بقلم : حسن المستكاوي
** فى تقرير على موقع دويتشه فيله الألمانى عن محمد صلاح بعنوان: «فرعون ليفربول والسياسة المصرية.. ضغوط أم اهتمام؟»، جاء فى مقدمته ما يلى: بأدائه اللافت مع فريقه ليفربول أصبح النجم المصرى محمد صلاح وجها دوليا لامعا، ما جعله محط أنظار حكومة بلاده للاستفادة من نجوميته. فهل احتفاء الحكومة المصرية بصلاح طبيعى كما يبدو، أم أن هناك محاولات لـ«تسييس» الفرعون؟!
** كنت أحد الذين تحدثوا فى هذا التقرير، ضمن مجموعة من الشخصيات، ومنهم مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية فى باريس باسكال بونيفاس الذى شكك فى مدى نجاح محاولات الاستفادة سياسيا من صلاح على الصعيد الدولى، فهى، برأيه، محاولة «مكشوفة للغاية» وشبيهة بوسائل الدعاية القديمة التى عفى عنها الزمن..!
** بالفعل هذا أسلوب قديم.. فاستخدام أبطال الرياضة والأحداث الرياضية للدعاية السياسية خطة شديدة السذاجة. وقد كان تعليقى مباشرة هو «أن الحكومة المصرية لا تستميل صلاح لكى تستفيد منه، وقلت بالنص للمحرر: إن الدول الغربية تحاول دائما تفسير تقدير الحكومة المصرية لأبطال مصر على أنه محاولة للاستمالة بينما هى تقوم بنفس التقدير لأبطالها».
** وأضفت أن حكومات ورؤساء دول قاموا بتكريم أبطال الرياضة، وأن ذلك حدث على أعلى المستويات فى بريطانيا من جانب الملكة إليزابيث فى استقبال وتكريم ديفيد بيكهام، وفى احتفاء رئيس فرنسا جاك شيراك بمنتخب بلاده يوم الفوز بكأس العالم. وأن أنجيلا ميركل كادت ترقص فرحا فى المقصورة تقديرا لمنتخب ألمانيا، وهو ما فعله قبلها رئيس إيطاليا، وناهيك عن رئيس أمريكا وكل رئيس لأمريكا حين يستقبل أبطال الرياضة!
** وقد وجدت فى أسئلة المحرر وجهة نظر غربية لما يجرى فى مصر، وعلى الرغم من التزامه بنصوص إجاباتى، إلا أن بعض الغرب نظرته لنا فيها شك أو يبنى هو وجهة نظر ويعمل على تصديرها لنا.
** إن تبرع محمد صلاح لصندوق تحيا مصر كان بدافع إنسانى ووطنى. ولم يفعل صلاح ذلك مدفوعا بالسياسة لأنه لا يحتاجها، ومشاركته فى حملة «أنت أقوى من المخدرات» كانت تبرعا، وإيمانا منه بدوره الاجتماعى، كنموذج وقدوة وبطل فى أعين الشباب. ويدهشنى أن يشكك الغرب فى استعانة وزارة التضامن الاجتماعى ببطل رياضى فى حملة توعية تحارب المخدرات ويراها مسألة سياسية، ولا يرى هذا الغرب مشاركة أبطاله فى الرياضة ومشاركة نجوم فن فى حملات مماثلة ببلادهم نشاطا سياسيا أيضا..!
** فى مقدمة التقرير الذى إستطلع رأى شخصيات مختلفة كتب أيضا محرر دويتشه فيله ما يلى: «فى خضم الأوضاع المعيشية الصعبة فى مصر والانتقادات المستمرة لحكومتها بانتهاك حقوق الإنسان، برز اسم ابن مصر محمد صلاح ليصبح على ما يبدو الشخصية النادرة التى تحظى بإجماع مصرى، فى بلد شهد اضطرابات سياسية واقتصادية منذ ثورة يناير عام 2011».
وتلك رؤية قاصرة، وناقصة. فمنذ 2014 لم يشهد البلد اضطرابات سياسية واقتصادية والحمد لله، واتحاد واتفاق أغلبية المصريين على صلاح يرجع لنجاحه وتميزه ومهاراته وأخلاقه وتواضعه وروحه المرحة والعالية، ولأنه قدوة ونموذج للشباب ولأحلامهم. ولا علاقة إطلاقا لذلك بالسياسة، لأن صلاح بمنتهى البساطة ليس فى حاجة إلى السياسة.. ولأن ملايين المصريين الذين أحبوا صلاح وأحبوا نجاحه لم يعطوا هذا الحب بتأثير السياسة.. فلماذا يفتش الغرب دائما عن سبب سياسى لكل ما يجرى فى أرضنا حتى لو كان الأمر مهارة وبراعة وتفوق وبطولة لاعب مصرى فى البريمييرليج؟!
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع