بقلم : حسن المستكاوي
** كنت مثل ملايين فى الكرة الأرضية يتابعون المباراة بعيدا عن أنفيلد بآلاف الكيلومترات، إلا أننى مع كل هدف كنت أقف وأصفق فرحا واحتراما لهذا الأداء الذى يقدمه الفريق الإنجليزى الذى أشجعه خلف محمد صلاح، والواقع أنى أحب برشلونة، ولكنى أحب كرة القدم وأحب محمد صلاح أكثر من برشلونة. والبعض لا يستوعب ذلك أحيانا فهل يمكن أن يشجع إنسان لعبة وليس فريقا؟
** هذه الريمونتادا التى حققها ليفربول أفضل مما حققه فى إسطنبول فى نهائى 2005 أمام ميلان والذى ما زال يوصف بأنه من أفضل النهائيات الأوروبية على الإطلاق فقد انتهى الشوط الأول 3 ــ 0 لمصلحة إيه سى ميلان واحتكم الفريقان لركلات الجزاء الترجيحية بعد الوقت الإضافى ليفوز ليفربول 3/2..
** كانت الصحافة الإنجليزية كلها دون استثناء قاسية جدا على ليفربول عندما خسر مباراة الذهاب بثلاثة أهداف.. وعقب المباراة قلت هنا: «كم هى قاسية تلك اللعبة. فحتى الدقيقة 75 كان ليفربول متفوقا ميدانيا لا سيما فى الشوط الثانى. وبدا الفريق الإنجليزى قريبا من التعادل، وكان أقرب للفوز فى بداية المباراة قبل أن يسجل سواريز هدف برشلونة الأول فى الدقيقة 26. وأهدر نجوم ليفربول فرص التعادل وفرص التقدم، وفرص العودة من برشلونة بنتيجة تدفع الفريق إلى المباراة النهائية. نعم لعب ليفربول بحيوية، وبشجاعة، وبمرونة، وكان الشوط الثانى تحديدا من أفضل الاشواط التى لعبها الفريق الإنجليزى العريق..».
** يومها فاز برشلونة ببراعة ميسى وحده.. واليوم تتحدث كل الصحف الإنجليزية عن تفوق ليفربول فى مباراة الذهاب وأنه لم يكن يستحق الخسارة.. وما تحقق فى ليلة 7 مايو معجزة. فهذا الفريق يخوض معركة ضارية للفوز بلقب البريميرليج، ولعب قبل 72 ساعة مباراة ملحمية مع نيوكاسيل وفاز بصعوبة 3/2.. فمن أين أخرج لاعبو ليفربول تلك الطاقة أمام برشلونة؟ ألا يشعرون بالإجهاد مثل لاعبينا؟
** هذه الجملة ليست إسقاطا على أى فريق فى مصر وإنما هى لكل الفرق، وللجماهير كلها وللإعلام كله. وهو موقف ثابت عندى منذ أكثر من عشرين سنة، دفعنى إلى استخدام تعبير «تأجيل المؤجلات وتعديل التعديلات» ساخرا من اتحاد الكرة عندما كان يؤجل مباريات للأهلى وللزمالك وللفرق التى تلعب فى إفريقيا، وهذا موقف من إدارة اللعبة وإدارة شئونها وليس موقفا من فريق أبدا.. خصوصا أننا لم نسمع أو نقرأ من يطالب بتأجيل مباريات ليفربول الضارية فى الدورى الإنجليزى لأنه الفريق الذى يمثل إنجلترا فى بطولة أوروبا. وإذا كنتم تريدون إصلاحا حقيقيا للعبة فى مصر يجب أولا إسقاط كل الكلام القديم الذى نحاربه منذ سنوات، ونرفضه، وهو الكلام الذى يدور ويتردد فى مجتمع كرة القدم المصرية !
** ليفربول لم يهزم برشلونة جسديا فحسب، بل تقنيا وتكتيكيا وجماعيا وفكريا أيضا. وتفوق شاب يبلغ من العمر 20 عاما من وست ديربى فى ميرسيسايد، يدعى ألكساندر أرنولد على فريق عظيم حين ضحك على لاعبيه جميعا وباعهم دمية فى خدعة ذكية صبيانية وشيطانية، وكان لها دوى القنبلة فى العالم كله..!
** نعم كان الهدف الرابع هو أجمل أهداف ليفربول بما فيه من ذكاء وخبث وسرعة تصرف، ولماحية. فقد تقدم ألكسندر أرنولد للعب الضربة الركنية، بينما كان لاعبو برشلونة ينتظرون خروج كرة ثانية من الملعب. ثم تحرك أرنولد موحيا أو متعمدا بأنه سيترك الضربة الركنية لزميله شاكيرى، وفجأة تحرك داخل أرنولد عبقريته الشريرة، وأسرع بتمرير الكرة إلى زميله أوريجى فى لحظة استرخاء لاعبى برشلونة ليسجل أوريجى الهدف الرابع وأحد أهم الأهداف فى تاريخ ليفربول، علما بأنه المهاجم الخامس فى الفريق، وقد كان مقاتلا ونجما فى تلك الليلة الساحرة من ليالى كرة القدم الجميلة..
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع