بقلم - حسن المستكاوي
** أعود من إجازة قصيرة، بالعودة إلى كأس العالم.. فاجترار بعض الذكريات والأحداث الجميلة يمكن أن يخفف على الإنسان عبء العودة من الإجازة ولو قصرت جدا فى زمن باتت كل إجازاته قصيرة، نقضى نصف وقتها فى السيارة سفرا وذهابا وعودة!
** قبل أسبوع تقريبا نشرت صحيفة ديلى ميل نقلا عن شريط فيديو، ما قاله ديشامب مدرب منتخب فرنسا للاعبيه فيما بين شوطى المباراة النهائية.. وكان الفريق الفرنسى قد أنهى الشوط الأول متقدما على كرواتيا 2 / 1.. فماذا قال ديشامب؟
** قال: «نحن متقدمون.. وهم يعودون كما رأيتم.. إنهم شرسون.. هم يضغطون علينا ويمتلكون الكرة كثيرا.. وعليكم جميعا اللعب ببساطة كلما استطعتم.. وعندما نمتلك الكرة، ويضغط عليكم أحد لاعبى كرواتيا مدعوما بمساندة من أحد زملائه.. أسرعوا بتمرير الكرة إلى مبابى.. إنه يستحق أن نخدمه بصورة أكبر فى الشوط الثانى»!
** ثم وجه ديشامب كلامه إلى جريزمان وقال: «كن قريبا من المهاجمين.. نريدك قريبا كى نستعين بك حين نحتاج فى شن الهجوم المضاد.. وقال بوجبا مخاطبا زملاءه: «تسلحوا بالإيجابية». ثم ضرب رافائيل فاران الطاولة بيده وصاح: تشجعوا. سنفوز بكأس العالم. سنفوز باللقب بعد 45 دقيقة».
** وفى الشوط الثانى ذهبت الكرة كثيرا إلى كيليان مبابى.. وانفرد مرتين وكاد يسجل فى هجمات مرتدة أثناء اندفاع منتخب كرواتيا فى الهجوم أملا فى تحسن نتيجة المباراة. وأضافت فرنسا هدفين، وانتهى اللقاء بفوز كبير للبطل 4 / 2.. لكن فكرة اعتماد خطة الفرنسيين فى الشوط الثانى على تمرير الكرة إلى مبامبى تذكرنا بخطة منتخب مصر تحت قيادة كوبر، وهى الخطة الشهيرة: إرميها لصلاح.. وكانت تلك الخطة محل نقد من الجميع. لكن فى الواقع لم تكن خطة المنتخب الفرنسى طوال بطولة كأس العالم هى فقط إرميها لمبامبى.. وإنما كان ديشامب يمتلك أوراقا هجومية أخرى فى الفريق ويلعب بها على مدى البطولة. مثل جريزمان، وبوجبا وكانتى، وليمار ولوكاس هيرنانديز بجانب السماح للظهيرين بالتقدم عند الحاجة لتحقيق الزيادة العددية عند الضغط والهجوم.. إلا أن السلاح الفرنسى الأول والأقوى هو الهجوم المضاد اعتمادا على سرعة مبامبى ورفاقه من العدائين الفرنسيين.
** لقد ذكرنى أداء منتخب فرنسا فى بطولة كأس العالم بروسيا بأداء البرتغال نسبيا فى بطولة الأمم الأوروبية عام 2016 والتى توج بها المنتخب البرتغالى لأول مرة فى تاريخه.. فكان الأداء الفرنسى حريصا وحذرا ومباغتا أيضا، وبدا أن الفريق بشبابه الذين يشبهون الأطفال فى لعبهم مثل مبامبى، بسطاء جدا، لكنهم لم يكونوا بتلك البساطة، وقد تسلحوا بكثير من الدهاء. ومن المصادفات أن البرتغال فازت باللقب على حساب منتخب فرنسا فى المباراة النهائية. وخرجت صحف فرنسية مثل الإيكيب بعنوان يقول يومها: مسحوقون..!
** وفى بطولة أوروبا 2016 خرجت منتخبات رفيعة المستوى مثل ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا، وهو ما تكرر فى مونديال روسيا بخروج فرق كبرى مثل ألمانيا والبرازيل والارجنتين وإسبانيا ثم بلجيكا.. وبعد المباراة النهائية وتغلبهم على فرنسا أخذ لاعبو البرتغال يغنون ويهتفون وهم يحتفلون بطولتهم الكبرى الأولى فى تاريخ بلادهم: «كنا بسطاء كالحمام.. وحكماء كالحيات».. ربما هى نفس القصة مع فرنسا.. التى لعبت بفريق يلعب ببساطة وبدهاء الحيات أيضا!.
نقلا عن الشروق
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع