الفريق الروسى لا يملك مهارات البرازيل
أو إسبانيا لكن عنده الكثير الذى لا يملكه الفراعنة..!
الخسارة لم تكن بسبب زيارات شخصيات وفنانين للفريق
.. وما حدث دليل على عدم الاحتراف الإدارى وعدم احترام العمل..!
الفريق مثل ملاكم يفوز ببطولة إفريقيا للوزن الثقيل.. لكنه لا يستطيع أن يهزم كلاى أو تايسون!
صلاح موهبة فطرية وعبقرية.. لكنه يمشى وحده مع المنتخب.. ولا يمشى وحده مع ليفربول!
** لا يحدث أبدا أن يتحول مقر بعثة منتخب يخوض منافسات بطولة دولية مثل كأس العالم إلى ساحة للصور التذكارية مع اللاعبين أو مسرح للمشاهير أو صالون اجتماعى، فتلك فوضى إدارية، تساوى تلك الفوضى التى جعلت المنتخب يقيم فى جروزنى، ويكون ثانى فريق فى المونديال بعد نيجيريا يقطع مسافات، يعنى منتخب مصر سبق 30 منتخبا فى المسافات التى قطعها. واللطيف أنه لن يلعب مباراة واحدة فى جروزنى.. ولكن للإنصاف أيضا أوضح أن المنتخب لم يخسر أمام روسيا بسبب تلك الزيارات التى قامت بها شخصيات عامة وفنانون وجمهور. هذا ليس سبب الخسارة، لكنه دليل على عدم الاحتراف فى العمل. ودليل على عدم احترام العمل!
** كنت فى النهاية أفضل أن تنفق الشركة الراعية للمنتخب على سفر مجموعة من الشباب المصرى الذى لا يجد فرصة للسفر إلى الخارج. كان يمكن أن تعطوا لملايين الشباب النموذج الحقيقى والفعال للإيمان بأنهم الحاضر والمستقبل بدلا من إنفاق تكلفة طائرة بالكامل على شخصيات بمقدورها أن تسافر إلى القمر على نفقتها الخاصة!
** منتخب روسيا لا يملك مهارات البرازيل أو إسبانيا أو البرتغال أو فرنسا الفردية، ولا مهارات الألمان الجماعية، ولا يملك رونالدو أو نيمار أو ميسى، لكن الفريق الروسى يملك القوة، واللياقة، والصحة، والتكتيك، وهو ليس مرشحا للقب لكنه يملك الكثير مما لا يملكه منتخب مصر.. وقد اختصر الفارق فى لعبتين أسفرتا عن الهدفين الثانى والثالث لروسيا وسجلهما دينيس تشيريشيف وارتيم دزيوبا وكيف أفلت اللاعبان من دفاع المنتخب بسهولة. يقابل ذلك محاصرة الدفاع الروسى لصلاح وأيضا لمروان محسن، وعدم السماح لهما باستلام الكرة أصلا مما ترتب عليه تحييد الهجوم المصرى تماما. بجانب الضغط على لاعبى الوسط فى المنتخب وما ترتب عليه من وأد الهجمات فى مهدها.. وهذا كى يحدث ليس بالبساطة التى أكتب بها، وإنما هو نتاج عمل جاد وجهد بدنى كبير.
** الأخطاء تحدث عنها الجميع خلال المباريات الودية، وقبل المباريات الودية، فالمنتخب يلعب نصف مباراة، ونصف كرة قدم، ويلعب فى نصف الملعب. فالفريق يدافع ولا يهاجم. وأحيانا يكون ذلك اختيارا بسبب فلسفة كوبر الدفاعية، وأحيانا يكون ذلك بسبب عدم القدرة. يعنى ببساطة قد نملك ملاكما رائعا على مستوى إفريقيا.. لكن هذا لا يعنى أن الملاكم نفسه قادر على مواجهة محمد على كلاى أو تايسون لمجرد أنه يهزم كل الملاكمين الأفارقة.. وأضطر لتقديم هذا المثل الساذج لعله يقنع الذين يظنون أن المنتخب سافر إلى روسيا كى يلعب فى دور الثمانية، وأضطر لعرض هذا المثل الساذج، لعله يقنع الذين أسهبوا فى التحليل والشرح، وباعوا للناس انتصارا حتميا فى المجموعة دون إدراك للمستويات، ودون إدراك لمستوانا، ودون إدراك لمستوى كرة القدم فى كأس العالم!
** أشعر بالأسف والاعتذار لتكرارى أننى قلت كثيرا: ليس المهم الوصول إلى كأس العالم وإنما الأهم ماذا نفعل فى كأس العالم؟ وما حدث ليس مفاجأة، ولو وقعت معجزة، وصعدنا مثلا فهذا لن يغير شيئا. فالجهاز يجب أن يرحل. واتحاد الكرة عليه أن يدير كرة القدم بمفهوم احترافى حقيقى.. وقد سبق واعترضت على مفهوم الإعداد، وعلى مفهوم تجربة كوبر للاعبين، فهو ليس إعدادا وليست تجارب للاعبين جدد!
** قلت من قبل وأكرر الكلام، مشيرا بذلك إلى أن الصواب أن تتحدث بما يجب أن يكون وليس بعد أن يخسر الفريق. نعم قلت هنا إن المشكلة هى أن خطة إعداد منتخبات مصر منذ عام 1960 سارت بنفس الفكر والأسلوب حتى الساعة الخامسة من مساء أمس لحظة بدء مباراة روسيا.. وأعلم أن هناك أجندة الفيفا الدولية، لكننا نستعد فقط للبطولات ولا نصنع خطط إعداد طويلة المدى.. نحن فجأة نكتشف أننا بصدد خوض بطولة. وفجأة نرسل فاكسات إلى جميع اتحادات كرة القدم فى الكوكب. وفجأة نفاجأ بأنه لم يرد علينا اتحاد واحد، وفجأة نتسول مباراة.. وفجأة ينتهى الأمر بمباراة بين فريقين هما الأحمر والأزرق أو حسب لون الفانلات المتوافرة للتمرينات فى المخازن!
** كانت عروض الفريق فى مبارياته التجريبية غير مقنعة. لكن هيكتور كوبر وجد أن التجارب جيدة. واعتبر أن غياب محمد صلاح من أسباب تأثر الأداء، هذا ليس دقيقا ولم يكن كلاما دقيقا.. فتلك واحدة من المبررات سابقة التجهيز. وصحيح أن صلاح صاحب مهارات وهداف، ووجوده يشكل ضغطا على دفاع الفريق المنافس. إلا أن صلاح دون مساندة جماعية لا يمكن أن ينجح وحده. وشتان الفارق بين صلاح مع ليفربول وبينه مع المنتخب. فهو مع فريقه الإنجليزى يصل كثيرا للمرمى. ويصنع العديد من الفرص طوال المباراة. هو موجود دائما ويسانده هندرسون وفيرمينيو وسانى، وفينالدوم وميلنر. يسانده فريق بالكامل ويلعب معه وبجواره. وكذلك قلنا مرارا إن ميسى مع برشلونة ليس ميسى مع الأرجنتين.. وميسى مع برشلونة أقوى تأثيرا، والقوة والتأثير أعنى بهما التهديف، وصناعة الأهداف، والفوز بالبطولات. وجمال وجماعية الأداء.. وهى فروق تماثل دور صلاح وموقعه وأهميته فى ليفربول وفى منتخب مصر.. صلاح مهم جدا.. لكنه لا يستطيع أن يلعب وحده أو أن يمشى وحده!
** منذ هزيمة البرازيل المؤلمة أمام ألمانيا فى مونديال 2014 تغير كل شىء فى البرازيل. حارس جديد. دفاع جديد. وسط جديد. هجوم جديد. تكتيك جديد. وقد شاهدت منتخب البرازيل يهاجم بضراوة. ويرد بسرعة للدفاع ويصنع ستارا حديديا، فالقضية ليست دفاعا فقط ولا هجوما فقط.. ولست أرمى بكرة المقارنة بين أداء المنتخب الوطنى وأداء البرازيل.. لكنه واحد من دروس كرة القدم التى تقدمها الفرق الكبيرة للتلاميذ!
** أشعر بالأسف لتكرار نشيد الهزيمة.. وأشعر بالأسف لآراء ولشخصيات أشهرت سيوفها الآن بعد الهزيمة، ركوبا لموجة الهجوم على الفريق وعلى اللاعبين الذين قاتلوا بروح عالية لكنهم لم يوفقوا أمام منافس أقوى.
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع