بقلم: حسن المستكاوي
** منذ عقود أخذت الكثير من الصحف الأجنبية تمنح لاعبى كرة القدم درجات على الأداء عقب المباريات، فعلت ذلك الصحف الفرنسية، والإنجليزية والإسبانية، وغيرها. وكان الأستاذ نجيب المستكاوى رائدا فى ذلك بصحيفة الأهرام، واعتبر أن فكرة الدرجات يمكن أن ترفع من نسبة قراءة صفحة الرياضة بالجريدة الأعرق فى الشرق الأوسط، والأكثر انتشارا عندما كانت الجريدة الورقية تساوى الراديو والتليفزيون والتليفون المحمول بأخبارها وتقاريرها.. وكانت مقالات الأب والأستاذ تقرأ من أسفل إلى أعلى، أى يبدأها القارئ بالدرجات ثم إلى العناوين والوصف والتعليق.
** فى أيام الشباب كان يتصل بى أحيانا نجوم كرة القدم فى مصر للسؤال عن درجاتهم التى ستصدر مع الأهرام فى اليوم التالى (شىء مماثل لمعرفة نتيجة امتحان قبل إعلان النتيجة).. وكنت أعرف الدرجة وأفاوض الأب والاستاذ لزيادة درجة لاعب قليلا لأنها أقل مما يستحق وكان يرفض، فما منحه من درجات هو رأيه فى مستوى الأداء.. وكانت المشكلة بجد كيف أبلغ لاعبا بأن درجته صفرا؟!
** كثير من نجوم الكرة المصرية حصلوا على الدرجة النهائية فى بعض المباريات، الكباتن، طه اسماعيل، وعلى أبو جريشة، ورفعت الفناجيلى وحمادة إمام، ورفاعى، وأحمد مصطفى، وأبورجيلة، وغيرهم. وكثيرون حصلوا على الصفر. وأذكر أن جناح الأهلى عوضين، حصل فى يوم من الايام على درجة «صفرين» وفسرها الاستاذ بأنه كان دون المستوى، ولذلك فكل عوض استحق صفرا.
** فى تلك الايام كان المجتمع يتحمل المداعبة والنقد حتى لو كان قاسيا، وكان اللاعبون مثل أهل الفن والأدب والثقافة والسينما يقدرون المواهب، ويعلمون أن هناك منهم من يحتل المركز الأول، وهناك من يحتل المركزين الثانى والثالث. بينما وصل حال مجتمعنا الآن إلى أنه يرى نفسه كله من الأوائل، فلا ثوان، ولا تجد من يعترف أنه يأتى فى المركز الثانى. وإن وجد فهو أمر نادر وشخص نادر. لكن من أشهر وقائع الدرجات أن الاستاذ نجيب المستكاوى كتب قبل مباراة الأهلى مع بنفيكا البرتغالى، فى الأول من يونيو عام 1962، ناصحا عادل هيكل حارس مرمى الأهلى، بإصطحاب عداد لإحصاء الأهداف التى ستهز شباكه. وكان بنفيكا هو بطل أوروبا الذى فاز على ريال مدريد الأسبانى 5 /3 الذى احتكر هذه البطولة خمس سنوات متتالية.. فماذا يفعل الأهلى مع بطل أوروبا ؟
** حصل بنفيكا على 28 الف و خمسمائة دولار بالإضافة إلى مصاريف السفر والإقامة. وكانت المفاجأة أن الأهلى أبدع، وهزم بطل أوروبا 3/2، وفى يوم المباراة تألق عادل هيكل وحصل على الدرجة النهائية 10 من عشرة. وشارك فريق الأهلى يومها بدوى عبدالفتاح لاعب الترسانة، ومحمد بدوى لاعب المصرى، وسجل عبدالفتاح هدفين والشيخ طه اسماعيل هدفا.. لكن المهم أن عادل هيكل حصل على الدرجة النهائية تقديرا لمهارته فى حماية مرمى الفريق.. وكم كان الكابتن عادل هيكل رحمه الله سعيدا بهذه الدرجة..
** كنت قريبا بظروف النشأة من نجوم الكرة المصرية فى الأهلى والزمالك والاسماعيلى والاتحاد والمصرى والسويس والمحلة وغيرهم، وكانوا يداعبون بعضهم البعض عقب صدور الدرجات، بتبادل كلمات: «ساقط..ناجح.. مبروك. عقبال الماتش الجاى؟»
** لكن على أى أساس تقدر درجة لاعب؟
** هذا مقال آخر إن شاء الله