بقلم : حسن المستكاوي
** قال صحفى برازيلى، والدموع توشك أن تقفز من عينيه، قال لمدرب المنتخب تيتى أثناء مؤتمره الصحفى بعد مباراة بلجيكا:
«الحظ لم يكن معنا.. الحظ لعب مع بلجيكا».. وأعجبنى رد تيتى، فقد قال: «لا دخل للحظ بفوز بلجيكا.. هل تظن أن كوروتوا كان محظوظا؟ لا أظن أنه كان محظوظا، وإنما كان حارسا رائعا»!
** هذا درس من الدروس التى يجب أن يتعلمها المجتمع العربى كله.. فنحن نعلق هزائمنا على حكم، أو على حظ، أو على أرض وعرة، أو على رحلة طيران شاقة، أو على درجة الحرارة المرتفعة، أو على درجة البرودة العالية.. فالمهم أن شيئا آخر أو شخصا آخر وراء تلك الخسارة وليس نحن.. وأضيف إليه درس آخر من تصريح مدرب بلجيكا: «بالنسبة لى فإن المنتخب البرازيلى أفضل فريق فى البطولة.. وفى أى مباراة، إذا لعبت بشكل جيد ستفوز وإذا لم تفعل ستخسر، ولكن أمام منتخب البرازيل فهذا لا يكفى، تريد المزيد، يجب أن تكون مقتنعا أن بإمكانك الفوز»!
** هذا درس فى الرياضة وفى أخلاق الرياضة ودرس فى التواضع، ودرس للمدعين، ودرس لكل مغرور بانتصاره..!
** والحقيقة الواضحة للجميع هى أن البرازيل خسرت لأن منتخب بلجيكا كان أفضل فى تلك المباراة تحديدا وليس الأفضل بصورة مطلقة. ولأن مدربه مارتينيز استعد تكتيكيا بصورة أفضل من تيتى. لقد لعب روبرتو مارتينيز بطريقته 3/4/3.. ولكنه دفع لوكاكو إلى الجهة اليمنى قليلا لإرهاق مارسيللو وتعطيله والحد من تقدمه، بجانب إستغلال المساحة التى يتركها حين يتقدم. وساعده تقدم بلجيكا بهدف على تنفيذ تلك الخدعة نسبيا حيث اضطر مارسيللو إلى التقدم كثيرا بحثا عن التعادل.. كما لعب دى بروين متأخرا عن مركز رأس الحربة أو مركز 9 الخفى.. فيما أجرى تغييرين مهمين بالدفع بالشاذلى وفيللاينى وكلاهما قاما بمحاصرة كوتينيو، وقطع خطوط الاتصال بينه وبين نيمار..
** لقد قال مارتينيز تعليقا على فوز فريقه: «مباراة اليوم لم تكن متعلقة بالتكتيك، ولكن بتنفيذ هذا التكتيك، وقد طرحت تكتيكا صعبا على اللاعبين. ورأيت نظرات عيونهم، وهى تلمع بالثقة، وبالرغبة فى الفوز. نعم اليوم كان الأمر متعلقا بالذكاء وبإيمان اللاعبين الدائم بقدرتهم على الفوز»..!
** فى المقابل صمم تيتى على أسلوبه وخططه وتكتيكه وسلاحه. صمم على أن مهارات لاعبيه الفردية قادرة على صناعة الفوز أو طبخ الفوز تحديدا فى أى وقت، سواء على نار هادئة أو فى لحظة يتحول فيها الهدوء إلى قطعة من الجمر..
** أسفل شجرة نخيل وحيدة فى حى بيدرا دو سال فى ريو دى جانيرو ولدت رقصة السامبا قبل أكثر من مائة عام، وهى روح وقلب وعقل البرازيل.. وهى رقصة قادمة من غابات إفريقيا مع أكثر من أربعة ملايين انتزعوا من قراهم ومن أوطانهم، وكانت رقصاتهم تعبيرا عن حلمهم بالتحرر من قيودهم.. وبمرور الوقت، باتت رقصة السامبا تعبيرا عن الفرح والبهجة والسعادة، بإيقاعاتها الصاخبة، وطبولها الزاعقة.. لكن لسبب ما، فور انتهاء مباراة بلجيكا والبرازيل شعرنا أننا نسمع صوت موسيقى حزينة، ونغماتها دموع.. لعلها كان صوت رقصة السامبا التى اكتست فى تلك الليلة بالألم والحزن!
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع