بقلم: حسن المستكاوي
** ميار شريف.. هل هى إنتاج نبع يفيض بالأبطال والبطلات على مستوى التنس العالمى أم أنها طفرة لمعت وستلمع ثم تنطفئ معها البطولة واللعبة حين تعتزل؟!
** عندما كان إسماعيل الشافعى لاعبا وبطلا للتنس، حظيت اللعبة باهتمام كبير فى مصر، وقد جاء هذا الاهتمام بعد أن حقق إسماعيل الشافعى العديد من الإنجازات على مستوى الناشئين فى ويمبلدون ثم الشباب، ثم بتقدم ترتيبه فى التصنيف العالمى إلى رقم 34، وكان الشافعى نجما من نجوم المجتمع وليس مجرد بطل للتنس، ففى بطولة مصر الدولية بالجزيرة كان الآلاف يحضرون مبارايتها من أجل «سمعة». وكانت البطولة بالنسبة لجيلنا مثل ويمبلدون بالنسبة للإنجليز، رياضة، وبهجة، ومتعة، وفى تلك الفترة اختير إسماعيل الشافعى كأحسن رياضى مصرى فى السبعينيات برصيد متقدما على نجم كرة القدم على أبو جريشة.. وكان من ضمن النجوم العشرة بطلة السباحة سحر منصور، وناجى أسعد، وغيرهما من أبطال اللعبات الشهيدة.
** الواقع أنه باعتزال الشافعى، طويت صفحة بطولة مصر الدولية للتنس، وهو أمر أعتقد أنه أصاب رياضة الملاكمة على مستوى الاهتمام العربى، بعد اعتزال محمد على كلاى، فلم تكن القضية فقط أنه بطل مناضل، له مواقف مهمة، وإنما كان ملاكما فنانا، ولم تعد اللعبة فيها فنون محمد على كلاى ولا رشاقته ولا نضاله الإنسانى.
** نصف قرن تغيرت فيها الرياضة المصرية، وسقطت أكذوبة «الجينات الرياضية المصرية» التى تقول إننا نتفوق فقط فى لعبات المصارعة ورفع الأثقال والملاكمة؛ حيث حقق العديد من الرياضيين ميداليات أوليمبية وعالمية فى لعبات مختلفة، مثل السباحة والسلاح والتايكوندو، والرماية، ثم قدمت لنا رياضة التنس بطلة مصرية تألقت فى رولان جاروس، وتأهلت للدور الرئيسى وهى ميار شريف التى خرجت من هذا الدور أمام التشيكية كارولينا بليسكوفا المصنفة الرابعة على العالم والمصنفة الثانية للبطولة، التى فازت 6 / 7 (9 / 11) و6 / 2 و6 / 4..
** المسألة أولا وأخيرا تدريب. وليست مجرد جينات. فالنجمة ميار شريف مثل فريدة عثمان، ومثل غيرهما من أبطال اللعبات المصرية الذين نشأوا فى أحضان الأندية فى مصر ثم انطلقوا على مساحات تدريب علمية فى أمريكا، فقد نشأت فى النادى الأهلى، وبدأت تمارس التنس فى سن الخامسة، وكبرت فى اللعبة كلما كبرت فى سنها. أصبحت بطلة فى مصر وفى إفريقيا، وسافرت إلى أمريكا والتحقت بجامعة فى كاليفورنيا ثم إلى جامعة ببردين وتخرجت عام 2018 بتخصص الطب الرياضى.
** قصة ميار كبطلة، تبدأ من الصغر، ومن اختيار اللعبة، ومن اهتمام الأسرة، وحصرها على تنمية موهبتها شأن كل الأسر المصرية التى قدمت عشرات الأبطال للحركة الرياضية. ثم يأتى دور الاتحادات التى تنمى المواهب، إلا أن المستوى العالمى يتحقق بالتدريب العالى. وهو الأمر الذى أكده أبطال مصر فى لعبات السباحة تحديدا؛ حيث إنها من اللعبات التى تحتاج تقنيات تدريبية رفيعة المستوى، وهى ضمن ألعاب تحتاج إلى نوعيات تدريب خاصة مثل ألعاب القوى والرماية والتنس. لكن هناك فارقا جوهريا، فالأبطال على المستوى العالمى يبدون من إنتاج فردى وليس من إنتاج نظام عام وشامل يفرز الأبطال فى شتى اللعبات.
** فى جميع الأحوال. البداية المبكرة جدا، والتدريب الشاق جدا، والأسلوب العلمى جدا، والقاعدة العريضة من الممارسين، والإمكانات المادية والفنية العالية تصنع أبطالا وبطلات على المستويات العالمية.