بقلم - أحمد عبد الظاهر
فى الثانى والعشرين من يناير الماضى، قام مجلس النواب بالرد على مزاعم الكونجرس الأمريكى بانتهاك حقوق الأقباط فى مصر، وجاءت مذكرة الرد تحت عنوان «مصر ليست وطناً نعيش فيه بل وطن يعيش فينا». وغنى عن البيان أن هذه العبارة هى مقولة شهيرة للبابا الراحل شنودة الثالث. ورداً على قيام الدولة المصرية بفضّ اعتصام جماعة الإخوان فى رابعة العدوية، تعرضت الكنائس لهجمات إرهابية. ففى الخامس عشر من أغسطس 2013، أى فى اليوم التالى لفضّ اعتصام رابعة، أفادت بيانات الكنائس والحركات القبطية بوقوع 64 حالة اعتداء على الكنائس والأقباط بمختلف محافظات الجمهورية خلال 12 ساعة فقط. وتعقيباً على تزايد إحراق الكنائس من قبَل الجماعات الإرهابية، وفى بيان الكنيسة وقتها، قال الأنبا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية: «لو الكنائس أُحرقت سنصلى مع المسلمين فى المساجد، وإذا أُحرقت المساجد سنصلى مسيحيين ومسلمين فى الشوارع». كذلك، كان للبابا تواضروس عبارة شهيرة: «وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن.. لو ظل الوطن سنصلى فى أى مكان، لكن لو فقدنا الوطن أين سنصلى؟». وأوضح البابا تواضروس، فى تصريحات تليفزيونية، أن كلماته التى ركز عليها فى بيان الكنيسة جاءت مستوحاة من مشاعر الأخوّة والمشاركة التى عاشها فى منزل أسرته مع جيرانه المسلمين، قائلاً: «والدى توفى سنة 1967 قبل حرب يونيو بيومين، وكنا سكاناً وجيراننا مسلمين والشقة ضيقة جداً، وطالبنا بغرفة لاستقبال المعزين ووافقوا وساعدونا فى إجراءات العزاء، وبعدها بسنوات كانت ابنة جيراننا مقبلة على الزواج، فطالبونا بغرفة لاستقبال المدعوين فى فرح ابنتهم، وكنا سعداء جداً مع بعضنا البعض حتى هذه اللحظة».
واحتجاجاً على قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده فى إسرائيل إلى مدينة القدس، أعلنت الكنيسة القبطية رفضها استقبال «مايك بنس»، نائب الرئيس الأمريكى، فى زيارته التى كان مقرراً لها شهر ديسمبر 2017م. وذكر بيان الكنيسة الصادر آنذاك أنه «نظراً للقرار الذى اتخذته الإدارة الأمريكية بخصوص القدس، فى توقيت غير مناسب، دون اعتبار لمشاعر الملايين من الشعوب العربية، تعتذر الكنيسة القبطية المصرية الأرثوذكسية عن استقبال مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكى، خلال الزيارة المزمع القيام بها فى ديسمبر الحالى». وأضاف بيان الكنيسة: «نصلى للجميع بالحكمة والتروى فى معالجة القضايا التى تؤثر على سلام شعوب الشرق الأوسط، والله السلام يعطينا السلام فى كل أوان ويحفظ الجميع فى خير وسلام». ورغم تأجيل الزيارة إلى النصف الثانى من شهر يناير 2018م، فإن موقف البابا تواضروس الثانى بقى على حاله دون تغيير، رافضاً استقبال نائب الرئيس الأمريكى.
وهكذا، لا يمكن لأحد أن يجادل فى المواقف الوطنية المخلصة للبابا تواضروس والدور الوطنى والقومى للكنيسة القبطية المصرية، والتى تجلت فى موقف البابا من وقائع حرق الكنائس فى أعقاب فضّ اعتصام رابعة العدوية وموقفه من قرار نقل السفارة الأمريكية فى إسرائيل إلى القدس.
نقلا عن عن الوطن القاهريه