بقلم: حسن المستكاوي
** يعلن اليوم المجلس الأولمبى الآسيوى فى سلطنة عمان عن الفائز من سباق الرياض / الدوحة على استضافة دورة الألعاب الآسيوية 2030، وهى المرة الأولى التى يقتصر فيها سباق استضافة هذا الحدث الرياضى الكبير على غرب القارة ففى المرات العشرين السابقة فازت دول جنوب وشرق القارة بالعدد الأكبر من الدورات السابقة حيث حصلت دول هذه المناطق على حق استضافة 18 نسخة من بينها دورتا عامى 2022 فى الصين و2026 باليابان، بينما فاز غرب القارة باستضافة دورتين فقط وهما 1974 التى نظمتها إيران و2006 التى استضافتها قطر.
** دورة الألعاب الآسيوية حدث رياضى كبير، يشارك بها أكثر من عشرة آلاف و500 من أفضل الرياضيين فى القارة من 45 دولة يتنافسون فى 42 رياضة وذلك خلال الفترة من أول إلى 16 نوفمبر 2030..
** قد لا نهتم هنا فى إفريقيا بهذا الحدث الرياضى، وربما لا تلتفت وسائل الإعلام المصرية لدورة ألعاب آسيا. لكن لماذا تتسابق الدول وتتنافس على استضافة الأحداث الرياضية.. ما السبب؟
** عن هذا السباق بين الرياضة والدوحة قال الأمير عبدالعزيز بن تركى الفيصل وزير الرياضة السعودى: «هذا الترشيح ليس مجرد فرصة.. هذا الترشيح هو حلم وطن». وهو تصريح يعكس أهمية تنظيم الدورة. وهو ما يسرى على دورات أولمبية وبطولات كأس العالم لكرة القدم، والعديد من الأحداث الرياضية الدولية الكبرى. فالرياضة باختصار «رسالة حضارية فى مظروف رياضى» وقد تكون رسالة سياسية فى أحيان كما حدث فى دورة برلين الأولمبية عام 1936، أو كما حدث فى تنظيم إيطاليا لبطولة كأس العالم عام 1934؛ حيث كانتا بمثابة دعاية لنظام أدولف هتلر فى ألمانيا أو لنظام موسولينى فى إيطاليا. لكن الأمر أعمق بكثير جدا من مجرد كونها رسالة سياسية. والواقع أن المدن والدول التى تستقبل البطولات الرياضية الكبرى تبدو فى الأيام التى تسبق الحدث، تبدو مزدحمة ومبهجة وتزين شوارعها الأعلام وشعار الدورة أو البطولة، وفى الأغلب يختار هذا الشعار ليكون معبرا عن السلام ويوضح القيم الأخرى الموجودة فى الشجرة الرياضية والتى تعنى المنافسة والتسامح واللقاء، وحوار الحضارات والثقافات. أما التميمة فهى تقدم صورة لحيوان أو طائر تشتهر به الدولة، أو صورة تعبر عن تاريخها، وفى دورة أثينا الأولمبية كانت التميمة هى «فيفوس وأثينا» وهما طفل وطفلة على شكل دمية يونانية قديمة. وفيفوس هو ألهة النور والموسيقى وأثينا هى ألهة الحكمة والحماية لمدينة أثينا وهما يمثلان حلقة الوصل بين التاريخ اليونانى القديم والألعاب الأولمبية الحديثة.
** وتشهد المدن والدول التى تستضيف الأحداث الرياضية، كل مظاهر البهجة والسعادة بلقاءات الرياضيين والأبطال من دول العالم. وتكون المدينة والدولة سعيدة ترحب بضيوفها، وفى دورة أثينا الأولمبية كان الترحيب بكلمات قليلة تقول: «مرحبا بكم فى الوطن».. أى وطنكم ووطن الألعاب الأولمبية. وأيامها كانت اليونان تعيش حالة نشوة بعد فوز منتخبها لكرة القدم بكأس الأمم الأوروبية، وهو ما زاد من شعورهم الموروث بالفخر والغرور؛ حيث يقول الكاتب اليونانى نيكوس ديمو: «اليونان دولة صغيرة مغرورة بقدر كبير للغاية وشعبها مثقل بالتاريخ والأساطير»!
** الرياضة هى أجمل نشاط إنسانى، وأكبر حركة سلام عرفتها البشرية فى التاريخ، والدورات والأحداث الرياضية التى تستضيفها الدول رسالة حضارة وثقافة وتقدم وقوة ناعمة مذهلة ومؤثرة، كما حدث على سبيل المثال مع مونديال روسيا 2018؛ وكما حدث مع كأس الأمم الإفريقية 2019 التى نظمتها مصر.. وكما سيحدث مع كاس العالم لكرة اليد إن شاء الله..