الأداء أفضل مما سبق فى أربع مباريات ودية.. وأقل مما ننتظر فى لقاءات المجموعة الرسمية..!
قياسا بمباراة كولومبيا التى لعبنا فيها كما نلعب فى كرة اليد على الدائرة فى موقف الدفاع، كان للمنتخب شكل هجومى أفضل أمام بلجيكا. ويمكن رؤية ذلك فى طلعات عبدالشافى وتقدمه، وهو لم يكن يفعل ذلك كثيرا فى مباريات سابقة.. وحين أشير إلى أن الأداء أفضل، فلا يعنى ذلك أنه جيد. ولكنه أفضل مقارنة بما سبقه، وعلى أى حال أذكر الجميع، أننى قلت كثيرا قبل التأهل للمونديال وبعد التأهل للمونديال: «مش مهم الوصول لكأس العالم.. المهم هانعمل إيه فى كأس العالم»؟ وكان ذلك فى برامج تليفزيونية، وفى مقالات.. وأذكر أنه فى عز «هوجة» الفرحة بكأس الأمم الإفريقية وأثناء البطولة، أشرت إلى تعجب مدربى إفريقيا من استمرار المنتخب فى البطولة، وأيامها وصفت الفريق بأنه منتخب المناضلين، وقلت: ولكن النضال وحده لا يكفى..!
بداية هذا وقت المؤازرة والمساندة وإبداء الرأى بهدف الإصلاح والتشجيع وليس الهدم ونثر الإحباط بالتجريح والإساءات.. نعم إن القضية بالنسبة للمشجع مختلفة. ومعه حق. هو يريد الفوز ويريد الأداء الجيد، ويحبط حين لا يحقق المنتخب الحد الأدنى. لكن بالنسبة للناقد والمحلل لابد من نظرة أهدأ وأعمق قليلا. خاصة أن الوقت لم يعد يسمح بتغيير ولا بتعديل فى التشكيل، وربما لو سمح الوقت فإننا ننصح بضم لاعب مهاجم صريح وسريع بجانب مروان محسن..
ماذا جرى أمام بلجيكا؟
3 لعبات تختصر ماجرى، وربما تختصر الفارق بين كرتنا والكرة الأوروبية.. وبالتالى بين المنتخب وبين بلجيكا..
اللعبة الأولى: حين استغل ميرتينز تباطؤ أحمد فتحى فى الدقيقة 38 فى إبعاد الكرة (فى ترسيخ لثقافة اللاعب المصرى بعدم لعب السهل!) ، ليمررها عرضية زاحفة من الناحية اليسرى إلى هازارد، الخالى من الرقابة، الذى سدد مباشرة من داخل المنطقة على يمين الحضرى.
اللعبة الثانية: حين أهدر رمضان صبحى فرصة تهديف فى الدقيقة 65، عندما تلقى تمريرة بينية انفرد على إثرها بالمرمى، لكنه تباطأ فى التسديد، واراد أن يلم المدافع البلجيكى مرة أخرى (فى ترسيخ لثقافة اللاعب المصرى فى تأثره بإغراء المراوغة بلامبرر) !.
اللعبة الثالثة: فى الدقيقة الثانية من الوقت المحتسب بدلا من الضائع للشوط الثانى، عندما انطلق باتشوايى بالكرة من الناحية اليمنى مراوغا على جبر بمهارة، قبل أن يرسل تمريرة عرضية زاحفة إلى فيلاينى، الخالى من الرقابة، الذى وضع الكرة بكل سهولة فى المرمى الخالى (فى ترسيخ لأخطاء دفاعية بسبب البطء وضعف السرعة والرشاقة، ونقص القوة البدنية) !.
اللعبات الثلاث مجرد عناوين وبينهم عشرات اللعبات الأخرى. لكن تلك اللعبات الثلاث كانت بمثابة 3 دقات، تدق ناقوس الحقيقة، وتكشف فروقا أساسية بين كرتنا وكرة الأوروبيين. وقلنا ألف مرة أن السرعة أهم مهارة، ومعها الخفة والرشاقة واللياقة. والفهم الخاطئ لبعض لاعبى المنتخب لعنصر القوة، باستخلاص الكرة من الخصم بالعنف. بينما القوة شىء آخر. وذلك على مستوى اللاعب الفرد. ثم تأتى المهارات الجماعية الأخرى.
هناك أخطاء معروفة لكوبر وأشرنا إليها كثيرا حرصا منا على المنتخب. ومنها الطريقة الدفاعية، وترسيخ مفهوم للاعبين أنهم أقل من منافسيهم. سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة.. وعدم تطوير الهجوم والتدريب على ذلك حتى لا يكون الهجوم مفاجأة تفتح الدفاع. وقلنا ألف مرة أيضا لا يوجد فى كرة القدم على مستوى كأس العالم ما يسمى بدفاع فقط أو هجوم فقط.. ولكن يوجد الأداء الجماعى، والمهام المزدوجة على اللاعبين. لكن من أخطاء كوبر التردد فى تسمية من يحرس المرمى. وكان لابد الوقوف على حارس أساسى حتى يفوز بالثقة. وهى مفقودة بسبب هذا التردد.
من الأخطاء منطق تجربة لاعبين لدقائق. أو رسم فكرة عن لاعبين دون تجربتهم بجدية، للوقوف على مدى قدراتهم على التوافق مع خطط المدرب وأفكاره، ومن هؤلاء حسين الشحات والسولية، وصلاح محسن، ولاسيما فيما يتعلق بالسرعات.. فهل لا يدرك كوبر أن السرعة مهارة يصعب هزيمتها؟!
دون شك كان إشراك تريزيجيه نقطة تحول. وكان عبدالشافى جيدا، ومهاجما على غير العادة مع المنتخب. والننى كان إضافة لكنه وحده فى الوسط. وعبدالله السعيد مع الأهلى أفضل كثيرا مما هو عليه مع المنتخب، لاختلاف الموقع والطريقة والزملاء.
ورمضان صبحى عليه أن يتخلص من كرة «اللف والدوران».. وفتحى وطارق حامد عليهما فهم الفارق بين القوة وبين العنف.
والفارق بين الروح القتالية، وبين الاندفاع. والفريق كله عليه أن يفهم أهمية الاستحواذ، وكيف يساعد على الثقة.. لكن كى تملك القدرة على الاستحواذ لابد أن تكون قادرا بدنيا، فيتحرك كل لاعب لايملك الكرة تحت قدميه..
نحن نتحدث فى بديهيات وقد فات وقتها.. ومن واقع المسئولية كنا نحذر مبكرا مما سنراه لأن الفارق كبير جدا بين كأس العالم وكأس إفريقيا وبين الاثنين وبين الدورى المحلى.. لكن تجارب السنين علمتنا أن لاعبينا يمكنهم تقديم أفضل ما عندهم بالمساندة، وأنهم قد يعجزون عن تقديم الأفضل بسبب ضغوط تلك المساندة.. وهى ظاهرة أننا فريق، ومجتمع أيضا يفعل الحاجة، ويفعل عكس الحاجة أيضا..
نسأل الله التوفيق للفريق فى المونديال.. وأن يكون قادرا على فعل الحاجة وليس عكسها فى روسيا..!
نقلا عن الشروق
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع