بقلم: حسن المستكاوي
** تعلمنا الأحداث الرياضية ومباريات كرة القدم ما لا نعلمه فى بعض الأحيان، ومن ذلك ما تعلمناه من المشاهد التى أحاطت بمباراة القمة الإنجليزية بين ليفربول ومانشستر سيتى. فقد بدأت بدقيقة حداد كاملة، وليس مجرد ثوان، وبحالة سكون تعبر عن حزن نبيل، وكدنا أن نسمع صوت الصمت. فلا همس، ولا حركة، ولا ضحكة ولا صيحة تفسد جلال الذكرى. إنه يوم «زهرة الخشاش الحمراء» فى بريطانيا وفى دول الكومنولث، وعرف بذلك بسبب القصيدة الشهيرة: «فى حقول فلاندرز» التى ترثى الجنود الذين قضوا نحبهم وتتحدّث عن نمو زهرة الخشخاش فى حقول المعارك التى سقط القتلى فيها.
** إنه يوم 11 نوفمبر الذى يتذكر فيه الشعب البريطانى ضحايا الحروب الذين سقطوا دفاعا عنهم وعن بلادهم فى كل العصور.. وفى هذا اليوم تزين زهرة الخشاش الحمراء صدور البريطانيين، مختلف طبقات الشعب والنجوم والسياسيين والفنانين والرياضيين. وتزين الزهرة فانلات اللاعبين أيضا. وحصيلة ثمن شراء تلك الزهرة توجه إلى الفيلق الملكى البريطانى وهو مؤسسة خيرية لدعم وإحياء ذكرى ضحايا الحروب.
** فى يوم زهرة الخشاش الحمراء، وتحت ظلال ملعب أنفيلد معقل ليفربول كانت هناك مشاهد أخرى، تعلمنا وتخبرنا بأن كرة القدم لعبة ممتعة ومثيرة، تنثر البهجة والحيوية. لعبة فيها صراع نظيف ونضال، غير ملوث بقلة الحيلة والبلادة، والتنبلة، والوقت الضائع والجهد الضائع. وغير ملوث بسوء الأخلاق وانعدام الروح الرياضية. فعلى الرغم من هزيمة مانشستر سيتى واعتراض بيب جوارديولا على طاقم التحكيم لعدم احتساب ضربتى جزاء فإنه توجه إلى حكم الوسط مايكل أوليفر وصافحه وقال له: شكرا جزيلا.. وقد بدت أنها جملة عتاب أكثر منها جملة شكر.. ثم صافح بعض لاعبى ليفربول ومنهم ساديو مانى.. وقد كان بينهما جدل قبل أيام حول تمثيل مانى السقوط داخل منطقة الجزاء.. وهو المعنى الدقيق المقصود وليس الغطس كما يترجمها البعض أو يترجمها «مستر جوجل»!!
** فور انتهاء المباراة بفوز ليفربول حاول مصور سكاى سبورتس الفوز بتصريح عابر من يورجين كلوب، فرفض المدرب الألمانى، وبغضب شديد قال للمصور: «ليس هنا.. أنا لست مهرجا».. ومن المعروف أن المدربين يصرحون للإعلام عقب المباريات فى مؤتمرات مرتبة ومنظمة.
** المباراة أعادت ظاهرة تفوق كلوب على جوارديولا. تفوق الهجوم العكسى المضاد للألمانى عل فكرة الاستحواذ للإسبانى. هو صراع تقليدى بين الضغط المضاد والعكسى لكلوب والمعروف «بجيجن بريسينج» وبين الضغط العالى والاستحواذ لبيب جوارديولا. ولكن أسلوب كلوب يعتمد على إغلاق زوايا التمرير للاعب المنافس الذى يمتلك الكرة. مع تضييق المساحات فى الخلف، وفى الوقت نفسه يهاجم بالظهيرين وبثلاثة مهاجمين ويجعل الملعب متسعا وعريضا أمام دفاع المنافس..
** لقد سجل ليفربول هدفين فى 13 دقيقة. بهجمات مضادة سريعة. ففى الهدف الأول الذى جاء فى الدقيقة الخامسة استغرق الأمر ست ثوان وأربع لمسات وثلاث حركات قطرية لتنتقل الكرة من الظهير الأيمن إلى الجناح الأيسر والعودة إلى الداخل الأيمن ثم العودة مرة أخرى إلى الركن الأيسر ثم «بوم» سدد فابينيو وسجل.. وكان الهدف الثانى سريعا أيضا بعكسية من الناحية اليسرى عن طريق أندى روبرتسون، إلى صلاح الذى سبق بأصبع مدافع السيتى بسرعته ليسدد ضربة رأس رائعة على يمين برافو.. وانتهى كل شىء هنا فى الدقيقة 13!
** هل انتهى سباق البريميير ليج بفوز ليفربول باللقب مبكرا؟
** الإجابة: لا.. ففى الدورى الإنجليزى سيناريو مختلف ودراما وبهجة مختلفة.
وقد يهمك أيضًا:
هل هى لعبة أبناء الحى فى الشارع؟!
كتابة التاريخ الرياضى وتصويبه..!