بقلم: حسن المستكاوي
** يسدل الستار على عام يمضى، كما يسدل الستار على عقد يمضى. وخلال السنوات العشر الأولى من القرن الحادى والعشرين تغيرت الرياضة وتطورت كرة القدم، وبات الإنفاق المالى مذهلا، فقد أصبح حجم الإنفاق على الرياضة مقدرا بـ 500 مليار دولار وهى قفزة تحققت فى الفترة من 2014 إلى 2018 ويتوقع أن يصل حجم الإنفاق على الرياضة إلى 700 مليار دولار خلال الفترة من 2018 إلى 2022.. ومن شواهد العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين أن مجموعة سيتى جروب لها استثمارات فى أندية بالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بأستراليا واليابان والهند، ويكفى أن بطل الدورى اليابانى أخيرا مملوك للمجموعة، وهذا يوضح كيف أصبحت حدود صناعة كرة القدم غير محلية وتعدت الإقليمية أيضا.
** لكن التغيير الذى طرأ على الصناعة ليس ماليا فحسب، وإنما فنيا أيضا. ففى كرة القدم اختفى رقم 10 التقليدى مع نهاية العقد الأول من هذا القرن، واختفى رأس الحربة الساكن فى منطقة الجزاء. واختفت المراكز الثابتة وبات الظهير جناحا ولاعب الوسط مهاجما، والمهاجمون مدافعين، باختصار أصبحت اللعبة أكثر جماعية وأكثر تنظيما وأكثر تركيزا على المهام والواجبات.
** كذلك اختفى الرقم 9 تقريبا أو رأس الحربة، من يتابع ألمانيا منذ فترة، وربما فى مرحلة ما بعد مونديال 2010 فى جنوب إفريقيا سيجد أن الفريق لا يضم البرتغالى رونالدو ولا الإنجليزى هارى كين، ولا البلجيكى لوكاكو، فهذا المركز ليس صريحا بالدرجة الكاملة، ووضح ذلك فى مونديال 2014 وفى كأس القارات بروسيا عام 2017، فالفريق يهاجم بخطوطه ولاسيما الوسط، ويتقدم إلى رأس الحربة أحد اللاعبين فى لحظة ما، ثم يخرج فى لحظة من المركز ليتقدم زميل آخر له.. هكذا كان الحال لسنوات بواسطة مسعود أوزيل وسامى خضيرة، وكاكا وبرازيلى وجيروم بواتنج وكلوزة وبودولوسكى وباد شتوبر، وتونى كروس وموللر ووماركو ريوس وجوتزة.. وغيرهم.
وعرفنا فى تلك السنوات أشكالا من المهاجمين لم يتوقعهم أحد بحكم مواقعهم ومراكزهم مثل مارسيللو، دانى ألفيش، وكافو، ومايكون، ولوسيو وفيديريكو فالفيردى وكروس وغيرهم.
** هذا كلام بعيد تماما عن تلك الآراء الانطباعية العامة والتقليدية فقد شهدت كرة القدم فى العقد الأول من هذا القرن تغييرات شديدة، بجانب التغيير المعروف المتعلق بالسرعات والقوة، وارتفاع مستوى اللياقة، وزيادة معدلات الجرى.
** سأترك المقارنات الأجنبية، وأتوقف قليلا عند كرتنا المحلية للتدليل على ما سبق من تغييرات فى اللعبة، ففى مباراة الأهلى والاتحاد السكندرى التى انتهت بفوز حامل اللقب 4/صفر سجل ثلاثة من تلك الأهداف لاعبو الوسط بعد فرصة تهديف محققة للسولية وهو لاعب وسط، بينما أحرز الهدف الرابع وليد أزارو الذى يوصف مركزه كرأس حربة، وهذا مجرد نموذج.
** الآن يرى يورجين كلوب أنها جريمة أن يلعب ليفربول مباراتين خلال 72 ساعة، مباراة لعبها أمس مع ليستر سيتى والثانية مع وولفرهامبتون يوم الأحد.. وفى إحصائية دقيقة أجريت على فريق استون فيلا الفائز بدورى إنجلترا فى موسم 1980 / 1981 لأول مرة منذ 71 عاما، اكتشف الخبراء أمرا فى غاية الغرابة بمعايير القرن الحادى والعشرين، إذ كانت الإحصائية عبارة عن عدد المباريات التى لعبها الفريق وعدد اللاعبين الذين شاركوا فى تلك المباريات، وقد لعب أستون فيلا 42 مباراة فى طريقه نحو اللقب بـ 14 لاعبا فقط وسبعة منهم بدأوا فى جميع المباريات، وهو عدد يخوض به اليوم الفريق الواحد مباراة واحدة.
** فى جميع الأحوال نحن أمام لعبة مختلفة على حميع المستويات، فى تلك الحقبة، لعبة بات الأداء الجماعى ضرورة، والمراكز مجرد مهام وواجبات، والتكتيك فيها أكثر دهاء، والسرعة أسرع، والأداء أقوى، والمسافات أضيق، والأدوات المساعدة مختلفة، والاستشفاء له أساليبه العلمية..
** تغيرت كرة القدم كثيرا.. ولم نتغير نحن!