بقلم: حسن المستكاوي
** قبل أربعة أشهر تقريبا كنت أتابع حفل افتتاح كأس الأمم الإفريقية للمنتخبات الأولى، بعد دقائق قليلة، عبرت عن إعجابى بالمشهد من خلال حسابى على تويتر، فعلى غير طبيعتى لم أستطع الانتظار فقد كان الأداء المصرى رائعا ومبهرا ومواكبا للعصر. تكرر ذلك فى حفل افتتاح كأس الأمم الإفريقية تحت 23 سنة. إبهار وشياكة وبساطة. وعندما تجتمع البهجة مع البساطة تكون أمام عمل فنى جديد يستحق التقدير..
** عاصرت حفلات افتتاح لأحداث رياضية عالمية ومصرية عديدة. وكنا فى مصر قديما نتبع فلسفة الدول الأوروبية الشرقية فى مثل تلك الحفلات، حيث يكون التركيز على المجموعات وتحركاتهم بدقة وتناسق فى أرض الملعب، ويصاحب ذلك لوحات خلفية فى المدرجات تنتزع صيحات الإعجاب فى مقاعد الجماهير وهذا بعد أشهر من التدريب المتواصل، وكانت تلك هى السمة السائدة منذ النصف الثانى من القرن العشرين فى مصر وفى العالم..
** تغيرت الفلسفة. فى العالم وفى مصر أيضا. ولم يعد ما نملك عرضه فقط هو الحضارة الفرعونية، بقيمتها التاريخية المؤكدة، وإنما عندنا ما نعرضه بجوراها.. وصحيح مازالت الألعاب الأولمبية تشهد حفلة افتتاح طويلة نظرا لتقاليد طابور العرض، لكن الإيقاع تغير على الرغم من حرص المدن التى تستضيف الألعاب على تقديم ثقافتها وتاريخها وروحها. ولعل دورة أتلانتا فى 1996 سبقت بمزج التكنولوجيا بالثقافة والتاريخ..
** حفل افتتاح كأس الأمم الإفريقية تحت 23 سنة شهد تقديم فقرات غنائية واستعراضية بدأت بالفريق الغنائى «شارمفورز» ونسمة محجوب، ثم استخدام مكثف للألعاب النارية، مع مشاركة الجمهور بأضواء كشافات فى الخلفية. وإظلام كامل لمحيط أرض الملعب، للتركيز على صورة واحدة تجمع كل وسائل الإبهار والتكنولوجيا. وقد فرت شركة بريزنتيشن كل الأدوات والإمكانيات لخروج حفل بتلك الصورة، واستخدمت 13 كاميرا بالإضافة لاستخدام كاميرات طائرة..
** مثل تلك الحفلات تعد عرضا حضاريا وثقافيا للدول التى تنظم الأحداث الرياضية. إنها تمثل تصدير قدرة الدولة بناسها ورجالها وشبابها على عرض مهارتها وفنونها. فالرياضة قوة ناعمة تفوق كل وسائل الدعاية والترويج. إنها النشاط الذى يصل إلى الناس بسرعة البرق. ويكفى أن يرى الجميع هنا فى مصر كيف استقبل العالم وإفريقيا حفلتى افتتاح أمم الكبار وتحت 23 سنة. وبغض النظر حتى عن هذا الاستقبال والشهادات الأجنبية، الأهم هوكيف استقبلنا نحن بفخر وسعادة هذا النجاح الذى يقول أن «مصر الجديدة ».. جديدة وتتجدد فى شتى المجالات. وعملية التجديد تحتاج إلى وقت وإلى سنوات بعد عقود من توقفت فيها حركة اللحاق بالعصر فى بلادنا. بدت كأن الزمن هو الذى توقف عن الحركة. وسوف ترى الأجيال القادمة ما ظل جيلنا وجيل الأباء يحلم بتحقيقه وينتظره ولن ينعم برؤيته حلمه، فيما سيعوض ذلك أنه من أجل الابناء والأحفاد..
** أتحدث عن حفل الإفتتاح لأنه عنوان البطولة والتنظيم. ولأن وراء ذلك شباب وشركات ومؤسسات الدولة المصرية. أما كرة القدم فى البطولة فهى اقل من المتوقع حتى الأن، وربما بتأثير غياب أهم المهارات فى إنتظار توقيت الأجندة الدولية. وبالنسبة للمنتخب الأوليمبى الوطنى فقد عانى من الضغط فى الإفتتاح. ضغط عصبى وضغط لاعبى مالى. فلم ينعم لاعبنا براحة وهو يستلم الكرة ويستقبلها أو وهو يمررها، بسبب ضغط فردى وضغط جماعى. وفى الوقت نفسه لم تظهر فروق كبيرة بين غانا والكاميرون وبين زامبيا وجنوب إفريقيا، وبين نيجيريا وكوت ديفوار فهذه المنتخبات تملك كلها الأسلحة والمهارات نفسها.. فكانت النتيجة هى التعادل فى القوى.. عفوا فى منتصف القوى!
وقد يهمك أيضًا:
منتخبان ومباراتان وهدفان!
هل هى لعبة أبناء الحى فى الشارع؟!