بقلم: حسن المستكاوي
** الذين يسألون أين أنت من العنصرية والتعصب، ولماذا لا تشجب أهديهم إجابتى، مجرد مقتطفات من مقال قديم نُشر عام 2009، قبل كارثة ضحايا عام 2011 حيث قلت: «تحذيرات من كارثة، ورعب من سقوط ضحايا، إنها لغة لا تصدق عند الحديث عن مباراة لكرة القدم، تلك اللعبة التى يستمتع بها الناس، إنها مباراة فى كرة القدم، وأذكركم أن الرياضة جمال وترويح، وأن سلوك اللاعبين بالملعب سيكون له تأثيره البالغ على الجماهير.. فأى إشارة سلبية للحكم ستعنى أنها نداء للغضب والثورة فى المدرجات.. أرجوكم تعلموا شيئا من مباريات الغرب فى العالم الآخر.. تعلموا أن نصفق للأداء، ونهنئ الفائز، ونوجه التحية إلى المكسور.. أرجوكم اغمرونا بروحكم الرياضية الجميلة.. وأعطونا بصيص أمل فى أنه هناك أمل».
** أعرف نتيجة هذا الرجاء، كما أعرف نتيجة النصائح التى تلقى على الناس من نوع القيادة فن، رجاء لا تستخدم آلة التنبيه، لا تسرع وعد إلى أسرتك سالما، والعمل واجب وعبادة، وحب لأخيك ما تحبه لنفسك، وابتسم عند الهزيمة، ولذلك أشعر بأن تلك كلمات رجل ما زال يرتدى الطربوش ويقف وسط مدرج ثائر به مائة ألف متفرج!»
** كان ذلك واحدا ضمن عشرات المقالات والنداءات التى مارستها، ولم تكن هناك فائدة. فالقانون هو الحل. وقوة الحساب هى الحل حتى لو كان قاسيا. والقانون أعنى به إحترام النظام، وأعنى به أن يصبح سلوكا. وأذكر هنا أنى كنت من رواد مترو الأنفاق لسنوات طويلة. وكان النظام رائعا حتى أننى فى أحد البرامج الإذاعية طالبت وزير الداخلية عبدالحليم موسى فى فترة من الفترات أن يكون قانون «فوق الأرض» مطبقا كما هو يطبق «تحت الأرض» وكنت أقصد المترو.
** فى محطة الإسعاف. ألقى مواطن بورقة على رصيف المحطة. زعق عليه شرطى: «تعال هنا.. شيل الورقة وضعها فى صندوق القمامة».. رد المواطن: حاضر. وحمل الورقة وتوجه بها إلى صندوق القمامة، ثم بدا أنه على وشك المغادرة. فصاح الشرطى: «تعال يا مواطن.. رياح فين».. وقام بتحرير مخالفة له ليدفع غرامة. وقد ظل المترو ورواده لسنوات يعيشون النظام. فلا تدخين، ولا أوراق تلقى، ولا قمامة، ولا باعة جائلين، ولا سلوك خارج.
** هذا هو النظام الذى يفرضه القانون ويجعله عادة وأسلوب حياة. وهذا هو ما نرجوه فى ملاعبنا وفى ممارستنا للرياضة. فيحساب كل لاعب ومدرب وإدارى يتجاوز فى حق اللعبة وفى حق الحكم. ويكون الحساب عاجلا وعادلا يطبق على الجميع. نجوم الفرق الكبرى ونجوم الفرق الصغيرة. وإذا كان اتحاد الكرة قد فرض عزف النشيد الوطنى قبيل المباريات فلماذا لا يفرض على الفريقين المصافحة بعد المباراة بغض النظر عن الفوز والهزيمة. فهذا سوف يعلم لاعبينا سلوكا يجب أن يكون مشهدا دائما وإيجابيا كإحدى وسائل تخفيف الاحتقان.
** حلول مواجهة الفوضى تكون خارج الصندوق.. وتكون بالعدل وبالمساواة.. فعندما حذرت من كارثة عام 2009، وقد وقعت كارثة وكارثتان بعدها، لم يكن التحذير جديدا، إذ سبق وحذرت عشرات المرات منذ نهاية تسعينيات القرن الماضى. وبسبب غياب القانون واللوائح الحاسمة، تحولت كرة الثلج التى تكبر وهى تهبط من فوق التل إلى كرة نار، كلها غل وكراهية واحتقان..!