بقلم: حسن المستكاوي
أتعامل مع كرة القدم بجد، وبعمق. وأراها أكبر من لعبة، وأن شعبيتها الهائلة تعود إلى ما وراء الملعب. وهى ليست بتلك التفاهات التى انتشرت، وكذلك هى ليست بتلك التخاريف التى شاعت. وكثير من كتاب الأدب والثقافة لهم أعمال إبداعية قصصية تدور حول كرة القدم أو الرياضة. والسينما العالمية أنتجت مئات الأفلام العامرة بقصص البطولة والأبطال فى سياق إنسانى جميل، بينما نحن فى السينما المصرية أنتجنا أفلاما مثل 4/2/4.. رجل فقد عقله، وغريب فى بيتى، وغيرها من تلك النوعية التى ترسم لاعبا يرواغ فريقا كاملا ويسجل ستة أهداف فى مباراة، فى تصدير ساذج لفكرة النجم والبطل.
** كرة القدم ليست هى ما شاهدناه فى أفلام السينما، وإنما هى فى روايات وكتب أدبية رفيعة، مثل جنون المستديرة، لخوان بيورو، وكرة القدم بين الشمس والظل، لإداوردو جاليانو، وكرة القدم على الطريقة البرازيلية لإليكس بيلوس، وكرة القدم تاريخ ثقافى لكلاوس تسايرنجر، وغيرها من الكتاب العميقة واللطيفة التى تقول شيئا مهما عن لعبة مهمة بجانب العديد من المقالات العميقة التى ترى هذه الرياضة من زواية فى غاية الأهمية مثل مقالات الكاتب د. عمار على حسن فى المصرى اليوم بعنوان: «كرة القدم كراية وطنية.. الجوانب الثقافية والسياسية للساحرة المستديرة».
** الروائى المغربى عبدالكريم الجويطى، يقول عن كرة القدم إنها هى التجسيد الأسمى لدراما الحياة، فإذا كانت كرة القدم قد أصبحت الرياضة الأولى عالميا ولا يمكن لأى رياضة أن تنافسها، فذلك لأن هذه الرياضة تخاطب شيئا عميقا فى الإنسان، فهى الرياضة الوحيدة التى يمكن أن تحرك فى الإنسان غرائزه البدائية وهناك عدة عناصر تجعل لكرة القدم هذه الحظوة فى الدراما العالمية والعربية، نتيجة هذه التراجيديات التى نجدها فى بعض المقابلات.
** ويضيف عبدالكريم الجويطى: كرة القدم فى نهاية المطاف هى الحياة وإذا تأملنا مشهد الملعب سنجد فريقين يجرون وراء الكرة ونجد المرمى وجمهورا متحمسا، أليست كرة القدم فى نهاية المطاف هى السلوك البدائى لعملية الصيد، تماما كما يفعل بعض الصيادين الذين يدفعون الطريدة للدخول إلى الشباك.. واللاعبون هم الصيادون والكرة هى تلك الطريدة.
** بالفعل تكشف كرة القدم غريزة قديمة فى الإنسان، حيث كان الرجل يخرج لمطاردة الصيد من أجل الطعام والملابس، ومن مشاهد الحاضر أن الولد الصغير يبحث عن كرة يركلها ويجرى خلفها بينما البنت الصغيرة تهتم أكثر بعروسة تداعبها، حتى ولو كانت الأن تلعب الكرة وتطاردها مثل الرجل حين تكبر.
** أدرك بعض السفهاء، وبعض الأدعياء، وبعض النصابين، أن شعبية كرة القدم وهوس الناس بها يجب أن تستغل.. فكانت من البدع العجيبة قصة الإخطبوط بول، خبير كأس العالم فى بطولة جنوب إفريقيا 2010، حين كان العالم يستيقظ على اختيارات الأخطبوط للفريق الفائز. وقد تكررت البدعة فيما بعد بالناقة شاهين، وبالسحلفاة البحرية بيج هيد، والفيل نيللى، والباندا ميمى، وكنت تساءلت منذ سنوات: هل يوجد حيوان قادر على توقع النتيجة بالضبط؟.. هل هناك حيوان توقع أن تكتسح هولندا الفريق الإسبانى وتدفن التيكى تاكا بخمسة. وما هو الحيوان الذى توقع فوز كوستاريكا على أوروجواى، والحيوان الذى توقع فوز ألمانيا على البرتغال بأربعة أهداف.. وهل هناك حمار خبير لا أعرفه توقع أن تهزم ألمانيا منتخب البرازيل بسبعة أهداف فى مونديال 2014 ؟! وما هو الحيوان الذى توقع فوز بايرن ميونيخ على برشلونة بثمانية أهداف.. وهل لو أشار الحمار بتلك النتيجة كان يمكن أن يصدقه إنسان أم أنه رزق الهبل على مجانين كرة القدم وخلاص؟!