بقلم: حسن المستكاوي
** سنرى إن شاء الله فريق مانشستر سيتى، بقيادة جوارديولا فى دورى أبطال أوروبا للاستمتاع بأداء رفيع المستوى.. بعد أن قضت المحكمة الرياضية الدولية برفع عقوبة الإيقاف عامين عن الفريق بقرار من الاتحاد الأوروبى لكرة القدم تطبيقا لقاعدة اللعب المالى النظيف، وفى الوقت نفسه قضت المحكمة بتأنيب النادى لإعاقته تحقيقات اليويفا، وخفضت المحكمة الغرامة التى فرضت على مانشستر سيتى من 30 مليون يورو إلى عشرة ملايين يورو.. وتناقضت ردود الأفعال على قرار المحكمة الرياضية الدولية.. لكن فى ردود الأفعال دروسا حضارية جديدة أخرى من هذا العالم الآخر..!
** قال جوارديولا تعليقا على البراءة: «أعلم أن القرار ليس مريحا للأندية الكبيرة مثل مانشستر يونايتد وليفربول وآرسنال، لا يجب أن نطلب الإذن للوجود هنا نستحق أن نكون هناك يا رفاق، تقبلوا هذا إنه يوم جيد لكرة القدم، لكن يورجين كلوب الذى سبق له أن وصف جوارديولا بأنه مدربه المفضل، قال: «لا أتمنى أى شىء سيئ لأى أحد، ولكننى لا أعتقد أنه يوم جيد لكرة القدم.. قاعدة اللعب المالى النظيف فكرة جيدة وضعت لحماية الفرق والمنافسة، ويتعين على الأندية التأكد من أن المال الذى يريدون إنفاقه يأتى من مصادر صحيحة.. وكلاهما يقدم درسا جديدا فى ثقافة المنافسة والاختلاف، فكلاهما يرى الآخر مدربا عظيما على الرغم من شراسة المنافسة بينهما، وكلاهما لم يجامل الآخر، ولم يغض أحدهما نظره عن قرار المحكمة، وكلاهما قال رأيه دون سباب وإساءات وتصريحات نارية تهاجم زميله وتسفه رأيه.. ما هذا السلوك الحضارى؟ ما هذه الحضارة؟
** الإجابة لمن يسأل ويريد أن يعرف أين يوجد هذا السلوك الحضارى فى الاختلاف: ترونه فى كوكب المريخ!
** وبمناسبة الكوكب الآخر الذى يسكنه أهل العالم الآخر، ها نحن نرى ما فعلته حادثة مصرع الأمريكى الأسمر جورج فلويد، فمن أثار الحادث الذى هز العالم وأشعل المظاهرات ضد العنصرية، أن فريق ريد سكينز لكرة القدم الأمريكية قرر تغيير اسمه العنصرى، لما يمثله ناحية سكان أمريكا الأصليين، من الهنود. فقد تقرر تغيير اسم الفريق بعد 87 عاما.. لكنه قرار جاء متأخرا قرابة الخمسين عاما، إلا أنه سيضع فريق ريد سكينز، فى الجانب الصحيح من التاريخ (لاحظوا التعبير) حسبما نشرت صحيفة الواشنطن بوست فى تقريرها.
** فى عام 1970 أطلق سكان أمريكا الأصليين من الهنود مؤتمرا وطنيا لمكافحة الصور النمطية الضارة للسكان فى وسائل الإعلام وفى الثقافة الشعبية الأمريكية، وتجاوبت مؤسسات وجامعات وهيئات مع الحملة، وقررت تغيير الأسماء والشعارات التى تعكس مفهوما عنصريا يسىء للهنود. ومن هذه المؤسسات جامعات أوكلاهوما وماركيت وستانفورد وكذلك مجموعة من المدارس الثانوية.. والآن بعد نصف قرن سيمضى ريد سيكنز مع الذين سبقوه.. لكن فى أسباب القرار وجه آخر يكشف قوة الرعاة والفهم الرياضى وللقيم الإنسانية للشركات الراعية التى تبحث عن جنى الأرباح.
** فقد قررت شركة نايكى التوقف عن بيع الأدوات الرياضية الخاصة بالفريق، وضغطت شركة فيدكس الراعية الأخرى من أجل تغيير الاسم وهددت بسحب اسمها من استاد لاندوفر الخاص بالفريق.. ولكن ما لا ينبغى إغفاله هو العمل الشجاع للناشطين الأمريكيين الأصليين الذين دافعوا بلا كلل عن تغيير الاسم.. علما بأن مالك الفريق منذ عام 1999 دان سنايدر كان أعلن من قبل أن الاسم لن يتغير أبدا.. لكنه رضخ أخيرا أمام ثورة الغضب ضد العنصرية.. وتقرر إعلان اسم جديد بعد التشاور مع الأمريكيين الأصليين والمنظمات العسكرية للتأكد من أن الاسم الجديد يليق بتاريخ أمريكا وسكانها الأصليين.
** تلك قصة أخرى من العالم الآخر..!