين فى الحوار أن يبدأوا بطرح بدائل بما هو قائم الآن.
هذه هى مطالبنا لتحقيق الإنصاف الذى حرمنا منه فترة طويلة وكانت كل الإمكانيات متوفرة للموالين فقط. هذا لا يصح ولا يستحيل مع بناء دولة حديثة، فالدولة الحديثة تساوى بين جميع المواطنين والمواطنات فى كل أحوال الدولة. نحن بصدد عقد ندوة حول العدالة لأننى اظن ان العدالة ليست على ما يرام، ونتمنى أن تتواءم مع العهد الجديد لتحقيق الإنصاف. نحن كما عهدنا ليس لنا ملجأ كمواطنين عزل إلا القضاء الذى نفخر طوال حياتنا باستقلاليته وأحكامه الناجزة.
ولا ننسَ إطلاقا طوال العمر القاضى الذى أصدر حكمه بعد ثورة العيش سنة 77، هذا الحكم التاريخى الذى سطره القضاء بأحرف من نور.
هذه هى كل تطلعاتنا وآمالنا فى أن نرفع شعار الإنصاف للدولة الجديدة إذا كنا جادين فى بناء دولة حديثة..
عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان