بقلم-حسن المستكاوي
** ستفوز أوروبا بكأس العالم للمرة الرابعة على التوالى.. بعد إيطاليا 2006 وإسبانيا 2010، وألمانيا 2014.. واليوم تتنافس 4 منتخبات أوروبية على اللقب فى 2018.. هل يأفل نجم المدرسة اللاتينية؟
** أولا يتعلم الأوربيون ويتطورون. هكذا علمتهم ويلات الحروب وخسائرها. فتلك القارة التى كانت تحارب بعضها فى القرن الثامن عشر، وتعانى من الظلام بدأت نهضتها بالتفكير والمنطق والفلاسفة والبحث العلمى. وهكذا أيضا تعلمت أوروبا من هزائمها. تعلمت ألمانيا من الأمم الأوروبية فى عام 2000. وتعلمت بلجيكا من غيابها عن المونديال من 2002. وتعلمت إنجلترا من ضعف منتخبها وتخلفه 52 عاما عن دائرة الألقاب.. بينما أكل الغرور مواهب ومهارات منتخبات كرة أمريكا اللاتينية. فهناك ظن بأن كل لاعب موهوب يساوى الفارس المغوار القادر على هزيمة خصومه والمرور منه والذهاب إلى مرماه..!
** ثانيا من أهم ما أدركته أوروبا بالبحث العلمى والدراسة، أن القوة وحدها لا تكفى. وأن اللياقة وحدها لا تكفى. وأن كرتهم بحاجة إلى مهارات ومواهب وسرعات مع القوة والصحة واللياقة والتكتيك والخطط. ففتحت القارة البيضاء أبوابها أمام المهاجرين والمستوطنين من أصحاب البشرة السمراء بما يملكونه من مهارات فطرية تلقائية من طول العضلات أو السرعات.. وحين وقف الرئيس الفرنسى السابق جاك شيراك لالتقاط صورة تذكارية مع منتخب بلاده الفائز بكأس العالم فى 1998.. قال أبرز معارضيه: «كم هو جميل أن أرى فرنسيا فى تلك الصورة؟» وكان يقصد أن المنتخب كله من لاعبين أصولهم غير فرنسية، وأن الفرنسى الوحيد هو الرئيس!
** فى المقابل مازالت أمريكا الجنوبية تعيش زمن بيليه ومارادونا، وترى أن ميسى أو نيمار هما تكرار لزمن مضى. ولم تطور الأرجنتين كرتها بمدربها الحالى، وعلى الرغم من أنها لعبت نهائى 2014.. إلا أنها حققت ذلك بقوة الدفع التاريخية، خاصة أنها فى بطولة 2010 منيت بهزيمة كارثية أمام ألمانيا، وقد عاد منتخب الأرجنتين للفوضى فى الأداء. فهو فريق يضم نجوما كبارا مقاما وسنا. لكنهم مجرد أفراد فى فريق لا يلعبون للفريق.. أما البرازيل فقد طور مدربها من الروح المعنوية للاعبيه. وتألق المنتخب فى تصفيات القارة للمونديال، حين حاربت المهارة غريمتها المهارة. لكن حين ظهرت قوى مختلفة فى روسيا تعبت البرازيل. تعبت لأنها ظلت تلعب وهى تتكئ على مهارات لاعبيها فقط.. دون تطوير حقيقى للتكتيك، فالفريق يهاجم بالكامل، ويذهب حتى حدود منطقة جزاء المنافس، ويسعى بكل مهاراته إلى اختراق تلك الحدود. ويفعل ذلك فى كل لحظة بالمباراة وفى كل مباراة دون تغيير.. فلم يستمر!
** خرجت من هذا المونديال قوى كبرى مثل ألمانيا، والبرازيل والأرجنتين، وإسبانيا، وأوروجواى. ولم تنجح آسيا أو إفريقيا لأسباب تستحق البحث والدراسة أيضا.. لكن على جميع الذين خرجوا أن يسألوا أنفسهم لماذا؟ ما هو الفارق بين بلجيكا وفرنسا وإنجلترا وكرواتيا وبين منتخباتنا؟ ما هى نقاط قوتهم ونقاط ضعفنا.. وتلك بديهيات أى تطوير وأى عمل، حتى لو كنت فائزا ومنتصرا ومتقدما فإن عليك أن تعرف لماذا..؟
** ودون أن تطرح هذا السؤال البسيط يوم تكون منتصرا أو مهزوما ستظل منتشيا لفترة بما حققته ثم تسقط. أو ستظل تدور فى دائرة مغلقة، وتستهلك وقتنا ووقتك وأنت تبحث عن الأسباب الخارجية التى أسقطتك مثل سوء الحظ، والحكم السيئ، والبرد، والحرارة، والمطر، والجفاف، والارتفاع عن سطح البحر، وكل هذا سيكون مثل رمال متحركة تسحبك إلى أسفل لأنك لن تعرف أبدا لماذا أخفقت؟!
نقلا عن الشروق
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع