توقيت القاهرة المحلي 13:28:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تمكين المرأة فى منظور توفيق الحكيم (2-2)

  مصر اليوم -

تمكين المرأة فى منظور توفيق الحكيم 22

بقلم: أحمد عبد الظاهر

تناولنا فى المقال السابق المرأة فى كتابات توفيق الحكيم، حيث عرضنا رؤيته فيما يتعلق بعمل المرأة، وذلك من خلال الحوار التخيلى بينه وبين إحدى طالبات الجامعة آنذاك.

وأول ما يسترعى الانتباه فى هذا الحوار هو أن الحكيم بدأ بعرض وجهة النظر المدافعة عن حق المرأة فى تولى الوظائف العامة مع بيان أسانيدها ومبرراتها، على لسان طالبة الجامعة شريكته فى الحوار القصصى. كذلك، ورغم أن الحكيم لم يخف معارضته ورفضه خروج المرأة للعمل، إلا أنه فى ذات الوقت يؤكد تقديره وتوقيره للمرأة وإبراز الأهمية الكبيرة والمكانة العظيمة لها فى المجتمع، لدرجة أنه يرى أن لها وظيفة أهم وأسمى من المستشارة أو الوزيرة، وهى «الملكة» أو «الإلهة»، فلم ينطلق الحكيم فى رؤيته من نظرة دونية للمرأة أو عدم تقدير لأهمية دورها فى المجتمع، بل على العكس من ذلك، يؤكد الحكيم تقديره للمرأة وإدراكه التام الكامل لأهمية دورها، إلى درجة إسباغ وصف «الملكة» أو «الإلهة» عليها، الأمر الذى يستحق الإشادة والثناء. ولذلك، ليس من الإنصاف إطلاق لقب «عدو المرأة» على الحكيم، واعتقادى أن الإسراف فى التوصيفات وإطلاق الألقاب لا يمثل منهجاً رشيداً.

إن حسن معاملة المرأة يشكل سمة أساسية من سمات المجتمعات الراقية والشخصيات المرهفة، وكما قال باشا خان «إذا كنت تريد أن تعرف درجة مدنية ورقى أى مجتمع، انظر إلى تعامله مع المرأة»، فالمرأة ليست نصف المجتمع كما يقولون، بل هى كل المجتمع إذا أحسنت القيام بدورها ورسالتها. وفى توصيف الوظيفة الاجتماعية للمرأة، لا يجوز لأحد أن يجادل فى أن أسمى مهمة لها هى رعاية أسرتها وأبنائها، ثم تأتى بعد ذلك كل المهام الأخرى، ولكى تقوم المرأة بهذا الدور على أكمل وجه ينبغى أن تكون متعلمة ومثقفة وواعية، وكما قال شاعر النيل حافظ إبراهيم: الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق.

أما فيما يتعلق بعمل المرأة، فالملاحظ أن الحوار بين الحكيم وطالبة الجامعة قد انصب على تولى الوظائف العامة، وفى هذا الصدد، لا يمكن لأحد أن يعارض حق المرأة فى الوظيفة العامة، بل إن بعض المرافق الحكومية لن يستقيم العمل بها إلا من خلال وجود المرأة بها، كما هو الشأن بالنسبة للمؤسسات العقابية المخصصة للنساء وعمليات تفتيش النساء فى المطارات وتفتيش الأنثى المتهمة بارتكاب جريمة جنائية، فلا يمكن لعاقل إذن أن يعارض حق المرأة فى تولى الوظائف العامة، ولكن، ينبغى التسليم أيضاً بأن ثقافة الوظيفة العامة ينبغى تغييرها سواء بالنسبة للرجل أو المرأة، فقد مضى العهد الذى كان الجميع فيه يسعى إلى الوظيفة الحكومية، وينبغى على الشاب، ذكراً كان أو أنثى، أن يمد بصره إلى ما هو أوسع وأشمل من الوظيفة العامة، إن التكنولوجيا الحديثة قد جعلت من الميسور للشاب أن يبدأ مشروعه الخاص من منزله، دونما حاجة إلى استئجار مقر لممارسة نشاطه المهنى أو التجارى أو الصناعى، مستخدماً موقعاً إلكترونياً أو مستخدماً إحدى الخدمات التى يوفرها مزودو خدمات مواقع التواصل الاجتماعى، كما هو الشأن فى الخدمة التى يوفرها موقع التواصل الاجتماعى واتس آب، ولا تعلم المجتمعات العربية عنها شيئاً، وهى (What’s for business)، وهذه الخدمة مجانية، وتوفر خدمة الرد الآلى عبر الروبوت، ويوجد بها فى الولايات المتحدة الأمريكية والهند خدمة الدفع عن بعد. لقد كانت المرأة الريفية فى الماضى تجعل من بيتها مصنعاً متكاملاً أو عدة مصانع فى آن واحد، فكانت تقوم بتربية الطيور والدواجن وتنتج الجبن والسمن البلدى والبيض الطازج والصابون.

إن الاقتصاد الحديث يقوم على تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ويمكن لكل شاب، ذكراً كان أو أنثى، أن يكون له مشروعه الخاص، ويمكن للمرأة أن تباشر عملها الخاص من منزلها، بما يسمح لها بالتوفيق بين متطلبات عملها وواجباتها الأسرية، ولا أعتقد أن توفيق الحكيم أو غيره يمكن أن يعارض فى أن تكون المرأة عنصراً منتجاً فاعلاً فى المجتمع، تؤدى دورها فى العملية الإنتاجية، جنباً إلى جنب مع الرجل.. والله من وراء القصد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تمكين المرأة فى منظور توفيق الحكيم 22 تمكين المرأة فى منظور توفيق الحكيم 22



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon