بقلم: أحمد عبد الظاهر
يشكل التمكين السياسى للمرأة إحدى ظواهر العصر الذى نعيش فيه، لا سيما منذ بداية الألفية الثالثة، ولا يقتصر ذلك على دول العالم المتقدم، وإنما يمتد إلى دول العالم الثالث. ولأجل بلوغ هذا الهدف يتم اتباع آليات مختلفة، لعل أهمها تعزيز مشاركة المرأة فى الحكومات، وإقرار نظام الكوتة النسائية فى المجالس النيابية، وفيما يتعلق بالآلية الأولى، أى تعزيز مشاركة المرأة فى الحكومات، تنص المادة الحادية عشرة، الفقرة الثالثة من الدستور المصرى الحالى لعام 2014م، على أن تكفل الدولة للمرأة حقها فى تولى «وظائف الإدارة العليا فى الدولة». وعلى أرض الواقع، كان عدد الوزيرات فى حكومة المهندس «شريف إسماعيل» ثلاثاً فقط، تبوأن حقائب التعاون الدولى، التضامن الاجتماعى، والهجرة وشئون المصريين بالخارج، بنسبة 8% فقط من إجمالى عدد الحقائب الوزارية وعددها 33 حقيبة وزارية. أما فى حكومة الدكتور «مصطفى مدبولى»، فقد ارتفع عدد الوزيرات إلى ثمان، يشغلن حقائب التضامن الاجتماعى، الاستثمار والتعاون الدولى، البيئة، والصحة والسكان، السياحة، الثقافة، التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، الهجرة وشئون المصريين بالخارج، وارتفعت نسبة العنصر النسائى إلى 25% تقريباً من إجمالى عدد الحقائب الوزارية. كذلك، ولأول مرة، تتبوأ المرأة منصب محافظ، حيث تم تعيين السيدة نادية عبده فى منصب محافظ البحيرة، فى السادس عشر من فبراير 2017م، وشغلت قبل ذلك منصب نائب محافظ البحيرة، لتكون بذلك أيضاً أول سيدة فى تاريخ مصر الحديث تتولى هذا المنصب، ورغم كل هذه التطورات، وأثناء فعاليات ملتقى الشباب العربى والأفريقى، المنعقد بمدينة أسوان فى شهر مارس 2019م، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن «حجم المرأة والشباب فى الحكومة المصرية لا يكفى طموحاتنا، مقارنة بقدرات المرأة».
أما فيما يتعلق بالآلية الثانية، أى تعزيز التمثيل النسائى فى المجالس النيابية، فقد تم مؤخراً تعديل الفقرة الأولى من المادة 102 من الدستور المصرى، بوضع حد أدنى لعدد مقاعد المرأة فى مجلس النواب، وبحيث لا تقل نسبة التمثيل النسائى فى المجلس عن (%25). وفى ذات التوقيت تقريباً، وتحديداً فى الثلاثين من أبريل 2019م، صدر قرار رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رقم (1) لسنة 2019م، الذى يوجب ألا تقل نسبة تمثيل النساء فى المجلس الوطنى الاتحادى عن (%50) من ممثلى كل إمارة. وهكذا، وبموجب هذا القرار، فإن نسبة تمثيل النساء فى دورة المجلس الوطنى الاتحادى المقبلة تبلغ خمسين فى المائة على الأقل، أى عشرين مقعداً من إجمالى عدد مقاعد المجلس الوطنى الاتحادى البالغة أربعين مقعداً. وتجدر الإشارة إلى أن أول انتخابات فى تاريخ المجلس الوطنى الاتحادى كانت فى العام 2006م، وشهدت فوز أول امرأة إماراتية بعضوية المجلس من خلال الانتخاب، كما تم تعيين ثمانى عضوات من قبل حكام الإمارات، وبذلك شغلت المرأة عام 2006م تسعة مقاعد فى المجلس الوطنى الاتحادى، أى بنسبة 22.5%. وهذه النسبة لم تتغير فى الدورة الحالية (2015- 2020)، حيث ترأس المجلس الوطنى الاتحادى امرأة، هى الدكتورة أمل عبدالله القبيسى، وتعتبر أول إماراتية تفوز بهذا المنصب عبر انتخابات تشريعية، كما أنها المرأة الخليجية الأولى التى تصل للبرلمان عبر صناديق الاقتراع، وهى أول امرأة تتولى رئاسة البرلمان فى العالم العربى، وإلى جانب الدكتورة أمل القبيسى، هناك ثمانى عضوات أخريات فى المجلس الوطنى الاتحادى.
إن هذه الخطوات المتسارعة على أرض المحروسة وعلى مستوى العالم كله فى الأعوام الأخيرة نحو تمكين المرأة سياسياً تجعل من غير المستبعد أن نرى قريباً فى مصر امرأة فى منصب رئيس مجلس الوزراء أو رئيس البرلمان. كذلك، يمكن أن تصل نسبة مشاركة النساء فى الحكومة والبرلمان إلى النصف، بحيث تكون العضوية فيهما مناصفة بين النساء والرجال، كما حدث فى بعض الدول الأجنبية التى اتبعت مبدأ «حكومة نصفها نساء» و«برلمان نصفه نساء». وفى جميع الأحوال، وسواء وقع الاختيار على رجل أو امرأة، المهم هو أن تكون الكفاءة هى العامل الحاكم والحاسم فى الانتخاب والتعيين.. والله من وراء القصد.